أول العمود:

تقول وزارة الداخلية إنها ألغت 538 ألف رخصة قيادة مركبة صُرف بعضها بطرق الاستثناء والتجاوز! أليس هذا مشروع قتل في الشوارع؟

Ad

***

يتأسس الكلام أدناه على قاعدتين: الأولى أن منطقة الخليج العربي مُرشحة للانفجار مرة رابعة بعد الحروب الثلاث المُدمرة السابقة، والثانية أن هناك تباشير وعي غير مكتمل للشكل الذي نريده لأنفسنا ولثقافتنا كسكان على ضفتي هذا اللسان المائي الغائر في صحراء جرداء، جمع على ضفتيه عرباً وعجماً على مر عصور غابرة ولا يزال.

أحيِي هذا الحديث استناداً إلى مشاركة مجموعة من المعماريين الخليجيين– بينهم كوكبة كويتية مثلت المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب– في بينالي البندقية لعام 2016 الذي يقام كل سنتين، وذلك للحديث عن إمكان إحياء شكل التواصل الحيوي بين شعوب المنطقة الخليجية من خلال الجزر الواقعة في مياهه وعددها 300 جزيرة، وذلك قبل التقسيمات السياسية التي ظهرت برحيل المحتلين الذين أمَّنوا النفط لهم بلا مشاكل، تلك التقسيمات التي قضت على التواصل الطبيعي للبشر من خلال لقاءاتهم الفطرية في العديد من تلك الجزر قبل عقود من الزمن.

إن ما يحدث في منطقة الخليج، في الماء واليابسة، عبث وإضاعة للوقت والمال وإهدار لقيمة البشر القاطنين فيها. نحن اليوم– العرب والعجم– نحلم بالاستقرار، لكننا لا نملك خريطة طريق له، وتبدو الضفة الإيرانية غارقة في صراعات جغرافية مُمتدة، لا تستطيع تصدير وصفات حضارة فارس الإنسانية الراقية، في حين تبدو الضفة العربية مرتبكة بسبب إشكالات لم تجد حلاً ومنها الهوية، والنفط، وارتباط مصير المنطقة بالغرب دون فكاك.

نعود لبينالي البندقية 2016، فقد قام مجموعة من المعماريين بعمل مقاربات هندسية- ثقافية– تفاعلية للشكل المأمول لإعادة الروح التي كانت تسود في جزر الخليج وموانئه البدائية قبل حقبة النفط، حيث الاحتكاك اليومي بين سكان هذا اللسان المائي، عرضوا من خلالها ما يمكن أن يُستغل من الجزر الكثيرة في الكويت وإيران وقطر والإمارات والسعودية وعمان والبحرين من أجل خلق لغة تواصل تُنتج مصالح وحرص على إرث عميق من الهويات، وتعيد صياغة شكل المنطقة لاستيعاب امتدادات العولمة، وتهضم أشكالا مغايرة من الشعوب بحكم أعمال الإعمار والتنمية.

يقول المعماريون– وهم أدوات سلام مقنعون ومحفزون– إن ما تقوم به بعض دول الخليج من استغلال لبعض الجزر الطبيعية والصناعية (كيش– فيلكا– مسندم– السعديات– البنانا- النخيل) وغيرها بداية تلمس الطريق لأحد مسببات النجاة من كارثة الفناء، فمسببات القلق في المنطقة اليوم كثيرة منها البيئي والسياسي والاقتصادي والتنموي المريض.

هؤلاء– المعماريون– في نظر البعض حالمون لأنهم يريدون إعادة كل أصحاب المصالح والأفراد العاديين من أهل المنطقة إلى شكل التواصل الفطري والإنساني القديم مضافاً إليه الكم البشري الجديد القادم بطلب أهل المنطقة لمساعدتهم في البناء بعيداً عن كل الحواجز الزائفة الحالية (عقائدية– نفسية– سياسية)، هذا حُلُم أليس كذلك؟ رُبما نعم، لكنه نمط متقدم وحضاري في بناء بيئات السلام خصوصاً في منطقة الخليج التي تحتوي على كل عوامل الرفاهية.

أنصح بقراءة الأفكار النيرة التي سطرها معماريون متقدمون في الفكر في كتاب (الخليج ومحيطه) الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ففيه الرصد، والرأي، والأفكار والمشاريع الرائعة التي أظن أنها ستكون ذات صلة بالحديث الدائر في الكويت حول مشروع "الحرير والجزر"، وحديث السعودية في مشروع "نيوم".

في الكتاب قصص حول التبادل والتواصل وإعادة اكتشاف الهوية والتفاعل مع المحيط بشكل يقينا من الفناء المحتوم.

شكرا للمعماريين، زهراء علي بابا، حامد بوخمسين، منيرة الربعي، نور بوشهري، عبداللطيف المشاري، أسيل الرقم أحمد فهد بشارة من الكويت، وعلي كريمي من البحرين، وفاطمة السهلاوي وعلي بن شبيب من قطر، ورند عبدالجبار وميثاء المزروعي من الإمارات، ونسرين طبطبائي وبابك أفراسياني من إيران.

وأخيرا، فإن أي حديث حول "الحرير" في الكويت يجب أن يستوعب الطاقات الكويتية المذكورة وغيرها ممن تزخر بها مؤسسات كويتية مثل جامعة الكويت– كلية العمارة والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ومكاتب الهندسة والتخطيط الخاصة، لأنهم باختصار مُكَوِّن سلام اجتماعي– عمراني.