أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الجمعة حالة الطوارئ الوطنية لتمويل مشروع بناء الحائط الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك، بعد أن رفض الكونغرس طلبه ميزانية قدرها 5.7 مليارات دولار، لتمويل أحد وعوده الأساسية في الانتخابات الرئاسية عام 2016.

وقال ترامب، في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، إن سبب هذا الإعلان هو غزو المخدرات وتجار البشر والمجرمين والعصابات للولايات المتحدة، عن طريق الحدود الجنوبية، مما يستلزم بناء حائط لصده.

Ad

يأتي هذا الإعلان بعد أن صدق الرئيس الأميركي على قانون اعتماد الميزانية لسنة 2019 الجديد، بعد اتفاق الحزبين الجمهوري والديمقراطي عليه، يحول دون إغلاق حكومي آخر كان قد تسبب في شبه شلل للحكومة الأميركية في مطلع العام المنصرم، وتفوض الميزانية الجديدة الإدارة الأميركية باستخدام ما يقارب 1.4 مليار دولار لأمن الحدود.

ردود الفعل على إعلان ترامب حالة الطوارئ أتت سريعة، إذ أصدر القادة الديمقراطيون بيانا مشتركا، يزعم عدم قانونية الإعلان وتعديه على مبدأ فصل السلطات الدستوري.

ويستند إعلان حالة الطوارئ إلى قانون الطوارئ الوطنية الصادر في منتصف السبعينيات، والذي يتيح للرئيس الأميركي إعلان حالة الطوارئ، لكن يستوجب بنفس الوقت أن يكون الإعلان مبنيا على أسس ومبررات قانونية، وكذلك اجتماع الكونغرس كل 6 أشهر لمناقشته. ويستطيع الكونغرس أن ينهي حالة الطوارئ بإصداره قرارا بذلك، إلا أن قرار الإنهاء من الكونغرس يستوجب تصديق الرئيس الأميركي له، ولا يمكن تخطي هذا التصديق إلا بموافقة ثلثي مجلس النواب والشيوخ على قرار الإنهاء، وقد يكون ذلك صعبا نظرا لأن أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ من نفس حزب الرئيس ترامب، الحزب الجمهوري.

ومن المتوقع أن تتحرك الكثير من المنظمات القانونية ضد إعلان ترامب في المحاكم الفدرالية الأميركية لوقف نفاذ الإعلان. ومن الناحية القانونية، فإن الرئيس ترامب تنبأ بهذا السيناريو في مؤتمره الصحافي قائلا: «ستكون لدينا حالة طوارئ وستتم مقاضاتنا... أمام الدائرة التاسعة، حتى وإن كان من المفترض ألا تكون القضية هناك، وسيكون لدينا حكم سيئ، وحكم سيئ آخر، حتى نصل إلى المحكمة العليا، وهناك قد نحصل على معاملة عادلة وسنفوز في المحكمة العليا».

وكما قال الرئيس ترامب، فإن الحالة المرتقبة والواقعية لإيقاف حالة الطوارئ هي عن طريق المحكمة، حيث إن الأسس التي بُنيَ عليها الإعلان غير واضحة، إذ إنه ليس هناك جديد بالحالة الحدودية لتبرير إعلان حالة الطوارئ في هذا الوقت.

وكذلك، أتى الإعلان بعد رفض البرلمان الأميركي تمويل الحائط الحدودي مراتٍ عدة، مما قد يعني محاولة الرئيس ترامب التعدي على السلطة التشريعية المختصة بالميزانية، وقد ترى المحكمة أن الإدارة الأميركية تنفذ أجندتها دون الموافقة المطلوبة من الكونغرس.

لكن هنالك وجهة نظر قانونية أخرى ترى عدم أحقية المحكمة في إيقاف حالة الطوارئ، لأن الرئيس ترامب اعتمد على تفويض برلماني صادر في السبعينيات، والذي يتيح للرئيس إعلان هذه الحالة، ويتيح للكونغرس إيقافه، دون حاجة إلى تدخل المحكمة.

ومهما كان الرأي الموضوعي بإعلان ترامب، فإن تخوف الرئيس ترامب من الدائرة القضائية الفدرالية التاسعة هو أن هذه الدائرة تضم ولاية كاليفورنيا وبها قضاة ليبراليون، على عكس الدوائر الأخرى، وتعويل ترامب على المحكمة العليا هو لضمها أغلبية من القضاة المحافظين، ساهم هو في اختيار اثنين منهم.

والهدف الأساسي من التحرك قضائيا ضد إعلان ترامب هو لكسب الوقت في حال وقف نفاذه لحين قدرة الديمقراطيين على مساومة الرئيس ترامب مرة أخرى بمشروع قانون ميزانية الدفاع الأميركية في شهر سبتمبر القادم.

واقعيا، لا يملك أحد توقع النتيجة القانونية نظرا لعدم وجود أحكام سابقة بهذا الشأن، خصوصا أن رؤساء الولايات المتحدة من الحزبين أعلنوا حالة الطوارئ مرات كثيرة تصل إلى 53، وفقا لقانون الطوارئ الوطنية منذ السبعينيات، والكثير منها سار حتى الآن. لكن أهمية الصراع الحالي لا يمكن حصرها، نظرا للقيود التي قد توقعها المحكمة على سلطة الرئيس أو السلطة التقديرية التي قد تمنحها له.