رغم قبوله مهمة التطوير وعناء مسؤولية الإشراف على رئاسة المحكمة الكلية، فإنه لم يخفِ حقيقة أننا بحاجة إلى تطوير منظومتنا القضائية التي تعيشها المحاكم، وتعديل قانون المرافعات الكويتي وإدخال التقنية الحديثة لإجراءات التقاضي، وإيجاد حلول لقضايا التركات التي تشهدها المحاكم، التي أصبحت تتزايد بين الأسر، فضلاً عن ضرورة إنشاء محاكم اقتصادية تلبية لدعوة سمو الأمير بجعل الكويت مركزا اقتصاديا وماليا.

رئيس المحكمة الكلية عضو المجلس الأعلى للقضاء، المستشـار د. عادل بورسلي، تقدم في حوار لـ «الجريدة» بالأسف للمتقاضين بسبب المشاكل التي يواجهونها في قضية إعلانات الدعاوى القضائية، ومؤكداً أن طريق الحل قادم، وذكر أن الإعلان الإلكتروني لم ينجح في حل مشكلة الاعلانات لكونه اختياريا، وأن الأمر يتطلب تدخلا تشريعيا بالسرعة الممكنة. ورغم الدعوات التي تنادي بتكويت القضاء الكويتي وتوقّف الاستعانة بالخبرات الأجنبية، ردّ المستشار بورسلي «أننا بحاجة الى تلك الخبرات إلى أن يتم وضع خطة منهجية لتطوير القضاء، وإن تلك الاستعانة لا تعني وجود قصور عند قضاتنا الكويتيين، فهم متميزون في كل المجالات القانونية، لاسيما التجارية والجنائية».

Ad

ولم يخفِ المستشار بورسلي أيضا رغبته في الحديث عن مطالبات إصدار قانون لمخاصمة القضاة، قائلا إن المخاصمة مكانها قانون المرافعات لا تنظيم القضاء، وإن نظام المخاصمة اندثر وتلاشى في النظم القانونية المقارنة التي تبنته، وأبرزها قانون المرافعات الفرنسي، وتمت الاستعاضة بمنهج مسؤولية الدولة على أخطاء السلطة القضائية بحسبانه أحدث التطورات التشريعية.

وعن مراجعات التشريعات في الكويت، قال إن الكويت عاشت مرحلتين تاريخيتين للتشريعات؛ الأولى من 1959 الى 1963، وهي التي وضعت بها البنية التحتية للتشريعات، والثانية من 1979 الى 1984 والتي صدرت بها قوانينا الحالية في حين نحن بحاجة الآن الى مرحلة ثالثة، بعد أن شوهت التعديلات المتكررة للقوانين، وبددت التناغم بين موادها، وهناك أمثلة لها كقوانين الجنسية والانتخابات لتؤكد ذلك الأمر، ونحتاج إلى مرحلة جديدة يتم فيها إعادة انتاج القوانين بما يتناسب مع الرؤى المستقبلية. ولم يخلُ الحديث مع المستشار بورسلي عن مطالبته بضرورة إقرار نظام تقاعدي لرجال القضاء يضمن لهم الحياة الكريمة بعد انتهاء الخدمة، وضمان صحي يدرأ حاجة القضاة للآخرين، فرجال القضاء الحصن الحصين والملاذ الآمن لكل ذي مظلمة، وهي حقوق تأخر إقرارها كثيرا، وفيما يلي نص الحوار:

• كيف تقيّمون إجراءات التقاضي في المحكمة الكلية؟

- المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل وإدارة كتاب المحكمة الكلية الأسرة الكلية سخّروا كل الإمكانيات اللازمة للتسهيل على المتقاضين، وتيسير إجراءات رفع الدعاوى على العرائض، وأوامر الأداء، وأضحت كافة أدوات الحماية القانونية متاحة في وقت مختصر وإجراءات متقصدة.

ونقوم بجولات ميدانية ومتابعات متواترة للتحقق من انسيابية الإجراءات، ونهتم ونتلقى الشكاوى والملاحظات من الخصوم والمحامين، ونبحث عن الحلول بالسرعة الممكنة، إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود بعض الاختناقات الناشئة عن توقف القانون الإجرائي عن السّير في رَكب المستندات والتطورات القانونية الحديثة، وأبرز مثال على ذلك آلية الإعلان القضائي.

