الصوم عبادة وركن أساسي من أركان الإسلام، وهذا الشهر الفضيل فرصة لجلد الذات وتطهير النفس من الأمور والعادات السيئة التي قد تكون متلازمة عند البعض في الأشهر الأخرى، ولكن لو صمنا طوال العام فماذا سيحدث في أخلاقيات العديد منا؟! ولو اعتبرنا كل أيام السنة هي رمضان؟

المقصود هنا ليس الصوم عن الأكل طوال الأشهر بقدر الصوم عن العديد من السلبيات التي تكون عادة سببا رئيسا في خلق الأزمات والمشاكل وولادة الأحقاد، لأن هناك من يعد الأيام في شهر الخير ليبدأ في أول يوم بعد رمضان بتجديد عقده مع إبليس لارتكاب ما لذّ وطاب من المنكرات والذنوب، وتعود حليمة لعادتها القديمة، دون أن يضع اعتباراً للأيام المباركة التي قضاها في التعبد خلال صيامه وعبادته. إن جلد الذات عادة يجعلنا نسلك الطريق الصحيح ويجنبنا العديد من الهفوات والمعاصي، وأهمها الأحقاد التي تعد سببا رئيسا لدخول الشعوب في صراعات مستمرة، وتحول الحكومات إلى منابع من الفساد، وانتشار الأمور التي تكون خارج حدود عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا التي يفترض أن تكون وثيقة الالتزام بها كصك غفران للجميع لتجنب المشاكل واستمرارها.

Ad

وإن الصيام أيضاً يعطي الإنسان خلال فترة الجوع في نهار رمضان قبل انطلاق الموائد المليئة بالخيرات والتبذير والإسراف فرصة لسد جوع العين أولاً، وهي التفكير بالفقراء الذين يعيشون بيننا، خصوصاً أن هناك من يحلم أن تكون لديه مائدة فاخرة تحتوي على مختلف الأصناف، فهناك من ينفي ذلك ولكنه لم يحرك ساكنا من مكتبه الفاخر أو منزله ليطلق قدميه نحو العديد من الأسر التي تتمنى الالتفات لها، ورغم أننا في بلد الإنسانية والعمل الخيري فإن هناك العديد من المعوقات التي تدخلت بها بعض الابتزازات من بعض المدّعين للفرز الاجتماعي، فمنعوا بعض البدون من الاستفادة من هذه المساعدات بسبب عدم حصوله على بطاقة أو هوية تسمح له صرف المساعدات المالية له عبر صرف الشيكات أو غيرها من الأعذار الواهية، وهذه القضية التي طال أمدها وتحولت الى هاجس يقلق أصحابها.

إن هذا الشهر الفضيل قد يكون فرصة لإعادة التفكير في هؤلاء البشر، وإحياء الإنسانية المعدومة لدى البعض لمساعدة المنكوبين منهم، ورفع المعاناة أيضا عن المواطنين الذين أكهلتهم الديون.

عساكم من عواده، وقرقيعان وقرقيعان، وكل عام وأنتم بخير. وأدام عز هذا الوطن الكبير.