رغم تميز عمل الدوائر القضائية في محكمة الاستئناف بسرعة الفصل في القضايا المعروضة أمامها، فإن ذلك الأمر يجب أن يكون مصحوبا بثلاثة عوامل، هي: تحقيق الأثر الناقل للدعوى أمام محكمة الاستئناف، أي أن دوائر الاستئناف ملزمة ببحث عناصر النزاع مجددا، والثاني أن تحافظ تلك الأحكام القضائية الصادرة من دوائر الاستئناف، باعتبارها محاكم عُليا، على جودة العمل الفني للأحكام القضائية، والأخير محاكمة دوائر الاستئناف للمثالب التي شابت أحكام دوائر الدرجة الأولى.

سرعة الفصل التي تشهدها دوائر محكمة الاستئناف المدنية والتجارية بحجز الاستئنافات من أول جلسة لها في أغلب الدوائر القضائية، وإن كانت أمرا إيجابيا، على اعتبار أن أغلب الخصوم استنزفوا دفاعهم أمام محكمة أول درجة، إلا أن هناك عددا من الدوائر تقوم بحجز الاستئنافات للحكم، رغم تقدم الخصوم في تلك الجلسات بمستندات، أو أن تكون الدعاوى واردة من إدارة الخبراء، وتقرر تلك الدوائر حجزها للحكم، رغم أنها أول جلسة لورود التقرير من إدارة الخبراء.

Ad

ورغم طلب الدفاع منحه أجلا للاطلاع على التقارير أو المستندات، ولو لأجل قصير لا يتجاوز أسبوعا لنظر تلك المستندات أو التعقيب على تلك التقارير، فإن تلك الدوائر تقرر حجز الاستئنافات للحكم دون تمكين الدفاع من الاطلاع على ما قدم، رغم أنه يستدعي الرد من وجهة نظر الدفاع، وقد يضر حقه، رغم أنه لا يضير بعض الهيئات القضائية العليا في تلك الدعاوى منح أجل للاطلاع، ولو قصير، حفاظا على مبدأ المواجهة بين الخصوم.

الإنجازات التي تسجلها دوائر محكمة الاستئناف سنويا في إصدار الأعداد الكبيرة للقضايا المعروضة أمامها محل فخر للقضاء الكويتي، ولا يمكن تجاهل جهود رئيسها المستشار محمد بن ناجي ونائبه المستشار علي المطيرات، إلا أن هناك بعض المسائل تبرر قيام بعض الدوائر القضائية بمنح آجال إلى الخصوم، وتمكينهم من الاطلاع على ما قدم والتعقيب، إعمالا لمبدأ المواجهة، خصوصا أن أحكام دوائر محكمة الاستئناف قابلة للنفاذ، وأمر إيقافها قد يستغرق وقتا وجهدا من محكمة التمييز.

تسليط الضوء على حق التقاضي، الذي أعيشه ويعيشه معي الزملاء المحامون أمام الدوائر القضائية العليا، يأتي بهدف الإشارة إلى بعض المسائل الفنية، التي قد تؤثر على طريقة شكل المحاكمة وأثرها على أطراف الدعوى، مع خالص التقدير والاعتزاز بالجهود التي يبذلها السادة القضاة والمستشارون الأفاضل، الذين لم نعهد منهم إلا إحقاق الحق والعدل، ومخافة الله في أمانتهم، وبرا بقسمهم العظيم.