عندما نبحث عن حلول لمشاكل قطاع التأمين، ونتناول دور وزارة التجارة والصناعة وعلاقتها بقطاع التأمين، يجب ألا نحصر مسؤوليات الوزارة في إصدار تشريع للتأمين، أو في تطبيق القانون لمجرد أنها جهة رقابية، حتى وإن كنا نعرف أن اهتمام الوزارة بتشريع القانون نابع من حرصها على تحقيق الدعم المطلوب لتطوير هذا القطاع.

إن أحد قنوات تطوير التأمين في الكويت إعداد العاملين في الأجهزة الرقابية الرسمية المتعلقة بالتأمين، في أي من وزارتي التجارة والداخلية، للإلمام بتفاصيل العمل التأميني، ولتمكين هذه الأجهزة من وضع الحلول الناجعة لمشاكل القطاع.

Ad

ولهذا يحدونا الأمل في أن نرى العاملين قي الجهات الرسمية عموماً، من المتخصصين في علوم التأمين، ومن الذين لديهم ما يكفي من خبرة في هذا الميدان، تفوق أحياناً ما يمتلكه قياديو شركات التأمين أنفسهم، تماماً كما يعرف العاملون في الإدارة العامة للمرور القوانين المرورية أكثر بكثير من مستخدمي الطرق، أو كما يعرف العاملون في إدارة الرقابة المصرفية في بنك الكويت المركزي علوم المحاسبة والتمويل والعملات الأجنبية وطرق التحويل المالي وإجراءات الصفقات الاستثمارية وإدارة المخاطر.

لهذا نتمنى أن نرى من بين مسؤولي أجهزة الدولة الرقابية المتعلقة بالتأمين ممن يمتلك الخبرة ويدرك ميكانيكية العمل التأميني في هذا القطاع الاقتصادي، حتى يعرف كل طرف تأميني كامل مسؤولياته، وحينها نستطيع القول إن هذه الجهات الرقابية قادرة على تطبيق القوانين واللوائح والقرارات التطبيق السليم الذي ننشده.

إن اهتمام وزارة التجارة والصناعة بإعداد المتخصصين في علوم التأمين، وتأهيل العاملين فيها أكاديميا لزيادة خبراتهم، حتى لو كان بالتنسيق مع المؤسسات التعليمية مثل وزارتي التربية والتعليم العالي، إضافة إلى الاستعانة بالقيادات التأمينية المتقاعدة لدعم أجهزتها الرقابية إدارياً ومالياً، سيدفع نحو فهم أجهزة الرقابة لتفاصيل العمليات التأمينية، ويعكس بالتالي ارتفاعاً في وتيرة الحرص لدى الجهات الرسمية على تطوير قطاع التأمين بأكمله، أفراداً ومؤسسات، لينعكس إيجابا على الاقتصاد الكويتي.

من هنا نرى أهمية أخذ وزارة التجارة والصناعة بجميع ملاحظات شركات التأمين، والتي أبدوها على «مسودة مشروع قانون بشأن تنظيم قطاع التأمين والإشراف والرقابة عليه» قبل سنوات، وما تراكم من ملاحظات جديدة، وما استجد من أوضاع اقتصادية على الساحتين المحلية والعالمية، لإدخال تعديلات جوهرية على مشروع القانون، لكي يتفق والحلول المطروحة، خصوصاً إذا عرفنا أن القانون الحالي لا يخدم القطاع، إذا أراد المشرعون أن تنعكس مضامين القانون اقتصادياً على مصلحة الدولة أو على شركات التأمين على الأقل، كما أن هذا القانون لا يساهم بمعرفة طبيعة المشاكل التي يعانيها القطاع منذ عقود، ولا يقدر على إيجاد الحلول المناسبة لها، وبالتالي إذا استمرت الحال على ما هي عليه بهذا المشروع التشريعي، فلن يرتقي إلى ما يصبو إليه التأمينيون.

وإذا كانت أي جهة رقابية تتجه نحو تطبيق مبادئ الحوكمة والعولمة من خلال تطبيق المعايير الدولية للرقابة السليمة، لتدعيم استقرار الوحدات أو المؤسسات التابعة لها، فإن هذا الدور منوط أولاً بوزارة التجارة والصناعة، لما لها من تأثير مباشر وفاعل في عملية الرقابة على وحدات العمل التأميني، ودور إرشادي أيضاً، إذا ما أوشكت إحدى شركات التأمين أن تحيد عن جادة الصواب، أو أن تنحرف عن لوائح الوزارة أو عن أعراف التأمين، تماماً كما هي الحال مع بنك الكويت المركزي في علاقته مع وحدات العمل المصرفي عندما يعطي تعليماته وإرشاداته للبنوك. وإذا تحقق هذا الأمر، فإن وزارة التجارة تستطيع أن تطور قطاع التأمين وتمكّنه من تقديم خدمات أفضل، لتعيد بالتالي للتأمين فاعليته كقطاع اقتصادي حيوي.

* رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لشركة غزال للتأمين