الله سبحانه وتعالى يبتلي عبده المؤمن بالسراء والضراء ليختبره ويمتحنه، كما قال تعالى: "وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" وعلى المؤمن المبتلى أن يتحلى بالصبر لأنه من أنجح علاجات البلاء، والصبر شطر الإيمان كما يقول العلماء.

يقول رسولنا الكريم، عليه أفضل الصلاة والتسليم: "والذي نفسي بيده، لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له، وليس ذلك للأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له". رواه مسلم.

Ad

وتحضرني قصة جميلة قرأتها في كتاب "ليست الأمور دائما كما تظن" لمؤلفه الدكتور صلاح العبدالجادر وهي بعنوان "يمكن خيرة": "كان لأحد الملوك وزير حكيم مقرب إليه يصحبه معه أينما ذهب، وكلما واجهت الملك مشكلة أو شعر بالضيق، بث شكواه إلى وزيره الحكيم، فيرد عليه دائما: "يمكن خيرة" فيهدأ الملك ويكف عن الشكوى.

وفي إحدى رحلات الصيد قطع إصبع الملك وكالعادة قال له وزيره "يمكن خيرة"! فغضب الملك غضبا شديدا، وقال لوزيره: "أين الخير لقد قطع إصبعي"؟ ثم أمر الملك بسجن وزيره، فمشى الوزير إلى السجن مرددا "يمكن خيرة، يمكن خيرة".

لبث الوزير في السجن بضع سنين، وفي يوم من الأيام خرج الملك للصيد، وأثناء مطاردته لفريسته ابتعد عن حراسه وبقي وحيدا، فإذا بقوم من عبدة الأصنام يقبضون عليه مستبشرين بذلك القربان الثمين لآلهتهم، فلما بدؤوا بتجهيزه فإذا بكاهن يصرح فجأة، توقفوا فآلهتنا تستحق أفضل من ذلك الرجل المقطوع الإصبع، وأمر الكاهن بفك قيده وإطلاق سراحه.

انطلق الملك إلى قصره فرحاً بعد أن أنقذه الله من الموت، وأمر الحراس بإحضار وزيره من السجن ليقدم له اعتذاره عما صنعه معه، وقال له: لقد أدركت معنى كلمتك "يمكن خيرة"، عندما قطع إصبعي، لكني مستغرب من ترديدك "يمكن خيرة" عندما أمرت بسجنك؟ فأين الخير في ذلك؟! فأجاب الوزير الحكيم: لو لم تسجني لذهبت معك في رحلة الصيد، وصرت قربانا لآلهتهم بدلاً منك، فكان من صنع الله كل الخير".

فأنت عزيزي القارئ إذا حدث لك أمر تكرهه فلا تجزع ولا تيأس بل قل "يمكن خيرة"، وارفع يدك إلى المساء وقل: "يارب امنحني الصبر والأمل وفرج كربتي، وأذهب همي، فأنت وحدك القادر على ذلك".

نستفيد من القصة الرضا بقضاء الله وقدره خيره وشره، وأن على كل مبتلى أن يطمئن قلبه، وأنها ستفرج، وقديماً قالوا في الأمثال: "الصبر مفتاح الفرج"، في هذا الابتلاء كل الخير له في الدنيا والآخرة، يقول الشاعر:

قل لمن يحمل هما

إن همك لن يدوم

مثلما تفنى السعادة

هكذا تفنى الهموم