الديمقراطية تعني الحرية، وحقوق الإنسان والإصلاح السياسي والدستوري، وتعني احترام الرأي الآخر، وديمقراطية المجتمع والدولة المدنية.

إن بعض الدول العربية يحمل اسمها الديمقراطية في حين الدول الديمقراطية الحقيقية في أوروبا مثلاً ليس فيها دولة يحمل اسمها هذا اللفظ، وإذا كانت البلاد يسودها الفساد السياسي والإداري والمالي فهي ليست ديمقراطية، والديمقراطية ليست شكلاً بل ممارسة وهي قضية الحياة كلها.

Ad

يعتقد البعض المستفيد من هذه اللعبة أن الديمقراطية شكلٌ دستوريٌ، وانتخابات يدخلها وينجح فيها من له حظوة طائفية أو قبلية أو عنصرية، ولذلك تجد احتكاراً وراثياً للانتخابات في مناطق بعينها، ولأشخاص معينين، وينجح المرشح ممثلاً لأغلبية فئوية وهي أقلية مجتمعية!

فهل ما يسود فعلاً في واقع الدول العربية ديمقراطية حقيقية؟

الجواب بعد إلقاء نظرة على الواقع والفساد في هذه الدول بأنها أبعد ما تكون عن الديمقراطية، فدولنا العربية لم تدخلها الديمقراطية بعد. لقد جرت محاولات لممارسة بعض جوانبها دستورياً، ولكن لا تستقيم الديمقراطية مع الفساد، فكيف نسمي واقعنا ديمقراطياً والفساد يعم كل مجال؟ وكيف نسميه ديمقراطياً وليس لدى بعضنا حرية تداول الكتاب بل الرقابة عليه في زمن الإنترنت؟! وكيف تكون ديمقراطية في انتخابات فئوية ومال سياسي؟! وكيف تكون ديمقراطية بانعدام حرية الرأي لأغلب دولنا وعدم الاعتراف بالآخر؟

المشكلة حتى القوى المنادية بالديمقراطية معظمها غير ديمقراطية، ومثلما كان يقال عن (الاشتراكية العربية) في الستينيات من القرن العشرين اشتراكية بدون اشتراكيين، فنحن نعيش مرحلة الديمقراطية بدون ديمقراطيين.

ومما لا شك فيه أن هناك بعض الممارسات الديمقراطية في بعض دولنا، لكن أعداء الديمقراطية يشوهون الصورة، فنعيش أزمة في التعليم والثقافة على الرغم من توافر الإمكانات للتطور النوعي في هذين المجالين، وقد وجد البعض ملاذاً للهروب من هذا الواقع إما للماضي أو للمستقبل قفزاً على الحاضر.

وهذا النهج ليس في مصلحة الديمقراطية، إن الديمقراطية الحقيقية تبدأ بالإصلاح السياسي الحقيقي، والحياة الدستورية والدولة المدنية، وبإصلاح التعليم والثقافة النوعية وبدون ذلك لا وجود للديمقراطية.