• يشتكي عدد من المتاقضين من إجراءات الإعلانات في المحكمة الكلية؟ هل عالج الإعلان الإلكتروني مشكلة الاعلانات؟

- نتفهم ونأسف لشكاوى الجمهور من إجراءات الإعلان من المحكمة الكلية، وبذلنا ولا نزال كل الجهود والمحاولات المتاحة، وأعتقد أننا نجحنا في تحجيم الإشكالية والسيطرة عليها، ومع الأسف الإعلان الإلكتروني لم يعالج هذه المعضلة، ويرجع السبب لكونه اختيارياً يستند الى سلطات إدارة المتقاضين، فضلا عن أن القانون إجازة للأشخاص الاعتبارية فقط، وحل هذه المسألة يتطلب تدخلا تشريعيا بالسرعة الممكنة.

• هل نحن بحاجة الى وضع منظومة جديدة لإجراءات التقاضي في المحاكم الكويتية؟

- نعم بالتأكيد، نحن في أمسّ الحاجة الى مراجعة تشريعية وحلول قانونية ناجعة وعملية لإجراءات التقاضي، ليس في المحكمة الكلية فحسب، بل في قانون المرافعات المدنية والتجارية بأكمله، وهذه الحلول ينبغي أن تكون مدروسة بعمق يتناسب مع خصوصية المجتمع الكويتي، والمستوى الثقافي المتقدم الذي يتمتع به الفرد في المجتمع، ولابد من توظيف التقنية الحديثة لتسهيل إجراءات التقاضي وسنّ نصوص مرنة يمكن من خلالها ملاحقة التطورات الرقمية وغيرها، والاستفادة منها في إزالة المعوقات الإجرائية، ولعل أهم الأمثلة المثارة في هذا الشأن دعاوى التركات التي أثبتت الإحصاءات ارتفاع أرقامها، ونظام التقاضي الحالي يستلزم سنة على الأقل للفصل فيها، ونلمس بكل أسف أن الأمر طويل، وينعكس سلبا على العلاقات الأسرية بين الورثة.

• كيف تقيّم تجربة ربط القوانين الجديدة بإنشاء دوائر متخصصة، وكذلك الحال بأماكن الطعن عليها امام محكمة التمييز؟

- لا أعارض أبدا سن قوانين جديدة وإنشاء محاكم متخصصة، بل وأدعو الى ذلك، مع التذكير بأن تناسب القوانين الجديدة والمحاكم طبيعة المجتمع الكويتي وتراعي ظروفه.

فقد أثبتت التجربة حاجة قوانين بعض المحاكم الخاصة إلى التعديل بعد فترة بسيطة من العمل بها، والأمر المؤسف أكثر أن التعديلات لم تعالج أخطاء هذه القوانين، بل زادتها.

وفي هذا الخصوص، أتمنى إنشاء محاكم اقتصادية تخدم دعوة سمو الأمير، حفظه الله، لتحويل الكويت الى مركز مالي عالمي، لاسيما أن دولة الكويت تملك الملكة والمؤهلات المطلوبة، وتبقى لمحكمة التمييز الكلمة الأخيرة والقول الفصل والأمان القانوني لكل المنازعات.

• كيف تقيّمون تجربة عمل القاضي الكويتي بعد إنشاء القضاء الكويتي لأكثر من 50 عاماً؟

- التقييم يجب أن يكون مؤسسيا لا شخصيا، فالاجتهادات الفردية قد لا تكون قطعية الدلالة، وهذا ما كنت وما برحت أدعو اليه، تقييم من متخصصين يتناول آليات الولوج الى القضاء ودراسات إحصائية عن الأعداد الحالية، ومعدلات القبول السنوية، مقارنة بنسبة زيادة عدد السكان والقضايا، وقياس جودة الأحكام واتساقها مع بعضها ومدى التضارب بينها، على أن يبدأ التقييم من المحاكم العليا، ثم الأقل علوا، فالمطلوب تقييم وتشخيص علمي عملي موضوعي مهني، وفحص برامج التأهيل والتدريب القضائي ومدى ملاحقتها للتطورات والفقهية والقضائية.

• هل نحن فعلا بحاجة إلى الاستعانة بالخبرات الأجنبية؟

- حاليا نعم، وإلى أن يتم وضع خطة منهجية لتطوير القضاء، وترميم كل ما يحتاج إليه البيت القضائي، ولا يعني ما تقدم أن أنسب التقصير للعنصر الكويتي، فأنا أول من يشهد على إخلاصه وتفانيه ونزاهته وتجرده، بل وتميزه في مجالات قانونية عديدة، لا سيما في الجانب التجاري والجنائي.

