المحور الأول: تنفيذ الميزانيات والحسابات الختامية
من خلال أبرز الجوانب التحليلية للبيانات المالية قد تبين لنا أن الوزير المستجوب لم يتقيد بقواعد الميزانية المتعلقة بوزارته ولا بحسابها الختامي وذلك عند الاطلاع على تقارير الجهات الرقابية حول كل الهيئات والمؤسسات والشركات والجهات التابعة للوزير التي يشرف عليها سياسيا، مما يجعل المسؤولية تقع عليه بشكل كامل وهذا دليل واضح على سوء التقديرات المالية فكان من الأجدر التأكد من سلامة تلك التقديرات وعلى وجه الخصوص (الالتزام باعتمادات الميزانية والتعديل والاعتماد وما بعد الاعتماد والمصروف والوفر)، خاصة أن وزارة المالية تتولى الاشراف على تنفيذ الميزانية حيث انها تعتبر أداة للضبط والرقابة ولكن كثرة المناقلات ما بين البنود أو البرامج توضح الخلل المالي والإداري وإضافة على ذلك الأرباح المحتجزة والديون المستحقة واستغلال حساب العهد. كما أن مبلغ العجز الإكتواري الثاني عشر وفقا لما هو وارد في البيانات المالية المدققة وتقرير مراقبي الحسابات المستقلين للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للسنة المالية المنتهية في 31 مارس 2016. ويعتبر رقما مسلما به دون وجود آلية لدى وزارة المالية للتحقق منه حيث ان المبلغ الاخير للعجز الاكتواري وصل الى 9 مليارات دينار وهذا الرقم الأخير المعلن عنه وهو قابل للزيادة في حال تحديث البيانات المالية وهذا يوضح خلل رئيسي يتحمله وزير المالية.فقدت الميزانية أهميتها كأداة للضبط والرقابة والمتابعة وتقييم الأداء بسبب كثرة المناقلات المالية بين بنودها سواء منها أو إليها والتي شملت وفق ما أمكن للجنة الميزانيات والحساب الختامي حصره لدى مناقشتها الحسابات الختامية مؤخرا 870 بندا بنسبة 54% من إجمالي بنود ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية بلغت قيمتها نحو 430 مليون دينار، الأمر الذي يشير إلى عدم إجراء دراسات فنية ومالية ملائمة وكافية قبل تقدير هذه المصروفات للبنود، الجدير بالذكر أن تلك البيانات تخص فقط الوزارات والإدارات الحكومية، ولو تم إضافة الجهات الملحقة والمستقلة فإن العدد سيزداد.المحور الثاني: الاستثمارات وأبرز المعوقات
استمر ظهور خسائر في استثمارات بعض الجهات في المحافظ والصناديق الاستثمارية نتيجة بيع بعضها بأقل من التكلفة أو لانخفاض وانعدام قيمتها السوقية عن تكلفتها، مما يستوجب إجراء دراسات الجدوى الاستثمارية والمراجعة الدورية المستفيضة لأوضاع الاستثمارات قبل وخلال الدخول في الاستثمارات ومتابعتها بصفة دائمة وتحسين أدائها للحد من الخسائر والحفاظ على المال العام، وكان على الوزير ضرورة المتابعة والتنسيق والتخطيط والتنفيذ السليم وتوجيه الجهات الاستثمارية لمتابعة القضايا الجنائية والدعاوى المدنية داخل الكويت وخارجها كذلك إعداد دراسات جدوى شاملة قبل الدخول في أي استثمارات جديدة والأخذ بعين الاعتبار دراسة الجانب القانوني للعقود التي سوف توقع مع مديري المحافظ والصناديق وتلافي الملاحظات والمخالفات التي شابت الاستثمارات، مع ضرورة استمرار الجهات الاستثمارية التي تتبع الوزير المستجوب في متابعة أداء الصناديق المستثمر فيها، وخصوصاً التي تعاني انخفاضاً شديداً وضعفاً في الأداء، وإجراء الدراسات اللازمة لبحث مدى إمكانية التخارج منها كي لا تتحمل أموال الجهات الاستثمارية مزيداً من الخسائر وتحمل مصاريف إدارة ضخمة وعالية مما ينعكس سلباً على الأداء الاستثماري والذي يتطلب تحريك المساءلة السياسية.المحور الثالث: الإضرار بالمتقاعدين والمؤمن لهم
