في البداية، أكد الخبير والاستشاري النفطي د.عبدالسميع بهبهاني، أهمية إحلال الكفاءات الوطنية محل الوافدة، فالكويتيون لهم الأولوية في المشاريع النفطية الحالية والقادمة والبنية التحتية.

وقال بهبهاني، إنه «لا يعقل أن ترصد ميزانية رأسمالية بـ35 مليار دينار لمشاريع نفط قادمة دون أن يحصل الكويتي ذو الاختصاص على فرصة للعمل بهذا القطاع، فالمواطن الكويتي توظيفه وراتبه مضمونان، ويجب أن يعطى الأولوية مقابل هذا الضمان.

Ad

وتساءل: «هل هناك فعلا ًتشبع في القطاع النفطي للوظائف، بحيث الكوادر الكويتية لا تجد لها مكاناً في سلم الوظائف؟ لا شك أن الجواب بالنفي، إذاً: لمَ الاحتجاجات تثار بين فترة وأخرى؟ أضف إلى ذلك «الرأي المنشور» في جريدة «الجريدة» بشأن إضافة عمالة هامشية إلى مهام لا يحتاجها القطاع مما يقلل من مهنية الوظائف وزيادة في التكاليف التشغيلية، علاوة على أن الوظائف الهامشية قد تعوق أيضاً نظم السلامة في التحكم.

مستويات التقنين

وتابع «هنا يجب أن نميز بين مستويات الوظائف المتطورة المهنية كالشهادات الجامعية ومافي مستواها وبين (Technicians) ومستويات التقنية التي لا تزال تعاني نقصاً في إحلال الكويتيين فيها.

وأشار إلى أن الإصرار على «تكويت» الوظائف الحساسة في قطاع النفط له جانب سياسي ضامن في أجواء التقلبات الجيوسياسية في المنطقة.

وأوضح أن برمجة مخرجات التعليم مع حاجة القطاع هو تحدٍّ يفترض على وزارة التخطيط معالجته بطريقة تختلف عن كثير من قطاعات الحكومة، ففي مشاريع النفط أخطار أمنية ومالية ضخمة جراء التساهل فيها.

عقبات في التوظيف

وبين بهبهاني أن هناك عقبتين في حل مشكلة «تكويت» الوظائف، الأولى هي في شركات المقاولات التي بلغ عددها في خدمات النفط أكثر من 50 شركة مقاولات بين عقود مباشرة وأخرى بالباطن، وهذه الشركات لا تتحمس كثيراً للكويتي رغم أن مجالات الحاجة مفتوحة لأسباب أهمها سلم رواتب الكويتي غير المشجعة للانضباط معه، ومن ذلك عدم ضمان العقود مع القطاع رغم طول مددها، وأيضاً ضمانات حماية الموظف الكويتي رغم تحمل الدولة الجزء الكبير منها، ونرى أن هذه أسباب مبالغ بها فالعامل الدافع لشركات المقاولات هو جشعها واستبدادها.

ولفت إلى أن العقبة الثانية تتمثل في القوانين الإدارية للدولة ونظم الرقابة لوظائف الكويتيين في شركات المقاولات، فقوانين التعيينات هشة وغير مراقبة، مما يسهل على المقاول التحايل عليها بطريقة تسبب أعباء مالية ضخمة على الدولة، كدعم العمالة الشكلية، وبمراجعة سريعة للتأمينات الاجتماعية

لا تستغرب أن ترى أكثر من 30 في المئة من رواتب دعم العمالة مزيفة، بينما يفترض حسب العقود مع المقاول أن يساهم في تدريب الكوادر برقابة مباشرة من المؤسسات المعنية بالقطاع النفطي.

وأعرب عن اعتقاده بأن النظم واللوائح الموضوعة من مؤسسة القوى العاملة هي محكمة من حيث التقنين ولكن تحتاج إلى رقابة وتطبيق، وأرى أن حذر المقاول من الموظف الكويتي مبالغ فيه، كما أرى قلق المواطن من العمل مع شركات المقاولة أيضاً فيه استعجال ومبالغ فيه أيضاً.

إنتاجية صفر

من ناحيته، قال الخبير النفطي كامل الحرمي، إن على المعنيين عن القطاع أن يهتموا بإيجاد آلية معينة لزيادة إنتاجية العاملين في القطاع بكل شركاته، ورأى أن إنتاجية القطاع النفطي في البلاد «ما دون الصفر».