• كيف تقيّم فكرة تعيين قاضيات في المحكمة الكلية خلال الأعوام القادمة؟

- مع التأكيد على احترام الرأي القانوني والشرعي حول هذا الأمر، فمن المبكر جدا الحكم على التجربة بالنجاح والفشل، خاصة أنها لم تمارس العمل بالجلوس على منصة القضاء، وأتمنى التوفيق للجميع.

• لماذا لا يكون لدينا قضاة متخصصون في المحكمة الكلية، ولماذا يكون بالاستئناف فقط؟

- التخصص يكون في المحاكم العليا، بدءا من الاستئناف، بعد أن يجتمع للقاضي محصلة علمية تخوله التخصص، فالمحكمة الكلية جامعة ومانعة لأفرع وأصناف وأنماط القوانين يعمل فيها القاضي مدة قد تصل الى ثلاث عشرة سنة بعد عملية في النيابة العامة، يستطيع خلالها التثبت من قدراته والتحقيق من ميوله معرفة التخصص الذي يناسبه ويجد في الإبداع والتألق.

مع التذكير بأن الدراسات الأكاديمية الحديثة تتجه الى إلغاء الحواجز بين افرع القوانين، فالشراكة بين القطاعين العام والخاص والتقنية الحديثة والتجارة الإلكترونية العابرة للقارات غيرت معالم جغرافيا القانون.

• لماذا لا تقومون بندب قضاة من المحكمة الكلية للعمل في نيابة التمييز لرفع كفاءة القضاة؟

- فعلا، نحن نسعى إلى ندب قضاة من المحكمة الكلية في نيابة التمييز، لصقل العقلية والملكية القانونية، ولوضعهم على أول مدارج العمل في محكمة التمييز، وعندما تتوافر الأعداد اللازمة من القضاة، سنسعى الى تكرار هذه التجربة، فالأعداد الحالية من القضاء الكويتيين الجدد القادمين من النيابة العامة تكاد تكفي

لاستيعاب خطط المحكمة الكلية في فتح دوائر جديدة، وتغطية التزايد في أعداد القضايا.

• لماذا لا تقومون بإنشاء جهاز يرصد جودة الأحكام القضائية التي يصدرها القضاة في المحكمة الكلية، وإخضاع القضاة للتطوير على كتابة الأحكام؟

- هذا الجهاز قائم وموجود، وهو اختصاص أصيل لإدارة التفتيش القضائي التي تقوم بعمل تفتيش قد يكون دوريا وقد يكون مفاجئا على كل أعمال القضاة، وتطلب الملفات والاطلاع على كل الخطوات المتخذة منذ انعقاد الخصومة وحتى ختامها أيا كان الحكم أو الإجراء المتخذ فيها، وتقدم تقارير يخطر بها القضاء عملا بالمادة 31 من قانون تنظيم القضاء وما بعدها، وهناك جهاز آخر للتفتيش على أعمال أعضاء النيابة العامة، أما بالنسبة إلى تطوير كتابة الأحكام، فهذه مهمة القاضي نفسه، بالتعاون مع زملائه الأكثر خبرة ومعهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية.

• كيف تقيّمون معدل فصل القضاة في المحكمة الكلية، وهل ينم عن زيادة عدد القضايا في المحكمة الكلية؟

- نتابع بدقة معدلات فصل القضاة في القضايا، وتردنا شهريا إحصاءات مفصلة من قطاع نظم المعلومات في وزارة العدل عن إنتاج كافة الدوائر في المحكمة الكلية ومحكمة الأسرة، ونرصد معدلات تدفق القضايا، وعلى هذا الأساس يتم ترتيب الدوائر في الجمعيات العمومية، وقد أصدرت المحكمة الكلية في عام 2018 أكثر من 600 ألف حكم قطعي.

• هل تؤيدون فكرة إنشاء منصب رؤساء للمحاكم الكلية في كل محافظة، وذلك تسهيلا لعمل المحاكم؟

- هذه الفكرة تدارسها المجلس الأعلى للقضاء، وبحثت في مشروعات تعديل قانون تنظيم القضاء، وأعتقد ان الحاجة ليست ملحة لها في الفترة الحالية على الأقل، لاسيما مع المجهودات الجبارة المبذولة من اعضاء المكتب الفني في المحكمة الكلية.

