هناك عوامل تستفز الكاتب وتدفعه نحو الكتابة في موضوع معين، تختلف تلك العوامل باختلاف دوافعها ومحركاتها، فقبل عدة أيام على سبيل المثال وإيذاناً ببدء احتفالاتنا الوطنية (العيد الوطني وعيد التحرير) وبمناسبة مرور 13 عاما على تولي حضرة صاحب السمو أمير البلاد مقاليد الحكم تم رفع علم الكويت بقصر بيان، وبكل تأكيد الحديث عن سمو الشيخ صباح الأحمد يحمل ضمنيا معه الحديث عن القدرة على صناعة الاستقرار ومقاومة التحديات، خبرة وقدرة أثقلتها وغذتها تجربته السياسية العميقة المتأصلة فيه بجانب مخزونات الإدارة الدبلوماسية التي عرفت عن سموه.

لكن نظريا وفيما يخص اختياري الحديث وإلقاء الضوء عن رعاية سموه لافتتاح (المعرض الدولي للاختراعات في الشرق الأوسط) الذي استضافته الكويت على أراضيها نهاية يناير 2019، وبمشاركة مخترعين دوليين يمثلون أكثر من أربعين دولة، إضافة إلى مخترعينا الكويتيين وأشقائهم بدول مجلس التعاون الخليجي، وعلاقة ذلك بسموه، يمكن اعتبار أنني اخترت الجانب الموضوعي لا الذاتي. أدرك ويدرك كثيرون غيري أن، في ظل التحديات المعاصرة التي تعيشها شعوب ودول منطقة الخليج، تجسير الثقافة والمشاركة الفاعلة أصبحا بمثابة ممر آمن تستطيع من خلاله الشعوب عكس صورة حاضرها الذي يمضي ومستقبلها الذي يتأهب للحضور، ولعل الداعي إلى هذا الحديث هو أننا بتنا بالفعل في حاجة ملحة لمد مزيد من وسائل وجسور للتواصل بيننا وبين الشعوب الأخرى بمختلف أجناسها وتنوع ثقافاتها، علاقات تعاون تتجاوز الأطر السياسية بل ربما الاقتصادية لمرحلة أعمق وأهم وهي مرحلة التعاون والمشاركة المرتبطة بالجانبين الثقافي والحضاري، مرحلة تستطيع أن تحد من مظاهر النزاع والصراع القائم ليس بين الشرق والغرب فحسب بل بين الأشقاء أنفسهم، ولنصارح أنفسنا فنحن في الكويت لسنا بعيدين عن الأزمات والتحديات والمخاطر، التاريخ نفسه يقول ذلك، ونحن ندرك هذا جيداً، لذا أعتبر أن رعاية سموه لهذا المعرض ومن قبله حضوره في ديسمبر الماضي حفل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي الخاص بجوائز الدولة للإنتاج العلمي، وكذلك حضور سموه حفل تكريم الفائزين في جائزة سمو الشيخ سالم العلي الصباح للمعلوماتية، إنما هو بمثابة استمرار لهذه الرسائل التي دأبت الكويت على إرسالها رسائل مفادها "أننا منفتحون على جميع الثقافات ومختلف العلوم والآداب ونتعاطى معها بكل ما فيها من التنوع والاختلاف، وخاصة تلك التي تمتلك رصيداً ثقافياً وعلمياً معتبراً".

Ad

يبقى القول إن سموه سيظل نموذجا واقعيا للقيادة القادرة على التعاطي والتعاون مع الجميع دون البحث عن اتهام أحد أو تبرئة آخرين، يمضي ويكفيه فخراً أنه وصف بأمير الإنسانية وأن بلده مركز إنساني عالمي، لذا واستكمالا لمناسبة رفع سموه للعلم في قصر بيان أختم بكلمات سموه نفسه بعد أن شارك في رفع علم الكويت في الأمم المتحدة قبل أكثر من نصف قرن (1963م) حين قال "إن انتماء الكويت إلى النشاط الدولي ليس نهاية بحد ذاته، بل وسيلة للمشاركة في المسؤولية لتحقيق حياة أفضل لشعبها وشعوب الدول الأخرى".