تعهد الممثل الكوميدي فولوديمير زيلينسكي، الذي فاز باكتساح في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأوكرانية التي جرت أمس الأول بحصوله على ثلاثة أرباع الأصوات تقريباً (73%)، بحل النزاع في منطقة دونباس شرق البلاد، حيث تقيم أغلبية من الناطقين بالروسية.

وقال زيلينسكي (41 عاماً)، الذي أصبح أول رئيس يهودي لأوكرانيا، إنه سيعيد إطلاق «عملية مينسك» التي تنص على وقف لإطلاق النار بين القوات الحكومية والقوات الانفصالية الموالية لموسكو.

Ad

وشدد هذا الرجل، الذي لا يملك خبرة سياسية سابقة، على أن «المهمة رقم واحد» لإدارته ستكمن في «إعادة كل المعتقلين والأسرى الأوكرانيين».

وأظهرت النتائج أن الرئيس المنتخب المرشح عن حزب «خادم الشعب» حديث التأسيس يتصدر في كل المناطق الأوكرانية على الرئيس المنتهية ولايته بيترو بوروشينكو، باستثناء منطقة لفوف، المعقل التاريخي لليمين المتطرف.

وأقر بوروشينكو بالهزيمة، لكنه حذر من وقوع أوكرانيا في فلك السيطرة الروسية مجدداً، معرباً عن اعتقاده بأن موسكو ستكون سعيدة بانتخاب رئيس «جديد عديم الخبرة».

ولعب زيلينسكي دور البطولة في مسلسل «خادم الشعب»، الذي جسد فيه شخصية أستاذ بمدرسة أصبح رئيسا لأوكرانيا بعدما اكتسب شعبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي باحتجاجه ضد الفساد.

وبدأت أوكرانيا صفحة جديدة غير مسبوقة من تاريخها لا يعرف ما إذا ستتيح انطلاقة جديدة، أو ستكون قفزة خطيرة في المجهول.

ويعتبر العديد من الناخبين في الوقت الحاضر أن الرئيس السادس والأصغر سنا لأوكرانيا المستقلة يوفر فرصة لانطلاقة جديدة حول العديد من المسائل المثيرة للتوتر والاستياء، وهو يحظى بدعم ساحق، وقد تلقى التهاني من قادة العالم بأسره، بما في ذلك اتصالان هاتفيان من الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون.

لكن من دون أن يقدم برنامجا محددا يذهب أبعد من عزمه على «كسر النظام» بدون أن يحيد عن الخط الموالي للغرب الذي اتخذته البلاد عام 2014، وبدون غالبية نيابية، فإن المستقبل يبدو صعبا للرئيس الذي سينصّب رسميا بحلول مطلع يونيو.

أول رئيس يهودي لأوكرانيا يتعهد بإنهاء «حرب الدونباس»

وتبدو التحديات في وجه الرئيس المنتخب هائلة، بحجم الآمال التي حملته إلى السلطة.

فعلى الساحة الداخلية، يتحتم عليه أن يثبت قدرته على جمع فريق من حوله واتخاذ مبادرات بدون غالبية برلمانية، وفي وقت أثار ترشحه ريبة، بل عداء، قسم كبير من الطبقة السياسية التي تعهد بالتصدي لها. ولن تجرى الانتخابات التشريعية قبل 27 أكتوبر، مما ينذر بمرحلة جديدة من الصراعات السياسية.

واعتبر «الكرملين» أن الوقت لا يزال «مبكرا جدا» لتحديد ما اذا كان يمكن القيام «بعمل مشترك» مع زيلينسكي.

وأمس، هنأ كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي زيلينسكي، في وقت أشاد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بــ«التمسك القوي بالديمقراطية ودولة القانون».

وأكد توسك ويونكر، في رسالة مشتركة، أن بإمكان الرئيس الجديد «الاعتماد على دعم الاتحاد الأوروبي المستمر والثابت لسياسة أوكرانيا واستقلالها وسلامة أراضيها».

وشددا على دعم الاتحاد للرئيس الجديد «في إصلاحاته»، لا سيما في قطاع الطاقة ومكافحة الفساد.

وفي موسكو، قال رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف، إن نتائج الانتخابات «تظهر حاجة واضحة لمقاربة جديدة لحل مشكلات أوكرانيا»، معتبراً أن هناك فرصة لتحسين العلاقات بين البلدين، لكنه أكد أنه «ليس لديه أوهام» في هذا الشأن.

وكتب: «لا شك أن الرئيس الجديد للدولة سيستخدم نفس الخطاب تجاه روسيا كالذي استخدمه في حملته». وزيلينسكي مؤيد للغرب ولانضمام كييف إلى حلف «ناتو» والاتحاد الأوروبي.

وقالت المتحدثة باسم «الخارجية» الروسية ماريا زاخاروفا، في بيان، إن «أوكرانيا تستطيع أن تجري عملية إعادة ضبط، ليس عبر نقل السيولة النقدية من جيوب معينة إلى أخرى، ولكن عملية ضبط حقيقية تستند إلى الاعتراف بضرورة وحدة الشعب، ليس عبر القوة، بل من خلال تطوير الأجندة الوطنية».

والعلاقات بين أوكرانيا وروسيا متوترة منذ انتفاضة في 2014 أطاحت الرئيس الموالي للكرملين، وعقبها قامت موسكو بضم شبه جزيرة القرم، واندلعت حرب في دونباس شرق البلاد مع انفصاليين موالين لروسيا، أوقعت نحو 13 ألف قتيل خلال خمس سنوات.

وأدت هذه الأزمة إلى تأجيج التوتر الكبير القائم حاليا بين روسيا والغرب وسط تبادل العقوبات بين الطرفين.