• كانت لكم ورقة بمؤتمر الحوكمة حول تطوير القضاء، وكان رأيكم بضرورة بناء شخصية القاضي الكويتي، كيف ترون ذلك؟

- بناء شخصية القاضي من أهم متطلبات ومقومات استقلال القضاء، فالقاضي هو العنصر العضوي في السلطة القضائية وأهم مكوناتها، وصقل شخصيته وعقليته القانونية وإحاطته شخصيا بالضمانات اللازمة لحمايته من كل ما يمس عمله وشخصه يضمن ثقته بنفسه وثقة المجتمع والمتقاضين به، ويسهل المحافظة على استقلال القضاء كسلطة، ويأتي هذا من الحرص على انتقاء القضاة ووكلاء النيابة العامة وسن برامج وخطط ودورات تدريبية تطبيقية تأسيسية ومستمرة تقتفي أثر أحدث التطورات في علوم القانون والعدالة، وتعليم القاضي كيف يعلم نفسه بنفسه ومراقبة أعماله القانونية والتعديلات التي تطرأ عليها من المحاكم العليا ومتابعة أحداث الأحكام والتشريعات واللوائح والندوات والمؤتمرات والمنتديات القانونية.

• هل ترون أن البرامج والدورات التي يقدمها معهد الكويت للدراسات القضائية تكفي لتطوير أداء القاضي الكويتي؟

- معهد الكويت للدراسات القضائية أضحى بحمد الله منارة علمية، يستنير بها رجال القضاء وأعوانه من خبراء وأمناء سر ومندوبي إعلان وضباط دعاوى، والعاملين في الجهات الحكومية من القانونيين وخريجي الشريعة بأحدث العلوم والمعارف في عالم القانون وتطبيقات القضاء والعدالة.

وللمعهد علاقات ضخمة مع منظمات دولية، مثل منظمة العدل الدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الوايبو للملكية الفكرية، والتعاون مع المعاهد العربية والأوروبية لتبادل المحاضرين والخبرات، ويقدم دورات في مستجدات وتطورات العدالة، والمعهد حاليا خلية نحل نفخر بمستواه، ونشيد بالقائمين عليه.

• يشتكي عدد من المتقاضين من التأخير في الفصل بالقضايا، وفي ورود تقارير الخبرة، هل هناك حلول اتبعت لتلك المسائل؟

- الإجابة عن هذا السؤال من شقين، الأول يتعلق بالتأخير في الفصل بالقضايا، وأؤكد أنه تمت معالجة هذه الإشكالية بشكل كبير، والمعالجة النهائية تتم عند إصلاح نظام إعلان صحف الدعاوى والأوراق القضائية، فهذا الإجراء هو أكثر أسباب تأخر الفصل في القضايا، والتقدم الحاصل في هذه المشكلة، وإن كان منظورا، إلا أنه لا يرضي طموحنا، وعلى أية حال أبوابنا مفتوحة لأي شكوى تتعلق بتأخير غير معقول أو مبرر في أي قضية.

أما بشأن تقارير الخبرة فالجميع يلاحظون التغير الإيجابي في هذا الأمر، خاصة بعد التعيينات الأخيرة في إدارة الخبراء، وفي هذا المقام لابد من توجيه الشكر والامتنان لسمو رئيس مجلس الوزراء والحكومة الرشيدة على توفير أفضل الإمكانات لإدارة الخبراء، ودعمها بكل ما يلزم، ومن المتوقع انتهاء هذه الشكاوى خلال العام القضائي المقبل إن شاء الله.

• كيف تقيمون العلاقة بين المحامين والقضاة في المحكمة؟

- العلاقة بين القضاة والمحامين علاقة ود واخوة، يجمعها حب هذا الوطن وخدمة من يسكنه وبلوغ العدالة، فالتواصل واللقاءات مع الإخوة المحامين لا تتوقف، بدءا من المستشار رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وأعضاء المجلس وكل رجال القضاء.

والكل يعلم طبيعة المجتمع الكويتي، فالقضاة والمحامون اخوة وجيران وزملاء في مقاعد الدراسة، وما قد تفرزه ظروف العمل من منازعات أو سوء فهم أمر طبيعي ويتفهمه الطرفان.