تنص المادة (77) من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 61/1976 على أن: "يجوز للمؤسسة أن تستبدل نقوداً بحقوق المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات في معاشاتهم التقاعدية. وتحدد القيمة الاستبدالية وفقاً للجدول رقم (2) المرافق لهذا القانون. ويجب ألا يقل جزء المعاش التقاعدي الفعلي أو الافتراضي الباقي بعد الاستبدال عن (50 في المئة) من المرتب المشار اليه في المادتين (19) أو (61) من هذا القانون حسب الأحوال. ويصدر الوزير بعد موافقة مجلس الإدارة قراراً بقواعد وشروط وحالات الاستبدال والمبالغ المطلوب ردها مقابل إيقاف العمل به على أن تكون مدة الاستبدال أثناء الخدمة (5) سنوات".وتنص المادة (78) من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 61/1976 على أن: "يقف خصم الجزء المستبدل من المعاش التقاعدي عند وفاة صاحبه أو عند انتهاء المدة المحددة للاستبدال أو عند إيقاف العمل به طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة السابقة وتسوى معاشات المستحقين عن صاحب المعاش على أساس أنه لم يستبدل جزءاً من معاشه. ولا يجوز أن يترتب على وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش بعد تقديم طلب الاستبدال حرمان الورثة الشرعيين من الحصول على الحقوق الاستبدالية لمورثهم باعتبارها تركة، وذلك إذا كان طلب الاستبدال وقت تقديم الطلب مستوفياً لكل شروط الاستبدال".وإذ كانت هذه المادة قد تم تعديلها تشريعياً بموجب القانون 30/2005 والتي أجازت أن يكون الاستبدال بمقابل سداد القيمة التأمينية بعدما كان الاستبدال مؤبداً بموجب القانون رقم 61/1976، إلا أنه يعذر للمشرع وقتها أن قيمة مقابل الاستبدال كانت أقل من الفائدة التي تتقاضاها المصارف، إلا أن أسعار الفائدة بعد ذلك ظلت تتناقص إلى أن أصبحت الفائدة أقل تكلفة بكثير من مقابل الاستبدال ، في حين وقفت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية حجر عثرة أمام أي تعديل تشريعي يعدل من القيمة الاستبدالية.ولعل أبرز ما يؤكد أن الوزير المستجوب وقف حجر عثرة أمام المواطن المؤمن له هو ما جاء ذكره في التقرير رقم (43) الصادر من لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بشأن تعديل قانون التأمينات الاجتماعية سالف البيان في الشق المتعلق بالاستبدال، إذ جاء الوزير المستجوب بما يؤكد وقوفه أمام المواطن المؤمن له، وذلك بأن نصب الوزير المستجوب نفسه محارباً لما يجب أن يقبله عقل أو منطق في أن تكون أموال التأمينات الاجتماعية مخصصة لفائدة المتقاعدين وليس لمعالجة اختلالات الاستثمار البعيدة كل البعد عن أسس الاستثمار.المحور الرابع: انتهاج سياسة غير حصيفة في إدارة أصول الهيئة العامة للاستثمار
