التقى القائد العسكري الإيراني الأكثر بروزاً أخيراً ميليشيات عراقية في بغداد وطلب منها "الاستعداد لحرب بالوكالة"، حسبما علمت صحيفة الغارديان.

فذكر مصدران استخباراتيان رئيسان أن قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني القوي، استدعى الميليشيات التابعة لنفوذ إيران قبل ثلاثة أسابيع عندما سادت المنطقة حالة من التوتر الشديد، ومن الطبيعي أن تثير هذه الخطوة لحشد حلفاء إيران الإقليميين خوف الولايات المتحدة من أن مصالح واشنطن في الشرق الأوسط تواجه خطراً ملحاً، كذلك رفعت المملكة المتحدة معدلات الخطر التي يواجهها الجنود البريطانيون في العراق.

Ad

صحيح أن سليماني اعتاد خلال السنوات الخمس الماضية أن يلتقي بانتظام قادة الكثير من المجموعات الشيعية في العراق، إلا أن طبيعة هذا التجمع ولهجته بدتا مختلفتين، فقد أشار أحد المصدرين: "لم يكن دعوة إلى حمل السلاح، إلا أنه لم يكن أيضاً بعيداً كثيراً عنها".

قاد هذا الاجتماع إلى موجة من النشاط الدبلوماسي بين الولايات المتحدة، وبريطانيا، والمسؤولين العراقيين الذين سعوا إلى استبعاد طيف من الصدامات بين طهران وواشنطن وباتوا يخافون اليوم من أن يتحول العراق إلى ساحة صراع.

رفعت الولايات المتحدة الصوت بشأن نشاط المجموعات التابعة لإيران في الشرق الأوسط. على سبيل المثال، اعتبر دونالد ترامب هذا الشهر حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وهي مجموعة يُصنّفها الغرب إسلامية وتمولها إيران وحزب الله اللبناني، مسؤولة جزئياً عن وابل الصواريخ الذي أُطلق من غزة على إسرائيل.

بالإضافة إلى ذلك، شكّلت المخاوف من نشوء ممر بري تديره إيران بعد الحرب ضد داعش، التي أدت فيها الميليشيات الشيعية دوراً بارزاً، محوراً بارزاً في القلق من أن تقود المناورات الإقليمية إلى تخريب العراق وسورية بعد الحرب.

شغل احتمال أن تخرج إيران أكثر جرأة من القتال ضد داعش النقاشات الأخيرة بين صقور دونالد ترامب المتشددين، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، ووزير الخارجية مايك بومبيو، علماً أنهما أديا كلاهما دوراً رئيساً في تصعيد برنامج العقوبات الأميركي وتخلي واشنطن عن صفقة نووية دولية وقعتها إيران مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

لا تزال إدارة ترامب تخشى الميليشيات العراقية. صحيح أنهما قادتا معاً القتال ضد داعش، إلا أن هذه المجموعات اندمجت ببنية الدولة العراقية وصارت تشبه إلى حد كبير حرس الثورة في إيران. قد تحتوي هذه الميليشيات على وحدات سنية، ومسيحية، وإيزيدية، بيد أنها شيعية بمعظمها. وتنعم المجموعات الأقوى بينها برعاية مباشرة من إيران.

يعرب وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، على ما يبدو، عن تأييد المملكة المتحدة لادعاءات الولايات المتحدة عن أن مستوى الخطر الذي تشكّله طهران قد تبدّل، فقد أكّد عبر تويتر: "ندعم التقييم ذاته لتفاقم الخطر الذي تمثله إيران. وكالعادة، نعمل عن كثب مع الولايات المتحدة الأميركية".

ولكن في مطلع هذا الأسبوع، تحدى جنرال بريطاني ادعاءات إدارة ترامب عن أن إيران تمثل خطراً وشيكاً، مما تسبب بانقسام علني نادر بين هذين البلدين، اللذين تعرض ائتلافهما أحياناً لامتحان قاسٍ بسبب طبيعة سياسة ترامب الإقليمية العشوائية.

رغم ذلك، يتضح أن المملكة المتحدة تؤدي دوراً محورياً في المخاوف التي أُثيرت أخيراً وفي الجهود الرامية إلى التخفيف من توتر أزمة تمارس فيها الولايات المتحدة استراتيجية "الضغط الأقصى" على إيران، ويتعهد فيها المسؤولون الإيرانيون بالدفاع عن مصالحهم في وجه العقوبات المشددة وحصار النفط الذي ينهش بعنف خزائن طهران.

أخبر سفير طهران إلى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي شبكة الإذاعة الوطنية العامة الأميركية أن إيران لم تشأ تصعيد التوتر الإقليمي، إلا أنها "تملك الحق بالدفاع عن نفسها".

وأمرت الولايات المتحدة مجموعة مقاتلة بحرية وسرباً من راميات القنابل من طراز بي-52 بالتوجه إلى المنطقة رداً على الخطر المتفاقم في الظاهر، وفي الوقت عينه، في اليمن حيث دخلت الحرب التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد قوات الحوثيين المتحالفة مع إيران سنتها الخامسة، أدت الغارات الجوية التي نُفذت باكراً في الصباح إلى مقتل ستة أشخاص، أربعة منهم من الأولاد، وفق مسؤول في وزارة الصحة.

* مارتن تشولوف

* «الغارديان»