• هناك دوائر قضائية في المحكمة الكلية تقرر شطب الدعاوى بمجرد عدم حضور متقاضين بعد النداء الأول ودون انتظار الثاني؟ وهناك دوائر تتشدد في موضوع الإعلان وتطلب إعادته رغم سلامة الإعلان الأول؟

- شطب الدعاوى من عوارض الخصومة التي نظمها قانون المرافعات المدنية والتجارية، وهو إجراء نص عليه القانون، وعلى المتقاضي الالتزام بمواعيد عقد الجلسات، وإدارة الدعاوى شأن المحكمة، ولا يوجد في المرافعات شيء اسمه نداء ثان، وقانون المرافعات قانون إجرائي لا يقبل الاعراف، وعند النداء على المدعي، قد يغادر المدعى عليه القاعة بسبب تأخر أو عدم مثول المدعي، ومبدأ المواجهة قد يكون سببا في قرار الشطب بعد انصراف المدعى عليه من القاعة، ولم يحدث ان شطبت دعوى بحضور المدعي دون طلب منه.

أما بشأن الإعلانات، فلا نجادل بأنها معضلة إجرائية، بيد أن قانون المرافعات يوجب في أحوال معينة إعادة الإعلان، ومنها عندما تكون الطلبات في حدود النصاب النهائي للمحكمة.

• ما رأيكم في عقد عدد من الدوائر في مختلف القضايا بالمحكمة الكلية للجلسات في غرفة المداولة رغم أن الأصل أن تكون الجلسات علنية؟

- التعليمات التي وجهت لمستشاري ووكلاء وقضاة المحكمة الكلية، مع بداية انعقاد الجمعية العمومية في سبتمبر الماضي، تضمنت وجوب عقد الجلسات في قاعات المحاكم، ورجال المحكمة الكلية ملتزمون بهذه التعليمات، والشكاوى التي وردت بهذا الخصوص شحيحة، وتم التعامل معها في وقتها وحلها، مع التذكير انه يحق للمحكمة ان تنظر بعض الدعاوى في غرف المداولة، عندما تقدر ذلك أو تتطلب معطيات الدعوى السرية، لا سيما أن ذلك مطلوب في محاكم معينة كالأسرة والأحداث.

• مارأيكم في عدم التزام عدد من الدوائر القضائية بارتداء الروب أو عدم عقد الجلسات في المواعيد المحددة؟

- رجال المحكمة الكلية متقيدون بارتداء الروب، والجميع يلاحظ ذلك، أما فيما يتعلق بمواعيد الجلسات فالأمر متحقق، والتأخير ان وجد يكون لأسباب معينة مثل ندب قاض محل زميل له فيحدث التأخير بسبب انشغال القاضي في جلسة أخرى.

وهنا أوجّه أبلغ عبارات الشكر والتقدير لزملائي مستشاري ووكلاء وقضاء المحكمة الكلية على مجهوداتهم الكبيرة وتفانيهم في عملهم.

• هل من كلمة أخيرة تودون ذكرها؟

- ان تعرض مشاريع القوانين المتعلقة بالسلطة القضائية على المجلس الأعلى للقضاء واللجنة الدائمة للتشريعات في وزارة العدل لإبداء الرأي فيها، وألا يكون التلويح بالتعديلات ردود أفعال لصدور أحكام معينة، ولعل ابرز مثال على ذلك ما يثيره السياسيون بين فترة وأخرى بشأن مخاصمة القضاة، ونؤكد أن المخاصمة محلها باب عدم صلاحية القضاة في قانون المرافعات لا قانون تنظيم القضاء، وان نظام المخاصمة اندثر وتلاشى في النظم القانونية المقارنة التي تبنته، وأبرزها قانون المرافعات الفرنسي، وتمت الاستعاضة عنه بمنهج مسؤولية الدولية على اخطاء السلطة القضائية، بحسبانه أحدث التطورات التشريعية في القرن الواحد والعشرين.

ونذكر أن دولة الكويت مرت بمرحلتين تشريعيتين مهمتين:

الأولى خلال الأعوام 1959 حتى 1963، وفيها وضعت البنية التحتية للتشريعات، ومنها قانون تنظيم القضاء رقم 19 لسنة 1959، وقانون الجنسية، وقانون الوظائف العامة والمرافعات والجزاء، والإجراءات الجنائية، والعلاقات القانونية لذات العنصر الأجنبي وغيرها، ومن ثم الدستور وقانون انتخاب أعضاء مجلس الأمة.

والمرحلة الثانية منذ عام 1979 حتى 1984، وفيها صدر القوانين الحالية، وهي الخدمة المدنية، وقانون المرافعات، والمدني، والتجاري، والإثبات، والأحوال الشخصية والتجارية، والدائرة والإدارية في المحكمة الكلية، وفيها تمت الاستعانة بأعلى قامات القانون من أساتذة الجامعات أو القضاة في الوطن العربي من داخل الكويت وخارجها.

