لما كان العقد كما هو متفق عليه شريعة المتعاقدين pacta sunt servanda، فإن التمويل من خلال الاقتراض يمثّل تعاقدا فيما بين جهة الإقراض والمقترض.

وعلى طرفي التعاقد احترام العلاقة العقدية. وبالتالي، فلا يجوز على مؤسسة الإقراض التلاعب بأسعار الفائدة بما يخالف قواعد البنك المركزي، ولا يجوز للأفراد التملص من التزاماتهم.

Ad

وفي حالة إخلال الأفراد تجاه البنوك بالتزاماتهم في سداد الأقساط المستحقة، وفي حالة تلاعب البنك كذلك، فيحق للأفراد رفع دعوى خبير بهذا الصدد.

وفي ضوء ذلك، فإن البنوك تلعب دورا مهما في الاقتصاد الوطني. فتقوم بتمويل المشاريع والشركات والأفراد وتحرّك السوق بالتالي. ويأخذ التمويل أشكالا عديدة، لعل أهمها القروض وعمليات المرابحة بالنسبة إلى المصارف الإسلامية. وحاجة الأفراد إلى التمويل تختلف وفق نوعها حاجة كمالية أم أساسية. وتأتي المطالبات من الأفراد تباعا وفقا لذلك، بإسقاط القروض أو إنهاء التمويل بالمرابحة. وهنا نتوقف لنمعن النظر في الآثار المترتبة اقتصاديا على ذلك.

أولا، إن في إسقاط القروض أثرا مترتبا على ازدياد غلاء الأسعار في مواجهة الكافة، لأن القوة الشرائية للمواطن ستزداد، وسيزداد معها الطلب على السلع والخدمات، الأمر الذي يترتب عليه زيادة في الأسعار. فالأرض التي قيمتها 100 ألف قد تصبح 150 ألفا، وربما أكثر، فما ذنب المواطن غير المقترض بهذه الزيادة؟

وربما يرد البعض على ضرورة وضع سقف للأسعار من قبل الحكومة، إلا أن هذا الكلام لا يستقيم في دولة يعتمد اقتصادها على السوق الحرة المفتوحة، وفقا للعرض والطلب والمنافسة في الأسعار والخدمات، فلسنا في دولة شيوعية.

كذلك إن في إسقاط القروض تشجيع على التوجه الاستهلاكي، وكان من الأجدر المطالبة بالادخار وتشجيع الاستثمار من خلال إنشاء الدولة شركات مساهمة عامة، وتدعو المواطنين إلى الاكتتاب فيها وتشجيعهم على هذا التوجه.

كذلك إن في إسقاط القروض أثرا بالغا على البنوك، فإن دورها من خلال تعجيل القرض من خلال مبلغ «كاش» سيؤثر على أسعار الفوائد مستقبلا، وكأن البنك انقلب من مؤسسة إقراض إلى مؤسسة خيرية.

كما أن إسقاط القروض لا يتماشى ورؤية الكويت 2035 من خلال إرهاق البنوك بتعجيل القرض. وهذه الرؤية بحاجة إلى موسسات اقتصادية ذات قدرة ائتمانية عالية، كما أن هذا التعجيل لا يتلاءم مع سياسة البنوك بشكل أو بآخر، علاوة على أن هذه العملية ستكون بمنزلة الحلول في المديونيات، وستلتزم الدولة، من خلال المال العام، بالتكفل بدفع هذه المديونيات، وهو ما سيخلق أو قد يتسبب على الأقل في الإضرار بالمال العام.

وأيضا، فإن إسقاط القروض يخل بمبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين والمقترضين أنفسهم حتى. فهناك مواطن غير مقترض، وهناك من قرضه 10 آلاف، وهناك من قرضه 20 ألفا.

وقد ينادي البعض بوجوب إعطاء منحة لجميع المواطنين بدل إسقاط القروض، إلا أن هذه العملية ستنعكس آثارها مجددا على غلاء الأسعار.