إذا لم تكن غير الأسنّة مركبا

فما حيلة المضطر إلا ركوبها

Ad

لا أحد عاقل وسويّ يحب الحروب أو يتمناها نظراً للشرور والأضرار التي تنجم عنها على الأفراد والمجتمعات على حد سواء، ولكن إذا فرضت الحرب نفسها فيجب مواجهتها والاستعداد لها، لأن الهروب منها قد يترتب عليه أخطار أشد من المواجهة. وفي ظل هذا المنظور سننظر إلى ما قام به المشير خليفة حفتر من عملية عسكرية أطلق عليها "طوفان الكرامة" تهدف إلى تحرير العاصمة الليبية من براثن الميليشيات وتطهيرها من الإرهاب.

أفادت بعض الأنباء أن هناك تفاهمات تمت بين فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق والقائد العام للقوات الليبية خليفة حفتر آخرها اتفاق أبو ظبي الذي عقد قبل أسبوع من بدء المعارك الأخيرة، وتم بموجبه السماح للجيش النظامي بدخول العاصمة دون قتال لتأمين خطوات الحل السياسي، ومنها إجراء الانتخابات التي يصعب إجراؤها في وجود الميليشيات، لأنها ستنقلب على نتائج الانتخابات إذا جاءت في غير مصالحها كما حدث في 2014 عندما انقلبت مجموعة فجر ليبيا الإخوانية على نتائج الانتخابات، وقامت باحتلال مؤسسات الدولة في العاصمة طرابلس. وكرست وجود الإخوان والميليشيات المتعاونة معها، وبعد مضي ثلاث سنوات على تمركز المجلس الرئاسي في طرابلس لم يقدم على أي عمل لحل الأزمة واستمر الإخوان في التغلغل في مؤسسات الدولة، وتمدد نفوذ الميليشيات في العاصمة وضواحيها وبدأت بنهب المال العام وثروات الدولة.

في ظل هذه الظروف القاسية على الدولة الليبية تحرك الجيش الوطني الليبي لإنهاء حالة الفوضى والانقسام القائم في الدولة الليبية منذ الإطاحة بنظام القذافي، ويعتقد أن اللقاء بين حفتر والسراج في أبو ظبي تم بموجبه تفاهم يسمح للجيش الليبي بدخول العاصمة، غير أن السراج أثناء عودته إلى ليبيا عرج إلى أنقرة والتقى بالقيادة التركية وجماعة الإخوان فانحرف اتجاه البوصلة لديه، فقرر المواجهة مع الجيش الوطني الليبي، وذلك لأن القيادة التركية متهمة من كثير من الدول العربية بطموحها لعودة النفوذ العثماني في المنطقة، والإخوان معروف عنهم أنهم مشروع فتنة منذ ظهورهم يجيدون إثارة الفتن والاضطرابات، ويدرك الإخوان خطورة فقدان سيطرتهم على ليبيا، فهم ينظرون إليها على أساس أنها آخر معاقلهم والصندوق الأسود الذي يحتوي على الكثير من أسرارهم ودورهم الشرير في محاولاتهم لتخريب دول المنطقة.

لذلك بدأنا نسمع الصراخ والعويل من المنابر والمنصات الإعلامية الخاضعة لنفوذ الإخوان تطالب المجتمع الدولي بالتدخل لعرقلة جهود الجيش الوطني الليبي عن أداء مهمته النبيلة، ونسمع القرياني مفتي ليبيا المعزول يفتي بقوله "من يقاتل الجيش الليبي ويموت فهو شهيد"، محاولين إضفاء الصبغة الدينية على حربهم الضالة وقتالهم للجيش الوطني.

وخيراً فعل الرئيس السيسي عندما استقبل المشير حفتر 14/ 4/ 2019، وأكد دعمه للدور الذي يقوم به الجيش الليبي، ونتمنى أن تحذو الدول العربية الحذو نفسه، فمن الصعوبة هزيمة "داعش" في سورية والعراق وأعوانهم مسيطرون على النفط الليبي.