يتملك القلق كبار المنظمين الماليين الأميركيين من أن تغير المناخ يمكن أن يهدد الأسواق المالية العالمية. وقال روستن بيهنام Rostin Behnam المفوض لدى مفوضية المتاجرة المستقبلية بالسلع - كوموديتي فيوتشرز تريدينغ كوميشن Commodity Futures Trading Commission (CFTC) إن النظام المالي عرضة للخطر من تكرار وشدة العواصف.

وذكر بيهنام في اجتماع كوموديتي فيوتشرز تريدنغ كومشن الاربعاء الماضي أن «تغير المناخ يؤثر على كل نواحي الاقتصاد الاميركي، من الانتاج الزراعي الى التصنيع التجاري وبالتالي يؤثر على تمويل كل خطوة في كل عملية استثمارية».

Ad

وأضاف» «وبينما تأخذ معظم أسواق العالم ومنظموها خطوات نحو تقييم وتخفيف الأخطار الحالية والمحتملة لتغير المناخ، يتعين علينا في الولايات المتحدة أن نطالب أيضاً بأن تقوم بذلك كافة المستويات بما فيها هذه المفوضية»، لافتاً إلى أن «أسواق السلع لدينا إضافة الى الأسواق المالية التي تدعمها سوف تعاني إذا لم نتخذ اجراء لتخفيف خطر العدوى».

هذه الرسالة ليست بالضرورة جديدة، لكنها مهمة نظراً لأنها تأتي من (CFTC) التي تحظى بمكانة عالية، اضافة الى حقيقة أن بيهنام قد عين في المفوضية المشار اليها من جانب الرئيس دونالد ترامب، رغم أن هذا المنصب الشاغر بموجب القانون الذي ملأه بيهنام كان ينبغي أن يكون من نصيب الديمقراطيين. وسوف يساعد بيهنام على إقامة لجنة من الخبراء لدراسة أخطار تغير المناخ على النظام المالي.

وقال بينهام، في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، إنه إذا أحدث تغير المناخ المزيد من الكوارث المتكررة وأزمات الطقس الحادة «فإننا سوف نشهد سيناريو تكون فيه مصادر التمويل الكبرى للمنتجات المالية – مثل الرهن العقاري، والتأمين المنزلي، وصناديق التقاعد – في وضع لا يمكنها معه النأي بمحافظها عن المخاطر، ومن الواضح تماماً أن تغير المناخ يشكل خطراً مالياً على استقرار النظام المالي».

وذكر أن العالم قد دفع 160 مليار دولار من التكاليف في السنة الماضية بسبب الكوارث الطبيعية. وفي الآونة الأخيرة واجه الغرب الأوسط الأميركي تداعيات مناخية أجهزت على مزارع أميركية، وهي من قبيل الكوارث التي يتوقع أن تتكرر مستقبلاً بقدر أكبر.

وبدأت جهات التنظيم المالية إيلاء اهتمام أكبر لخطر تغير المناخ. وشكل تجمع عالمي من حوالي 40 مصرفاً مركزياً شبكة تدعى «شبكة تخضير النظام المالي»، وهي مبادرة تهدف إلى «إدارة المخاطر وحشد رأس المال اللازم لتمويل استثمارات صديقة للبيئة ومنخفضة الكربون».

وإذا شكل تغير المناخ تهديداً للنظام المالي العالمي فإن من المحتم عندئذٍ أن تستعد البنوك المركزية لمثل هذه الأخطار. وتدرك مجموعة «شبكة تخضير النظام المالي» وجود خطر قوي في ألا ينعكس الخطر المالي المتعلق بالمناخ بصورة تامة في قيم الأصول بحسب ما قاله تقرير أصدرته الشبكة في أبريل الماضي.

وقال رئيس الشبكة فرانك الديرسون Frank Elderson في التقرير إن «الانتقال الى اقتصادٍ صديقٍ للبيئة ومنخفض الكربون ليس سمة مرغوبة بالنسبة إلى القلة السعيدة. فهو حيوي بالنسبة إلى بقائنا وليس ثمة بديل».

وفي شهر مارس أطلق مجلس الاحتياط الفدرالي في سان فرانسيسكو جرس الانذار ملاحظاً أن الأخطار الواسعة الانتشار تشمل مختلف الصناعات.

وقال إن «هذه الأخطار تشمل خسائر القروض المحتملة في البنوك والناجمة عن خسائر الشركات والافلاسات التي تتسبب بها العواصف والجفاف والحرائق وغيرها من الأحداث العنيفة بحسب مجلس الاحتياط الفدرالي في سان فرانسيسكو.

وذكر أن «هناك أيضاً أخطاراً تتمثل في الانتقال المرتبط بالانتقال والتحول الى اقتصاد متدني الكربون مثل الخسائر المتوقعة في قيمة الأصول أو الشركات التي تعتمد على الوقود الاحفوري».

وتلك النقطة الأخيرة تمثل مصدر جدل بدأ يكتسب مصداقية وزخما في صناعة الطاقة. ومصدر الجدل في أن صناعة النفط والغاز ربما تكون قد رفعت من التقييمات بشأن كميات كبيرة من الاحتياطيات المدرجة في سجلاتها قد تكون استخرجت أو أحرقت. وسوف ندخل متاهة أصول مفقودة وربما تكون شركات النفط والغاز هذه تساوي جزءاً فقط مما يتم تداوله عن قيمتها في الوقت الراهن إذا تبين حدوث هذه التوقعات.

ولاحظ ديفيد فيكلينغ David Fickling من بلومبيرغ أوبينيون Bloomberg Opinion في الآونة الأخيرة أن شركة عملاقة مثل رويال داتش شل Royal Dutch Shell لا توافق على هذا التوجه لشركات النفط أي محاولة تعويض كل برميل من النفط يتم استخراجه. وبدلاً من ذلك تبدو شركة شل مقتنعة بأن تترك احتياطياتها النفطية تتقلص، وذلك في استراتيجية جلية للبدء بالاستعداد لمستقبل منخفض الكربون. وتعمل شركة شل على الاستثمار في توليد الطاقة المتجددة.

ولكن الخطر لا يقتصر على شركات النفط والغاز، ذلك أن الشركات المالية قد تواجه انكشافاً مالياً مرتبطاً بكوارث المناخ، وذلك من خلال قروضها الى شركات متأثرة بهذه الكوارث أو رهونات عقارية في المناطق الساحلية وفقاً لتحذير مجلس الاحتياط الفدرالي في سان فرانسيسكو.

وإذا اتسع هذا الانكشاف بصورة واسعة ليشمل الصناعات المختلفة فإن النتيجة المتمثلة في أخطار قائمة على المناخ يمكن أن تهدد استقرار النظام المالي العالمي ككل وهي تشكل مصادر قلق حقيقة. وفي نهاية المطاف ستهدد أخطار المناخ الاقتصاد برمته «من خلال اتساع حجم الائتمان وتوفير مخصصات ديون مفقودة أكبر بما يفضي الى أزمة مالية كبرى».

* نيك كانينغهام – أويل برايس