ولفت إلى أن شركات الخدمات التابعة للشركات النفطية تعد أكثر من ممتازة لكن المشكلة حسب وجهة نظر الحرمي تكمن في عدم الالتزام بالدوام، مشيراً إلى أنه ليس شرطاً الاستعانة بالشركات العملاقة للعمل كبديل لعقود المقاولين طالما أن العقود طويلة الأمد.

وأكد الحرمي ضرورة وجوب تعيين الخريجين في شركات الخدمات النفطية وكذلك المهن الصناعية المرتبطة بالنفط.

واشترط في هذا الإطار أهمية الالتزام بالعمل الجاد ومن دون تسيب كاشفاً أن القطاع النفطي مليء بالتسيب والواسطات والمحسوبيات في التعيينات.

تدهور الأداء الوظيفي

وذكر أن المحسوبيات أدت إلى تدهور الأداء الوظيفي، وهو الأسوأ على مستوى الشركات العاملة في البلاد، لافتاً إلى أن الجهات المسؤولة عن تقييم الشركات في البلاد لديها تقارير في هذا الشأن فضلاً عن حصة أعضاء مجلس الأمة في التعيينات، متسائلاً عن جدوى تعيين رئيس تنفيذي لشركتين، وماذا سيفيد ذلك في تطوير القطاع النفطي عموماً؟

رقابة وتطوير

من ناحيتها، قالت القيادية السابقة في القطاع النفطي مها ملا حسين، إن فكرة تعيين الخريجين الكويتيين من هندسة البترول على عقود المقاولين في الشركات النفطية المحلية هي فكرة قديمة وتسير بشكل جيد لأن الكوادر الوطنية تكتسب الخبرة في العمل النفطي من خلال تلك العقود.

وأضافت ملا حسين أن على الجميع فقط ممارسة أدوارهم من حيث الرقابة وتطوير تلك الكوادر باستمرار من خلال عقد دورات التدريب، موضحة أن ذلك يجب ألا يتم فقط مع المهندسين بل لا بد أن يمتد الاهتمام إلى الفنيين من الخريجين الكويتيين الراغبين في تطوير أدائهم.

وأشارت إلى أن أغلبية الشركات التي تعمل في القطاع النفطي المحلي هي شركات عالمية لها باع طويل في عملية التدريب على أحدث تكنولوجيات النفط، مؤكدة ضرورة تطبيق مبدأ الثواب والعقاب لكل العاملين في القطاع يضمن انضباط الجميع.

تجهيز كوادر

بدوره، أيد الخبير النفطي يوسف القبندي ضرورة تعيين الشباب الكويتيين من خريجي هندسة البترول في القطاع النفطي المحلي بكل شركاته.

وقال القبندي، إن الدولة يقع على عاتقها ضرورة تجهيز الكوادر الوطنية لتطوير القطاع النفطي وليس فقط الاعتماد على الشركات الأجنبية، لافتاً إلى عدم القدرة على إلغاء أعمال الشركات العالمية التي تعمل في القطاع لأنها تمتلك التكنولوجيا الحديثة.

وأشار إلى أنه تزامناً مع الاعتماد على الخبرات الأجنبية لابد من بناء جيل وطني من الكوادر الكويتية وتدريبه على مستوى عالٍ لأن ذلك يخدم القطاع النفطي وينعكس في الوقت نفسه على الاقتصاد الوطني كقيمة مضافة.

وأوضح أن تعيين الخريجين في الشركات النفطية الخاصة على عقود المقاولين يكسب الكوادر الوطنية المزيد من الخبرات الجيدة إذ إن شركات القطاع الخاص تمتاز بالمرونة بدلاً من الروتين الحكومي والمحسوبية مما ينعكس على قضية الإبداع والانطلاق بحرية في إخراج الأفكار الإبداعية.

وذكر أن ما سيحصله الكادر الوطني من عمله في شركات النفط الخاصة لن يجده في المجال نفسه في الحكومة، لافتاً إلى أن الاستراتيجية النفطية التي رسمتها البلاد تحتاج إلى العناية بشكل سريع لتجهيز مخرجات التعليم المتخصصة في البترول.