بمناسبة مرور 60 عاماً على الدورة الرابعة لمؤتمر الأدباء العرب، أقيمت احتفالية ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي الـ 25، احتضنتها مكتبة الكويت الوطنية، أمس الأول، بحضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب م. علي اليوحة ونخبة من المثقفين والجمهور.

وتضمنت الاحتفالية جلستين ناقش فيهما المشاركون الكثير من القضايا والهموم الثقافية والتطلعات العربية، التي احتوتها أوراق مؤتمر أدباء العرب، والتي تعد مرجعاً مهما في تاريخ الثقافة العربية، لأنها خرجت من أفكار رواد عرب في مختلف المناحي الأدبية والفكرية والفنية.

Ad

وأدار الجلسة الأولى الكاتب عبدالوهاب الخضر، الذي أشار إلى قيمة الدورة التي جاءت بعد الدورة الثالثة التي أقيمت في القاهرة، لافتا إلى أن المجلس الوطني قام بطباعة ثلاثة كتب اشتملت على برامج وأبحاث وتوصيات المؤتمر وما توفر من تغطيات صحافية له عبر الصحف.

وفي ورقته البحثية، أشار الكاتب عمر الشهابي إلى الجانب الاقتصاد للكويت أبان انعقاد المؤتمر من خلال محاور عدة، منها التغير في سوق النفط، وأوجه استخدام موارد النفط، والتغير في العلاقات العمالية، والتغيرات في صرف إيرادات النفط، مؤكداً أن التحولات الاقتصادية في الكويت في خمسينيات القرن الماضي كانت مفصلية.

وتطرق الكاتب الناقد فهد الهندال إلى الأفكار التي طرحت في المؤتمر من خلال التوصيات والقرارات، والإشادة التي تلقاها المؤتمر من المتابعين له بفضل التنظيم المتميز والرعاية الكبيرة، والدعم من أمير الكويت الراحل عبدالله السالم رحمه الله.

جهود القوميين العرب

وأوضح الهندال أن التوصيات ركزت على ما خلصت إليه اللجان التي شكلها المؤتمر، وهي لجان خاصة بالنشر والتوزيع التي أوصت بإنشاء شركة قومية لتوزيع الكتب العربية يكون مقرها القاهرة، وتخفيض جمارك الكتب وغيرها، بالإضافة إلى لجنة الترجمة ولجنة التراث ولجنة الدفاع عن حقوق المؤلف، والتوصية العامة التي لها علاقة بالمؤلف والكتاب.

من جهته، أوضح د. طلال الرشود، أن استضافة الكويت للمؤتمر في ذلك الوقت كان أمراً مستغرباً، وهي التي لم تنل استقلالها بعد، لافتا إلى تنامي الفكر القومي في الكويت، مما انعكس على دائرة المعارف ودعمها للحركات الاحتجاجية العربية.

وذكر أن المؤتمر كانت من نتائجه تأسيس الرابطة الأدبية، متطرقا إلى ثلاثة جوانب في المؤتمر من خلال خطابه ومحتواه والموقف العدائي للوفد العراقي المضاد للموقف الناصري، بالإضافة إلى مناهضة الاستعمار.

أما د. عبدالرحمن الإبراهيم فأكد في ورقته البحثية، أن المؤتمر قام على جهود القوميين العرب، وأن النشاط الأدبي لم يقتصر على الكتب الأدبية، ولكن كان هناك نشاط سياسي أيضاً، بالإضافة إلى لجنة الأندية التي كانت لها- وقتها- أنشطة سياسية واجتماعية بارزة في الكويت.

وبدوره، قال مدير تحرير مجلة العربي الكاتب إبراهيم المليفي، إن الكويت كانت دولة مقنعة للنخب الثقافية، لتقيم فيها الدورة الرابعة من المؤتمر، حتى قبل حصولها على الاستقلال، مؤكداً أن الجميع في الكويت– وفي وقت مبكر- كان يدرك أهمية القوة الناعمة، «وبالثقافة نستطيع أن نحقق مساحة أكبر من مساحة دولتنا»، وأن مناخ الحرية كان متوفرا في الكويت منذ زمن بعيد.

وأشار إلى أن ولادة مجلة العربي كانت في فعاليات المؤتمر عام 1958، حيث صدر العدد الأول منها، كما زار عدد من المثقفين مكاتب المجلة، لافتا إلى أن «مجلة العربي فخر للكويت والصحافة العربية بصفة عامة».

تحولات

وأدارت الكاتبة ليلى المطيري الجلسة الثانية من الاحتفالية، والتي أكد فيها د. محمد الشحات أن هذه الاحتفالية تاريخية، لأنها تقترب من عمق الهوية العربية، ومن ثم تطرق الشحات إلى محور البطولة في الرواية العربية الذي طرح في المؤتمر في دورته الرابعة، متسائلا: هل يمكن فصل الرواية عن القصة القصيرة؟، ليجيب: «بالطبع لا يمكن ذلك لأن كلا منهما ينتمي إلى السرد، وأن الجامع المشترك للأعمال الأدبية هو الصراع».

وأشار الشحات إلى ما قدمه سهيل إدريس من دراسة مهمة في المؤتمر حول البطل في الرواية العربية، من خلال التحولات المفاهيمية والتناسقية، ومن ثم استعادة نصوص لطاهر وطار ونجيب محفوظ ويوسف إدريس والطيب الصالح وغيرهم في هذا الشأن.

وتحدث د. خالد أبوالليل عن تحقيق قدمه عبدالحميد يونس حول البطولات في الأدب الشعبي، من خلال السير الشعبية، متطرقا إلى السيرة الهلالية، وبطلها أبوزيد الهلالي الذي كان بطلا أحبه الفقراء، لأن كل معاركه كانت من أجل نصرتهم والدفاع عنهم، رغم أنه كان مهمشا في مجتمعه، عكس دياب بن غانم الذي كان رمزا للبطولة الفردية الأنانية، إضافة إلى ما أشار إليه من بطولات نسائية في تلك السير الشعبية مثل «الجازية» وغيرها.

وتناول د. علي عاشور في ورقته البحثية «البحث عن الطفولة الغائبة»، وطرحه لموضوع تاريخ الطفولة العربية، والكتابة للأطفال، ومفهوم النقد لكتب الأطفال، والنظرة التربوية للأدب، في حين تناول الباحث خالد عبدالمعني موضوع الفنون التشكيلية، مشيرا إلى المعارض التي أقيمت في المؤتمر، والنجاحات التي حققتها، وتأسيس المرسم الحر، «وشكلت لجنة من أعضاء المؤتمر أنفسهم، لمنح الجوائز للوحات الفائزة في المسابقة، التي أقيمت ضمن فعاليات المعرض التشكيلي، الذي شارك فيه 80 فنانا عربيا بنحو 142 لوحة ومنحوتة، وكانت مواضيع اللوحات تتحدث عن مقاومة الاستعمار».