نتناول اليوم في مقالنا وثيقة كويتية نادرة تعود في تاريخها إلى عام 1216هـ /1802 م، وتتعلق بعدد من الأسر الكويتية التي سكنت الكويت قبل ذلك العام، وتشير إلى أحد المساجد التراثية القديمة.

الوثيقة تحكي وتوثّق قصة بيع دكّان ملك لولوة بنت محمد بن ناجي القناعي في مدينة الكويت بالقرب من مسجد الحدّاد الحالي، الذي كان قديماً يسمى بمسجد "الحداثي" (أُسس عام 1776م تقريبا).

Ad

ونظرا لظروف صاحبة الدكان أو لأسباب أخرى اجتماعية، أنابت زوجها شهاب بن حمد القناعي لإتمام البيع عند القاضي. ويبدو لي أن الدكان يقع في السوق الداخلي (الذي يسمى اليوم بسوق التجار أو شارع الأمير)، حيث إن وصف موقعه يدل على وجوده في هذا السوق القديم الذي يمتد من الشمال إلى الجنوب.

تقول الوثيقة إن الدكان يحده قبلة شارع، وشمالاً دكان سلمان بن سري، وجنوباً دكان سليمان بن قاسم، وشرقاً بيت العبيدلي.

أما المشتري فهو حمد بن ثاقب آل وطبان، وقيمة بيع الدكان ثمانون قرشاً. وقبل أن أستعرض ما ورد من معلومات مهمة في الوثيقة، أرى من الضروري أن أقدم لكم نصها الكامل، وهو كما يلي:

"بسم الله الرحمن الرحيم

قد صدر هذا ما حرر وثبت لدي كما قرر وحكمت بموجبه وانا الفقير الى الله علي بن عبدالله بن شارخ الحنبلي القاضي في بلد القرين المحمية عفى الله عنه.

الحمد لله سبحانه .. مضمون هذه الحجة الصحيحة الشرعية هو انه قد باع الحر الرشيد شهاب ابن احمد القناعي بوكالته عن زوجته لولوة ابنت محمد بن ناجي القناعي بشهادة العارفين لها تمام المعرفة اخيها علي بن محمد بن ناجي وسلطان ابن باشق على بيع ما هو في ملكها وتحت تصرفها وعلى قبض ثمنه وهو الدكان الكائن في بلد الكويت المحدود قبلة الطريق المسلوكة وشمالا دكان سلمان بن سري الموقوف على مؤذن مسجد الحداثي وجنوبا دكان سليمان بن قاسم وشرقا بيت العبيدلي المشتري حمد بن ثاقب آل وطبان الدكان المعلوم بينهما بماله من الحدود واللواحق والمرافق وجميع متعلقاته وكافة منسوباته الداخلة فيه والخارجة عنه بثمن مقبوض ومعدود جميعه في مجلس البيع بتمامه وكماله وهو ثمانون قرشا مع قليل فليسات مرئية مجهولة العدد اقر بقبضه البايع المذكور لموكلته في البيع وقبض الثمن من يد المشتري...".

وللوثيقة بقية لا حاجة إلى كتابة نصها، ولكنها في النهاية تُظهر فيها شهادة أحمد بن خلف الفريح وأخيه سليمان وشهادة محمد بن مبارك بن أحيمد (ربما اليوم تنطق بوحيمد).

وهنا تستوقفني عدة معلومات جميلة، لابد من التأكيد عليها، وهي كالتالي:

* وجود مسجد يسمى "الحداثي"، الذي أصبح اسمه لاحقاً مسجد "الحداد".

* من الأسر الكويتية التي كانت تعيش في الكويت قبل عام 1802 أسرة بن سري القناعي، وأسرة بن ناجي القناعي، وأسرة سلطان بن باشق (القناعي)، وأسرة العبيدلي، وأسرة سليمان بن قاسم (وأظنهم أسرة الجاسم الغانم الحالية)، وأسرة حمد بن ثاقب آل وطبان (أسرة الثاقب الحالية)، وأسرة الفريح، وأسرة بن أحيمد.

* ورد في مقدمة الوثيقة أن البيع تم في بلد "القرين"، ثم ورد في ثناياها أن الدكان يقع في "بلد الكويت"، وهو ما يدل على أن الاسمين كانا يطلقان على الكويت في ذلك الوقت، أو أن بلد الكويت هو جزء من أرض القرين الممتدة على ساحل الخليج.