عاش الأمير بوذا في القرن الخامس قبل الميلاد بشمال شرقي الهند، كان والده ملكاً حاكماً، فشبّ هو أميراً مترفاً في كنف والده، فلم يعرف من الحياة أي شكل من أشكال المشقة أو المعاناة، ولولا هجره وهو في ريعان شبابه لحياة الرغد والنعيم والراحة التي كان يحياها، وتكريس نفسه لحياة التقشف والخشونة والتأمل، ومن ثمّ تصريحه ونشره آراءه وأفكاره، لربما أصبح ملكاً كأبيه وجده، لكن شهوة الكلام وادعاءات الحكمة في سنّ معيّنة قد تكون أحياناً أكثر إغراءً من كرسي الحكم، واستمر في ذلك إلى أن توفي بعمر الثمانين دون أن يتسلّم حكم مملكة والده بالطبع، تاركاً وراءه الملايين - من الأتباع طبعاً - المنتشرين في شتى أصقاع الأرض.

لا يمكن القول بأن بوذا قد أنشأ ديناً جديداً، فهو لم يدعُ إلى عبادة إله معيّن، إلا أن هناك من ظن أن بوذا إله فعبده، إنما يمكن القول بأن البوذية مذهب وسط، أقل من دين وأكثر من فلسفة، عمادها التأمل في الكون والزهد والتجرد من الأنانية والشهوات للوصول إلى الفناء التام أو "النرفانا"، وهي بذلك قد تلتقي مع الصوفية في بعض النقاط.

Ad

يحذّر بوذا من عشر خطايا تفسد الناس، ثلاث منها تصيب الجسد، هي القتل والسرقة والزنى، وأربع في اللسان، هي الكذب والافتراء والشتم والكلام الباطل، وثلاث أخيرات تصيب الفكر، هي الطمع والبغض والضلال.

ومن المفارقات أن بوذا، الذي كان يدعو إلى الاعتدال وضبط النفس والزهد والسمو فوق الرغبات، كان يبدو في كثير من صوره وتماثيله سميناً ضخم الجثة يزن مئات الكيلوغرامات!