حتى الآن تم قياس التحول الذي حصل في ليفربول وتوتنهام تحت قيادة الألماني يورغن كلوب والأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو بالتقدم عوضا عن الألقاب، لكن هذا الأمر سيتغير بعد غد حين يلتقي الفريقان الإنكليزيان في نهائي دوري أبطال أوروبا بحثا عن لقب أول لكل مدرب منهما مع فريقه.

لم يفز كلوب بأي لقب منذ وصوله الى ملعب "أنفيلد" في أكتوبر 2015، في حين ما زال بوكيتينو يبحث عن لقبه الأول على الإطلاق كمدرب وليس فقط مع توتنهام، الذي يشرف عليه منذ 2014.

Ad

ومع ذلك، فنجاح كلوب وبوكيتينو في فرض نفسهما بين أفضل المدربين في كرة القدم العالمية، يشكل دليلا على أن المدرب الجيد لا يقاس فقط بالألقاب التي كانت قريبة جدا من المدرب الألماني في مناسبات عدة، لكنه خسر في المباريات النهائية الثلاث التي خاضها مع "الحمر" ضد مانشستر سيتي بركلات الترجيح في كأس الرابطة، وإشبيلية الإسباني في "يوروبا ليغ" خلال موسمه الأول عام 2016، وصولا الى نهائي دوري الأبطال العام الماضي حين سقط أمام المتمرس ريال مدريد الإسباني.

السقوط في العقبة الأخيرة مرة أخرى، سيزيد من مشاعر الأسى عند جماهير ليفربول الذي كان هذا الموسم قاب قوسين أو أدنى من إحراز لقب الدوري الإنكليزي للمرة الأولى منذ 1990، وجمع رقما قياسيا من النقاط (97)، لكن مانشستر سيتي حسم اللقب في المرحلة الأخيرة.

رؤية كلوب كانت واضحة منذ اليوم الأول مع ليفربول، إذ قال "إذا بقيت هنا لأربعة أعوام، فأنا واثق بأننا سنحصل (أقله) على لقب واحد".

فرصة أخيرة لكلوب

كان انطباع المدرب السابق لبوروسيا دورتموند الألماني أنه إذا لم يحرز أي لقب خلال هذه الفترة، فلن يدوم في وظيفته أكثر من أربعة أعوام، مما يجعل مباراة السبت على ملعب "واندا متروبوليتانو" في العاصمة الإسبانية فرصته الأخيرة لإثبات أنه كان على قدر الثقة التي وضعت فيه.

لكن حتى لو خسر ليفربول هذه المواجهة، سيظل كلوب المدرب الذي يحظى باحترام كبير من إدارة النادي ومشجعيه، نظرا لإقرار الجميع بدوره في إعادة ليفربول الى موقعه بين أندية النخبة في أوروبا وإنكلترا.

عاش ليفربول بطل دوري الأبطال خمس مرات تعود آخرها الى 2005، هذا الموسم أمسيات قارية ستبقى عالقة في الأذهان أعواما كثيرة، أبرزها على الإطلاق حين سحق برشلونة الإسباني 4- صفر في اياب نصف النهائي، ليعوض بذلك خسارته ذهابا خارج ملعبه بثلاثية نظيفة.

بالنسبة لكلوب، فإن "قيمة لحظة مثل (مباراة) برشلونة أهم من أي كأس. إنها بالضبط الصورة التي نريد رسمها للعالم الخارجي، هذا هو ليفربول".

إذا كان كلوب قد أعاد ليفربول الى مكانته السابقة، فإن بوكيتينو قد رفع توتنهام الى مستويات لم يبلغها في تاريخه.

لم يسبق لتوتنهام أن شارك في دوري الأبطال بصيغتيه الحالية والسابقة (كأس الأندية الأوروبية البطلة) سوى مرتين قبل أن يحل الأرجنتيني في "وايت هارت لاين" عام 2014.

وها هو الآن يخوض النهائي الأول في المسابقة القارية التي سيشارك فيها الموسم المقبل أيضا للمرة الرابعة على التوالي بفضل حكمة المدرب الأرجنتيني الذي كان عرضة للانتقادات بسبب تقليله من أهمية مسابقتي الكأس المحليتين، لكن رؤيته لتوتنهام كانت أكبر وتتمحور، بحسب كلماته، حول تغيير "أبعاد" النادي اللندني.

سيبقى 2019 في الذاكرة دائما على أنه العام الذي وصل فيه توتنهام الى نهائي دوري الأبطال، وافتتح في الوقت ذاته ملعبا جديدا يتسع لـ 62 ألف متفرج.

لكن من أجل بناء الملعب الجديد الذي كلف ما يزيد عن مليار جنيه إسترليني (1.27 مليار دولار)، كان على بوكيتينو العمل في ظل قيود جعلت من إنجازه هذا الموسم أكثر استثنائية.

في حين أن أندية مثل بطل الدوري الممتاز مانشستر سيتي وباريس سان جرمان الفرنسي وبرشلونة الإسباني ويوفنتوس الإيطالي وغيرها، ضخت مئات الملايين لتمويل حلم دوري أبطال أوروبا، لم يوقع "سبيرز" مع أي لاعب جديد منذ يناير 2018.

بوكيتينو واجه الإرهاق

ولم ينحصر الأمر بعدم ضخ دماء جديدة في الفريق، بل ان بوكيتينو واجه الارهاق الذي أثر على لاعبيه جراء وصول معظمهم الى الأدوار المتقدمة من مونديال روسيا 2018، في حين حرمته الإصابة من خدمات مهاجمه وهدافه هاري كاين في ربع نهائي ونصف نهائي دوري الأبطال.

ومع ذلك، فقد تغلب توتنهام باستمرار على الصعاب وأبرزها خسارته على أرضه أمام أياكس الهولندي صفر-1 في ذهاب نصف نهائي دوري الأبطال ثم تخلفه إيابا في أمستردام صفر-2 قبل أن يقلب الطاولة ويخرج منتصرا 3-2 بفضل ثلاثية رائعة للبرازيلي لوكاس مورا الذي خطف البطاقة من أصحاب الأرض بهدف قاتل في ختام الوقت الضائع.

بالتأكيد أن "أحدا لم يتوقع أن يكون توتنهام قادرا على الوصول الى نهائي، لكننا هنا عن جدارة" بحسب بوكيتينو، معتبرا أن مخالفة فريقه للتوقعات "يجعل الأمر (ما تحقق) أكثر إثارة وأنت تستمتع به بطريقة مختلفة".

وألمح بوكيتينو الى إمكانية الرحيل عن النادي اللندني، إذا خرج السبت منتصرا من العاصمة الإسبانية، لأنه سيكون قد أنجز عمله بحمل توتنهام إلى حيث لم يتوقعه أحد.