افتتح المدير العام لمكتبة الكويت الوطنية، كامل العبدالجليل، معرض "آثار وزوايا تشكيلية 2" في مكتبة الكويت الوطنية، بحضور جمع كبير من الفنانين والمهتمين.

وفي كلمة للأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب: "يأتي المعرض بأعمال فنية جديدة، وأعمال خزف، ليسلط الضوء على هذا النشاط، من خلال مبادرة الفنانين في المرسم، ونخبة من الخزافين الكويتيين، حيث تعرض الأعمال المشاركة أنماط الحياة في جزيرة فيلكا، ونتائج التنقيب عن الآثار فيها، لبث الوعي بقيمة نشاط الآثاريين والمهتمين بالتاريخ".

Ad

وأضافت الأمانة: "المعرض يمثل محاولة جادة وجديدة يخدم من خلالها الفنان التشكيلي برؤيته وريشته، وعالم الآثار، وهو محاولة تعكس وعي التشكيلي، وتقديره لعمل ومهمة المنقب عن الآثار التي تحمل جوانب فنية دقيقة".

من جانبه، قال العبدالجليل: "يسعد مكتبة الكويت الوطنية احتضان هذا المعرض، ونرحب بمبادرة فناني المرسم الحُر ونخبة من الخزافين الكويتيين، لإقامة المعرض في رحاب المكتبة، من 10 إلى 21 الجاري". وتابع: "اعتزازنا الكبير بإقامة هذا المعرض يأتي من كونه يصادف احتفالات الكويت بالعيد الوطني الثامن والخمسين، والذكرى الثامنة والعشرين ليوم التحرير. يوثق المعرض تاريخ وتراث جزيرة فيلكا الغالية في قلوب ونفوس الكويتيين، الجزيرة التي لا يفصلها عنا البحر، ولا ننفصل عنها طول الدهر".

وأضاف العبدالجليل: "فيلكا مغنم التراث الزاخر، وتاريخ عريق من الماضي التليد. أبدع 24 فنانا أعمالا فنية متميزة، ما بين فن تشكيلي بديع، وفن تشكيل الخزف المتقن، وهي أعمال جسَّدت الماضي في عيون الحاضر، ووثقت لنا بالفن الرائع الآثار التاريخية الخالدة في فيلكا، ونمط حياة السكان، وطبيعة فيلكا، ومعالمها البارزة، فتجلت لنا فيلكا في أبهى صور الفن التشكيلي المحلي الناطق بروح الوطن والانتماء إليه الولاء له".

من جهتها، قالت المنسقة العامة للمعرض ابتسام العصفور: "هذا المعرض يواكب وجود 8 فرق أجنبية للتنقيب عن الآثار في الكويت، بالتعاون مع الفريق الوطني الكويتي، التابع للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ومثلما وثقت الفرق أعمالها ومعثوراتها من التاريخ السحيق على أراضي الكويت، خصوصا بجزيرة فيلكا، في إصدارات متنوعة وعديدة، فإن منتسبي المرسم الحُر ونخبة من الخزافين الكويتيين قدموا فكرة إقامة معرض فني ثانٍ يتضمن أعمالا فنية وأعمال خزف جديدة، ليسلط الضوء على هذا المجهود الكبير، من خلال الألوان التي عكست تاريخ هذه الأراضي في أعمال فنية جميلة ومعبِّرة".

من جانبها، التشكيلية ثريا البقصمي أوضحت أنها شاركت برسومات تعكس أختام جزيرة فيلكا، مشيرة إلى أنها أنجزت هذا العمل في فترة الثمانينيات، لافتة إلى أن ذلك العمل كان له تأثير كبير على حياتها.

الفنان عبدالعزيز الخباز، قال إنه شارك بقطعة خزفية تعبِّر عن البيئة الكويتية والبيئة اليونانية القديمة، وأيضا شارك بسبعة أعمال، منها البصمات والعملات.

فيما ذكر الفنان فواز الدويش، أنه شارك بصحون تحمل نجمة إيكاروس، وأختام دلمون الموجودة في فيلكا. وقال الفنان وليد الناشي إنه شارك بلوحة تعبِّر عن جزيرة فيلكا من فن الكولاج، ولم يستخدم الكثير من الألوان.

الدويش وأشكناني تحدثا عن التنقيبات الأثرية

على هامش المعرض، أقيمت محاضرة حاضر فيها مدير إدارة الآثار والمتاحف والمشرف العام على التنقيبات الأثرية بالكويت د. سلطان الدويش، وأستاذ الآثار والأنثروبولوجيا في جامعة الكويت د. حسن أشكناني.

وقال د. الدويش إن جزيرة فيلكا تشتمل على ثلاث حضارات. وطرح سؤالا خلال المحاضرة: كيف وصل الإنسان إلى جزيرة فيلكا، ومتى جاء؟ وأوضح: "نحن نعرف أنه قبل 5000 سنة لم يكن يوجد فيها إنسان، وتشبه جزيرة بوبيان الآن، بعدها بالألف الثالث وجد الإنسان فيها، ووجدنا بقايا صناعات إنسانية، ثم مدنا ومستوطنات، وتجارة وأختاما".

ولفت إلى أن بعض العلماء القدماء يعتقدون أن الإنسان جاءها من البحرين، لأنهم وجدوا فيها حضارة دلمون، لكن بعد الاكتشافات الجديدة في الصبية تبيَّن أن الإنسان موجود من 6000 سنة وفي مدن وقرى تجارية وحضارة كبيرة، مشيرا إلى أن الصبية لا تبعد عن فيلكا إلا 11 إلى 13 كيلومترا تقريبا، وتشتمل على الآلاف المدافن.

وأضاف د. الدويش أن فيلكا فيها لغز وشيء مهم، وهو أنه لا يوجد فيها مدافن، وأكثر العلماء كانوا يعتقدون أن الإنسان كان ينقل إلى البحرين، لأنها كانت مقدسة، كما جاء ذلك في أسطورة "جلجامش". وتابع: "لدي أدلة جديدة تؤكد وجود الإنسان في منطقة الصبية، إضافة إلى ختم جديد، وبعض الاكتشافات الأثرية الجديدة".

بدوره، تحدث د. حسن أشكناني عن جزيرة فيلكا قبل 4000 سنة، وهي أقدم فترة ثقافية تم الاستيطان عليها، والتي يطلق عليها العصر البرونزي، حضارة دلمون، وهي الحضارة المتزامنة مع الحضارة السومرية في العراق، و"الهارابا" في الهند وباكستان، ودلمون في البحرين، وماجان بعمان، والحضارة المصرية القديمة في وادي النيل.

وأضاف: "كانت فيلكا وسط تلك الحضارات، أو وسط هذه الثورة الاقتصادية، وهو ما نطلق عليه في علم الأنثروبولوجيا بداية العولمة في تاريخ البشرية".

وأشار إلى أنه كان هناك نوع من التجارة بين مناطق ومناطق أخرى، ودلمون، سواء البحرين والكويت، لعبت دور الوسيط التجاري بالتجارة البحرية ما بين المناطق المختلفة، فاليوم "لدينا كنز أثرى، ومواقع جدا جميلة في فيلكا".