رغم أنني مهتم بالشأن العام، ومتابع جيد للإعلام المحلي، بحُكم طبيعة عملي، لكنني لم أعلم إطلاقاً أن هناك لجنة حكومية تُدعى "لجنة زواج الكويتيين بأجنبيات بالخارج"، حتى نشرت صحيفة زميلة إحصائية لتلك اللجنة، بأنها وافقت على زواج 250 كويتياً بالخارج، ورفضت 515 طلباً، كما رفضت نظر 212 حالة، لأنهم كانوا متزوجين بالفعل!... وذلك بمبرر مخالفة ذلك الزواج المصلحة العامة، و"الخوف على النسيج الاجتماعي"!

لم أصدق عيني وأنا أقرأ الخبر، بأنه نتيجة لكتاب من وزارة الخارجية إلى وزارة العدل أصبحت مشاعر وخيارات الإنسان الشخصية تحت رحمة "الخوف على النسيج الاجتماعي"، الذي لم أستطع أن أجد له تعريفاً محدداً أو معنى واضحاً، وبمجرَّد صدور ذلك القرار أصبح قرار الكويتي الشخصي - بدون قانون يحدد صلاحيات تلك اللجنة - باختيار زوجة غير كويتية مرتبطاً بها، علماً بأن القضايا التي تتعلق بالحياة الشخصية في كل الدول الدستورية والديمقراطية يجب أن تصدر بقانون.

Ad

اللجنة الحكومية ترفض قراراً وخياراً شخصياً بالزواج، لأنه يخالف المصلحة العامة والنسيج الاجتماعي، فهل نحن شعب الله المختار الذي يتميَّز عن بقية شعوب العالم؟! ما هذه العنصرية، وتصنيف بقية شعوب الأرض ممن نريده أن يدخل جنتنا ومَن نرفضه؟ ومَن أعطانا الحق في ذلك بعد جملة قوانين تقطر بـ"الشوفينية" وروح الانعزالية عن العالم، مثل عدم تجنيس غير المسلم وخلافه؟

سيذكر البعض أن السفارات الكويتية لديها مشاكل بسبب زواج الكويتيين بالخارج، وهو أمر لدى جميع الشعوب، فسفارات الولايات المتحدة الأميركية تتلقى في كل أنحاء العالم مطالبات بتجنيس أبناء جنود وسياح أميركيين، ومثلها جميع سفارات العالم، فما الذي يميز سفارات الكويت عن بقية سفارات دول العالم المتحضر حتى لا يزعج دبلوماسييها أحد؟!

نعم هناك دول تضع ضوابط عند زواج مواطنيها من أجانب، مثل التأكد من أن الزوجين سيقيمان معاً، ولا توجد هناك صفقة منفعة شخصية من خلال زواج صوري، وألا يكون للطرف الآخر سجل جنائي أو مانع طبي، ولكنها لا تمنع الزواج إطلاقاً، لأن مثل ذلك يخالف أبسط حقوق الإنسان وحرياته الشخصية، ومهما كانت تداعيات ذلك الزواج أو فرق العمر بين طرفيه، فهو أمر يتحمَّل تبعاته مَن يتخذ ذلك القرار، والشرع والقانون سمحا بذلك.

التدخل الحكومي في حياة المواطنين الخاصة وقراراتهم الحياتية – إن لم تخالف القوانين- لن يحل أي مشاكل اجتماعية، وخاصة إذا كانت لها انعكاسات تمييزية، وربما عنصرية، بل سيتسبب في معاناة أشخاص دون سبب، ويدفع أناساً للتغرب عن وطنهم، بسبب قرار حكومي يجب أن يُعاد النظر فيه، وتُلغى معه هذه اللجنة البدعة وكل قراراتها ومبرراتها السخيفة، لرفض قرار شخصي لإنسان قرر الاقتران بالزواج بشخص آخر، مهما كان عرقه ودينه وأصله وجنسيته.