ونحن بحاجة إلى مرحلة ثالثة، بعد ان شوهت التعديلات المتكررة القوانين، وبددت التناغم بين موادها، ونظرة عابرة لقانون الجنسية وقانون الانتخاب كمثالين لتأكيد ذلك، فالقانون عبارة عن كل متكامل ونسيج متماسك، والتعديلات المتلاحقة باعدت بين مواده، وجاءت قوانين التقنية الحديثة المتسارعة لتكرس الغموض في المعاني والمباني.

مرحلة جديدة يتم فيها إعادة انتاج القوانين، بما يتناسب مع الرؤى المستقبلية لدولة الكويت، والخطط المرسومة للنهوض بها في كل المجالات.

ولابد من إقرار نظام تقاعدي لرجال السلطة القضائية يضمن الحياة الكريمة بعد انتهاء الخدمة، وضمان صحي يدرأ حاجة القاضي للاخرين، فرجال القضاء هم الحصن الحصين، والملاذ الآمن لكل ذوي مظلمة، وهذه حقوق تأخر إقرارها كثيرا.

ونشكر جريدة «الجريدة» والقائمين عليها وقراءها الكرام على هذه الاستضافة.

وأخيرا الشكر الكبير لسمو أمير البلاد، وولي عهده الأمين، وسمو رئيس الوزراء، ووزير العدل على كل ما يقدم للقضاء ورجاله.

مجلس الدولة مطلب ملحّ وتشكيله من رحم القضاء

عن رأيه في إنشاء مجلس للدولة، قال المستشار بورسلي: «أنا من أول المنادين بإنشاء مجلس للدولة في الكويت، وكتبت بحثا بعنوان (آثار الحكم بدعوى الإلغاء)، ونشر في عام 2013، وفي التوصيات ذكرت أن الحاجة أصبحت ملحة لإنشاء مجلس الدولة بالكويت لأكثر من سبب، منها معالجة التضارب والتناقض الصادر من بعض الأحكام الصادرة من بعض الدوائر بمحكمة التمييز، وأبرز مثال على ذلك موضوع الجنسية والطعون الانتخابية والقيود الأمنية والإحالة للتقاعد وفق نص المادة 76 من قانون الخدمة المدنية، ومسائل كثيرة تحتاج الى محكمة إدارية عليا توحد هذه المبادئ».

وأشار إلى أن قانون إنشاء الدائرة الإدارية نفسه ذكر بالمذكرة الإيضاحية أن هذا القانون عبارة عن تجربة إذا نجحت يتم تطويرها، ما يعني أن المشرع نفسه هو الذي وعد وبشر بأن هذه التجربة ستتطور ويكفي كفترة من عام 1981 الى عام 2019، ما يقارب 38 عاما، لوجود دائرة إدارية في المحكمة الكلية.

وأوضح أن مجلس الدولة يهذب العمل القانوني في الدولة كلها، من خلال الفتاوى التي تعطى للوزراء والجهات الادارية، والتي تكون صادرة من جهاز قضائي، وهي فتاوى مستقلة لا تراعي ولا تجامل، وبالتالي تدعم صانع القرار، وتكون عنده استشارة قانونية تسنده وتقوي عزيمته بإصدار القرار، وأيضا بموضوع العقود الإدارية نسمع كثيرا عن الخلل بهذا الأمر، وإبرام العقود من خلال جهاز قضائي يقدم الرأي فيها ويراقب الجانب القانوني في هذا الجانب، ويساعد على التجرد ونزاهة هذه العقود في ظل الفعالية الموجودة بديوان المحاسبة، وإذا تفعل الجانب القانوني والمحاسبي فسيحقق الأمر فعالية الرقابة، وايضا هذا سينعكس على أداء مجلس الأمة عند مناقشته للميزانيات والحساب الختامي للدولة.

وحول تشكيل مجلس الدولة، أكد ضرورة أن يكون التشكيل من الجسم القضائي، والآن من ينظر بالقضايا الإدارية قضاة، وهم من يتولون العمل بمجلس الدولة، ويكون أعضاؤه من رحم القضاء، حرصا على شخصية القاضي.

وتابع: «أما بالنسبة لأعضاء إدارة الفتوى والتشريع فقانون الإدارة صدر قبل الدستور، وهم مدافعون عن الدولة، وبالتالي هم أعضاء هيئة قضايا الدولة، مشيرا إلى أن الوقت حاليا مناسب وملح لإنشاء مجلس الدولة».