نعيش في عصر حافل بالكوارث والمآسي، وبشتى أشكال المخازي؛ العرقية والطائفية والتعصب والعنصرية، وأشد أنواع الكراهية، فالفواجع التي نعيشها في هذا الزمن لا تُعد ولا تُحصى.

ولستُ أدري كيف أبدأ مقالتي، والأفكار التي تتدفق في ذهني عن كل ما هو كالح السواد؛ دماء تسيل متزامنة مع ثواني الساعة، وبالذات في وطني العربي؛ حروب مستمرة بين الأشقاء وأبناء العقيدة الواحدة، فساد سياسي واقتصادي واجتماعي بالغ القذارة، ويكاد يشل قدرات الإنسان على التفكير برؤية صحيحة سليمة، لدرجة أن هناك مَن يفكر بجدية متناهية في أن يضع يده بيد أشد أعداء الأمة العربية، ظاناً أنه سينجو من الدمار المحدق بالوطن، وهو يعلم أن هؤلاء الأعداء هم مَن خططوا ورسموا ونفذوا دمار هذه الأمة!... لقد وصلت الأمور إلى أقصى تداعياتها الكوارثية.

Ad

***

• ولا أدري حين يكتب التاريخ عن زمننا هذا الملوث بكل الوساخات اللاإنسانية، ماذا ستقرأ عنا أجيال العصور التي تأتي بعدنا؟!...

أظن أن أقل ما سيقال عن زمننا هذا:

لقد عاش أجدادنا في أحط مراحل الجهل والتخلف والفساد والعداوات والكراهية بين بعضهم البعض، وليس بين أعدائهم!

لقد عاش أجدادنا في مستنقعٍ آسنٍ من الإثم والعدوان، عاشوا الانحرافات اللاإنسانية واللاأخلاقية. إن أجدادنا كانوا يسرقون الأموال العامة، ويُزيفون الانتخابات، وإعلامهم كاذب.

لقد كان أجدادنا يعقدون مؤتمرات تحت عناوين براقة، بأنهم سوف يتحدون، ويتعاونون، ويقفون صفاً واحداً ضد أعدائهم، لكن للأسف كان العنوان مجرَّد شعار زائفٍ، لأن أجدادنا كانوا يتآمرون على بعضهم البعض مع أعدائهم، وكأنهم بذلك يعيدون تاريخ مخازي أجدادهم في الأندلس، بعد أن استوطنتها الأجيال العربية والإسلامية ثمانمئة عام وأكثر، وإذا بهم يُطردون منها شر طردة، لأنهم تآمروا ضد بعضهم البعض مع أعدائهم، ولم يتعظ أجدادنا، فسعوا للتطبيع مع مَن احتل أوطانهم وشتت شملهم.

***

• في زماننا هذا صار يتجرأ علينا مَن يدخل مساجدنا ويرشقنا بالرصاص ونحن نتعبَّد لله، كما حدث في الخليل منذ سنوات، وحدث مئات المرات في العديد من المساجد بالعالم، ونيوزيلندا ليست آخر المطاف، والأدهى من ذلك والأمرُّ، أن بعض المساجد كانت تتفجَّر برصاص المسلمين أنفسهم، لقتل أشقائهم المسلمين!

***

• أيها القارئ الكريم:

اعذرني: لقد كتبتُ هذا المقال، بعد أن شاهدتُ على "يوتيوب" خطاباً لجيري فالويل جونيور، رئيس جامعة ليبرتي في أميركا، وهو من أنصار ترامب، يدعو فيه جميع الأميركيين إلى حمل السلاح، كما يحمل هو مسدساً في جيبه، لقتل العرب والمسلمين وتطهير العالم منهم، وكانت الجماهير العريضة تصفق له!

مَن يرد الاطلاع على هذا الخطاب، فهو على "يوتيوب" تحت الاسم الذي ذكرته – جيري فالويل جونيور – رئيس جامعة ومن أنصار الحبيب ترامب!