وَمن البَليّةِ عَذْلُ مَن لا يَرْعَوي

عَن جَهِلِهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَمُ

Ad

هذا رأي المتنبي من خلال تجاربه مع جماعات من البشر يفتعلون الخصومات ولا يسأمون من افتعال المناكدات، فيرى أنه نوع من البلاء قد يواجه الإنسان العاقل ولا يعرف كيف يتصرف معهم.

هذه هي مشكلة النظام الإيراني الذي حكم طهران بعد سقوط نظام الشاه، فمنذ مجيء هذا النظام قيل أربعة عقود وهو يحلم ببعث الإمبراطورية الفارسية التي سقطت بعد مجيء الإسلام، ولتحقيق هذا الحلم لابد من احتلال أجزاء من الدول العربية وإخضاعها للسيطرة الإيرانية على زعم أنها كانت ضمن الإمبراطورية الفارسية.

ولتحقيق هذا الحلم أنشأت إيران ميليشيات طائفية مسلحة داخل الدول العربية، مثل حزب الله اللبناني، وأنصار الله في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، وهذه الميليشيات تدين بالولاء للمرشد الإيراني وتخضع لإدارة الحرس الثوري الإيراني، وتخلت تلك الميليشيات عن الولاء والانتماء إلى الوطن والأمة.

وأنفقت حكومة طهران على تلك الميليشيات أموالا طائلة من أموال الشعب الإيراني، وأصبحت تلك الميليشيات اليوم أقوى من جيوش الدول التي تعيش فيها، لذلك سمعنا بعض قادة النظام يصرح بأن القرار في أربع دول عربية أصبح في يد طهران، ظناً منه أن تلك الميليشيات أصبحت بمثابة جيش إيراني يحتل تلك الدول العربية.

في ظل هذه الظروف الصعبة بدأت في هذه الأيام تظهر في المنطقة سحب الحرب وتتكاثر. فالحشود الأميركية شبيهة بالحشود التي شاهدناها قبل بدء حرب تحرير الكويت، وكذلك حرب سقوط نظام صدام.

الولايات المتحدة أرسلت حاملة الطائرات إبراهام لينكولن، والقاذفات الضخمة ب52، والأجواء والتوترات نفسها، وجميعها ينذر باندلاع حرب قريبة في المنطقة، وفي هذه الأثناء تعرضت أربع سفن لاعتداءات قبالة ميناء فجيرة الإماراتي، منها ناقلتا نفط سعودية وأخرى نرويجية، عن طريق زوارق صغيرة موجهة مزودة بمواد تفجيرية.

وقد توصل فريق تحقيق أميركي فحص السفن، إلى تقييم مبدئي يفيد بأن إيران أو وكلاء تدعمهم وراء الهجوم الذي استخدمت فيه أجهزة متفجرة، كما نفذت إيران عبر وكيلها الحوثي هجوما إرهابيا آخر بطائرات مسيرة «درون» مفخخة استهدف محطتي ضخ لخط الأنابيب الذي ينقل النفط من حقول المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع في غرب المملكة، كما أعلن الجيش العراقي في 19/ 5 سقوط صاروخ كاتيوشا قرب السفارة الأميركية في بغداد.

هذه هي ردود النظام الإيراني على الحشود والتهديدات الأميركية. مشكلة النظام الإيراني أنه قد يؤمن بفكر خرافي يجعله يتوهم أنه سيحقق نصرا على أعدائه حتى لو كانت جيوشه أقل قدرة وكفاءة، وهذا ما يردده نصر الله في خطاباته.

هذا التفكير الخرافي يدفع من يؤمن به إلى التهور وعدم التعقل وعدم التفكير بالعواقب، لذا دعا خادم الحرمين لعقد قمتين خليجية وعربية في مكة الأسبوع القادم لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وبحث الاعتداءات الإيرانية.

كما هدد الرئيس الأميركي أن ما تقوم به إيران سيكون بمثابة نهاية لذلك النظام، ونرجو إذا قامت الحرب ألا تتسبب بخسائر بشرية، وأن تكون نتائجها لمصلحة المنطقة ومصلحة شعوبها، وخصوصا الشعب الإيراني الجار والمسلم.