في السابع من سبتمبر 1961 صدر مرسوم بتحديد هوية وشكل علم الكويت الجديد، علم الاستقلال، ومن ثم الدستور. العلم الجديد به أربعة ألوان وله نكهة خاصة، فألوانه الأربعة تحمل ضمن طياتها تعددية، وتنوعاً، وقبولاً للآخر، وليس لوناً واحداً فقط، لا تحمل ضغينة ضد أحد، منفتحة، لتعلن أن المجتمع الكويتي ليس حكراً على فئة دون فئة، ولا أساس لتصور بنظرة دونية من فئة على فئة. لم يأت العلم الجديد متصارعاً مع أعلام سبقته، لكنه صار علم الدولة، راسخاً مرفرفاً، كما أنشد الفنان المبدع حينها سعود الراشد، رحمه الله، بأغنيته الجميلة "رفرف يا علم بلادي".

في الكثير من البلاد، التي مرت بحروب أهلية، أو تلك التي يوجد فيها صراع إثني أو عرقي أو سياسي، تظل آثار تلك النزاعات حتى بعد نهايتها. وكثيراً ما يكون العلم موضوعاً لذلك الصراع. ظهر ذلك في أميركا مثلاً في الصدام الحاد بين رافعي علم الكونفدرالية اليمينيين المتطرفين ضد العلم الرسمي. وفي الاتحاد السويسري، المكون من كانتونات مستقلة، فإن لكل كانتون علمه، وجيشه، ونشيده الوطني، حتى لو كان ذلك رمزياً. الأمثلة على صراعات الأعلام كثيرة لا حصر لها، وبالذات في الأنظمة الفدرالية.

Ad

أما في الكويت، وعبر تاريخها، فلم يتم رفع علم إلا راية الدولة، إلا أن الملاحظ هنا هو بروز علم الكويت القديم الأحمر بنفس الدرجة، وربما على حساب العلم الرسمي المعتمد.

وفي حين نتفهم بروز العلم القديم على سبيل الرمزية التاريخية، لا أن يصبح منافساً لعلم الدولة، كما شهدت ذلك الاحتفالات الأخيرة، فإن السؤال هو: لماذا يتم استخدام العلم القديم الأحمر بهذه الكثافة؟ هل هو حنين للماضي؟ أم موقف من الدولة؟ أم حالة اغتراب سياسي واجتماعي؟ علامة الاستفهام هنا ليست على ظهور العلم، ولكن على ظهوره الطاغي، حتى إنك تجد البعض لا يرفع إلا العلم الأحمر، ويتجاهل علم الكويت الرسمي، وهو سلوك غير مفهوم في إطار احتفالات جاء بعدها تحرير البلاد من براثن غزو واحتلال، راح فيها من بيننا شهداء لمجرد احتفاظهم بالعلم. يتبقى أن نقول إن ألوان علم الكويت تم استيحاؤها من أبيات شعر للشاعر العراقي الشهير صفي الدين الحلي، المولود في الحلة سنة 1277م، والمتوفى في بغداد 1349م. هي قصيدة مشهورة مطلعها:

"سَلي الرِّماحَ العَوالي عَن مَعالينا

واستَشهِدي البيضَ، هل خابَ الرّجا فينا؟".

أما ما يخص البيتين اللذين تركبا على علم الكويت وألوانه، فكانا:

"إِنّا لَقومٌ أَبَتْ أخلاقُنا شرفاً

أنْ نَبتَدي بالأذى مَن لَيسَ يؤذينا

بيضٌ صنائِعنا، سودٌ وقائِعنا

خُضرٌ مَرابِعُنا، حُمرٌ مَواضينا"