أنشأت الهيئة العامة للاستثمار بموجب القانون رقم 47/1982 لتتولى حسب المادة (2) باسم حكومة الكويت ولحسابها إدارة استثمار المال الاحتياطي للدولة، والأموال المخصصة لاحتياطي الأجيال القادمة، وغير ذلك من الأموال التي يعهد بها وزير المالية إلى الهيئة لإدارتها.ويعد الصندوق السيادي الكويتي أول صندوق سيادي في العالم، مما يجب أن يتوافر فيه الاحتراف في إدارة الصندوق، وأن يكون مطبقا لأسس الاستثمار المتعارف عليها عالميا، مستفيدا من التجارب العالمية التي اكتست قطاع الاستثمار العالمي سواء كانت إخفاقات يتعين الحذر من الوقوع في مثيلاتها أم محفزات يستوجب على الهيئة البحث عن مثيلاتها.إلا أن أول تخوف يجعلنا نخشى فيه على مستقبل الصندوق السيادي هي حالة الغموض التي دأبت الهيئة على اتخاذها في إدارتها للصندوق السيادي من دون أن تحذو حذو أكبر صندوق سيادي في العالم كالصندوق السيادي النرويجي.ومن خلال متابعتنا في ضوء المتاح من النذر اليسير من المعلومات عن الهيئة العامة للاستثمار نجد أن المخاوف تتزايد إزاء الكثير من الإخفاقات التي وقعت فيها الهيئة في إدارتها للصندوق السيادي. فها هي بعض الكفاءات تحارب داخل الهيئة، في الوقت الذي تكون فيه إدارات ودوائر حساسة شاغرة لفترة زمنية طويلة تحت بصر وبصيرة القائمين على إدارة الهيئة، على الرغم من أن هذه الإدارات والدوائر تدير استثمارات بعشرات المليارات من الدنانير، فضلاً عن تحقق حالات تعارض المصالح. إن إدارة المخاطر في الهيئة العامة للاستثمار تعد إدارة صورية، بعيدة كل البعد عن إدارة المخاطر، فلا يوجد أي ربط بين المخاطر والعوائد، بل إن الطامة الكبرى تتمثل في أن الهيئة دخلت في استثمارات تتسم بالمخاطر العالية، فلا تتوافر لدى تلك الاستثمارات نافذة للخروج منها وهو ما كبدها خسائر جسيمة.كما أنه من الثابت أن الهيئة العامة للاستثمار لا تتوافر لديها القدرة على مواكبة التطور في الأسواق بسبب الضعف الإداري في جسم الهيئة، وهو ما سيؤدي حتما إلى فوات الكثير من الأرباح والعوائد والفرص الاستثمارية، فضلا عما تتسم فيه الهيئة من فوضى ناشئة عن عدم التنسيق بين إداراتها المختلفة.إن إدارة المخاطر الصورية الموجودة في الهيئة لا تستطيع القول لا بيانا ولا تلميحا عن المخاطر مارة الالماح في تركز القرار الاستثماري في الهيئة لدى اللجنة التنفيذية بما تحتويه هذه اللجنة من مثالب، ولا تقوى عن الإشارة ولو باستحياء عن الخلل في الرقابة المالية لأموال الهيئة.إن إدارة المخاطر الصورية لدى الهيئة تعجز عن بيان مخاطر التعيين في عضوية مجالس إدارة الشركات التي تمتلك فيها الهيئة، ولعل استمرار تلك العضويات لهو دليل جازم وناجز على أن مخاطر الاستثمار مازالت قائمة.المحور الخامس: امتناع الوزير عن الإجابة عن الأسئلة البرلمانية
حيث إن المستجوب سبق أن أرسل العديد من الأسئلة البرلمانية منذ مطلع شهر أبريل 2019 ومهرت بتأشيرة السيد رئيس مجلس الأمة بإدراجها في الجلسة القادمة، فضلا عن مرور المدة اللائحية المنصوص عليها في المادة (124) من اللائحة الداخلية للمجلس، مما يكون معه امتناع الوزير المستجوب عن الإجابة عن الأسئلة البرلمانية بمثابة إفراغ لأداة دستورية من محتواها وإخلال بحق النائب في الرقابة على الوزير المستجوب.ويزيد من ذلك التأكيد على إخلال الوزير المستجوب بحق النائب في السؤال، هو معرفة الوزير المستجوب أن هناك استجوابا تم تحديد ميعاده، وهو ما دعا الوزير المستجوب إلى العمد في الامتناع عن الإجابة في المدد اللائحية المنصوص عليها في اللائحة الداخلية لمجلس الأمة. إن مسلك الوزير المستجوب بعدم الامتثال للدستور واللائحة الداخلية للمجلس في الإجابة عن الأسئلة البرلمانية في ميعادها اللائحي ليعد إخلالا بجناح الرقابة في مجلس الأمة لا يجب السكوت عليه".