الأوضاع تتوتر وتتصاعد، والأحداث تشهد دراما من نوع آخر، و"أكشن" بصورة علنية ومكشوفة وتصريحات متضاربة ومعلومات لا تعرف صحتها من كذبها، وهناك من يصعّد وآخر يهدئ، ومسؤول يتحدى وآخر يبرر، ودول تسعى جاهدة إلى وضع حلول، وهناك من يساوم، وآخر يضع سيناريوهات مختلفة وتصورات متعددة حتى بتنا كأننا على مسافة قصيرة من اندلاع حرب قد تحدث دمارا شاملا.

وهناك من يعتبر أن كل ذلك من رسم الخيال، وابتزازا لدفع الأموال، ولا نزال نصعد الأرجوحة ولا نعرف إلى أين يستقر الوضع وإلى ماذا سينتهي؟ هل هو تصعيد لكسب الأموال وتهويل الحدث لاستنزاف الجيوب أم هناك واقع أليم بانتظارنا؟!

Ad

إن الصراع المستمر بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران والذي وصل إلى تبادل التهديدات والاتهامات مع رفع حالة الاستنفار القصوى ما هو إلا مبررات لصفقة القرن التي بوادرها ستتضح قريبا.

ومع هذه الدوامة فإن أخذ الأمور من هذه الناحية يتطلب جدية لدى دول المنطقة تحسبا لأي طارئ، خصوصاً أن محيطنا الملتهب لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن الأزمات تعيش في داخله والبراكين المتفجرة في كل يوم تخرج لنا من بوابة جديدة، ودول الخليج كالعادة في قلب هذا المحيط ونيرانه المتجددة الاشتعال. وعبر كل ذلك فإن مسألة أخذ الحيطة من الأجهزة المختصة في الدولة واستعداداتها لأي حدث يجب أن تكون في حالة استنفار مستمرة، حتى لا نفاجأ بما لا يحمد عقباه لا سيما أننا نسمع عن إدارة الأزمات والكوارث ولم نرها على أرض الواقع في ظل انشغالنا في صراعات جانبية وتصفية حسابات حكومية- نيابية والعكس صحيح، في حين العالم من حولنا يشتعل، ولا يزال هناك من يغرد خارج السرب ويبث الشائعات حسب أهوائه. إن المطلوب تشكيل إدارة أزمة قادرة على متابعة كل التطورات ومواكبتها والتنسيق مع الأجهزة الحكومية لتحديد الاحتياجات الفعلية ومواجهة القصور، بعيدا عن ردات الأفعال التي اعتدنا عليها ممن ينكشفون في أول حدث.

وفي ظل هذه الظروف الصعبة لا يزال الخلاف الخليجي مستمراً، وهو "ما يزيد الطين بلة" لأننا اليوم في أمسّ الحاجة إلى وحدة الصف الخليجي وتصفية الأجواء بعيداً عن أي صراع أو تغريدات بعض المرتزقة والمطبلين وأفلام بعض القنوات، واصطناع بعض الأحداث وتدخل المندسين، لأن ما يمس أي بلد خليجي هو مساس لجميع دول المجلس التي أثبتت في الكثير من المحن ثبات مواقفها ووحدتها، وهو الأمر الذي فوّت الفرصة على من يريدون بنا الشر.

نتمنى أن تكون كل الأحداث الدائرة بمثابة سحابة صيف وتنتهي، وتستقر الأمور، وأن نكون بمنأى عن كل الأحداث، خصوصا في ظل حكمة قائد الإنسانية صاحب السمو أمير البلاد وأشقائه قادة دول الخليجي الذين ساهموا في إخماد العديد من الحرائق قبل اشتعالها في دول أخرى.