بعدما تعهدت رئيسة الوزراء المحافظة تيريزا ماي، بأن تكون أكثر انفتاحاً مع البرلمان في التفاوض على مستقبل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، وأن تعالج مخاوف النواب في شأن "بريكست" لنيل موافقتهم عليه، اقترح حزب "العمال" المعارض، أن يمنح النواب فرصةً بالتصويت حول إمكان إجراء استفتاء ثانٍ، في إطار سلسلة حلول مقترحة لتجنّب الخروج "من دون اتفاق".

وطرح "العمال" تعديلاً برلمانياً، أمس الأول، يطلب من الوزراء أن يسمحوا لمجلس العموم مناقشة السبل الممكنة لتفادي "بريكست" من دون اتفاق عند حلول موعد الخروج.

Ad

وتتضمن المقترحات احتمال أن تعيد رئيسة الوزراء التفاوض على اتفاق الخروج، لإدخال بند اتحاد جمركي جديد بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبناء "علاقة قوية" مع السوق الموحدة الأوروبية.

وتتضمن التعديلات أيضاً اقتراح "إقرار تصويتٍ شعبي على الاتفاق أو المقترحات". ويدعم معظم النواب هذا المقترح.

ورفض النواب بأغلبية ساحقة الأسبوع الماضي الاتفاق الذي طرحته ماي، لكن رئيسة الوزراء لا تزال مقتنعة أنها قادرة على إنقاذه، ووعدت بأن تعيد التفاوض مع بروكسل للحصول على مزيد من التنازلات من الجانب الأوروبي، في محاولة منها لإقناع المنتقدين.

وستقف ماي من جديد أمام مجلس العموم إذ سيكون لدى النواب فرصة لمناقشة مقاربتها لـ "بريكست" والتصويت على تعديلات تقدّم سبلاً جديدة للمضي قدماً.

والتعديل الذي يريده "العمال" يملك فرصة ضئيلة بالنجاح، فهو بحاجة إلى دعم نواب حزب المحافظين، والذين لا يتوقع منهم دعم خطّة اقترحها زعيم "العمال" جيريمي كوربن، الذي قال أمس الأول: "حان الوقت لأن تحتل خطة العمال البديلة مركز الصدارة بينما نبقي كل الخيارات على الطاولة بما في ذلك خيار تصويت عام".

أضاف: "تعديلنا سيسمح للنواب بالتصويت على خيارات لإنهاء الجمود الذي يعتري الانسحاب من الاتحاد الأوروبي ومنع فوضى الخروج من دون اتفاق".

ورحّب الداعمون لوضع حدّ

لـ "بريكست" بشكل نهائي، بفكرة تداول مقترح القيام باستفتاء ثانٍ.

ورأى النائب "العمالي" ديفيد لامي أنها "خطوة هائلة"، بيد أن المتحدثة المعنية بشؤون الأعمال في حزب "العمال" ريبيكا لونغ بيلي، قالت، إن التعديل لا يعني أن الحزب يؤيد إجراء استفتاء ثان وإنما يعكس سياسته الحالية.

وبينما يحاول البرلمان، الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى ألف عام، تجنب ما يعتقد معظم النواب بأنه سيكون انسحاباً مضطرباً من دون اتفاق ينال موافقتهم، فلا توجد مع ذلك أغلبية واضحة لخيار بديل.

وأمام ما اعتبروه "تعنّت" ماي، ينوي عدد من النواب تقديم تعديلات، في محاولة منهم لتجاوز الحكومة، من أجل تفادي سيناريو الخروج من دون اتفاق، أو لإرجاء موعد الخروج. وستعرض هذه التعديلات على التصويت في 29 يناير الجاري.

وكانت ماي أعلنت أمام النواب، أمس الأول، أنها تنوي العودة إلى بروكسل للبحث في تعديلات على "بريكست"، لكنها لم تقدّم خطةً بديلة.

وأبلغت ماي البرلمان بأنها ستكون "أكثر مرونة" وستنفذ مطلباً لحزب "العمال" بشأن ضمان حقوق العمال وستجد سبيلاً لتهدئة المخاوف بشأن الالتزام بعدم العودة إلى الحدود المعقدة في جزيرة أيرلندا، فيما يسلط الضوء على ثلاثة تغييرات في خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي.

وكررت خصوصاً رفضها التام لتنظيم استفتاء ثانٍ أو تأجيل موعد الخروج، بل وضعت على الطاولة سيناريو "عدم الاتفاق"، الذي تطلب منها المعارضة التخلي عنه.

ونوهت إلى أنها لا تعتقد أن ثمة أغلبية في البرلمان تؤيد إجراء استفتاء ثانٍ، موضحة أن استفتاء آخر سيكون سابقة صعبة وسيعزز موقف القوميين وسيقوي شوكة الذين يسعون لتفكيك المملكة المتحدة وقد تدمر التماسك الاجتماعي بتقويض الثقة في الديمقراطية.

وقالت: "سأواصل اللقاءات مع زملائي هذا الأسبوع، بينهم المسؤولون في الحزب الوحدوي الديمقراطي في أيرلندا الشمالية، لنرى كيف يمكننا الالتزام بواجباتنا"، منها تجنب عودة الحدود بين أيرلندا الشمالية والجمهورية الأيرلندية في إطار "شبكة الأمان"، "بطريقة تؤمن الحصول على أكبر دعم ممكن" في مجلس العموم.

من ناحيته، طالب سامي ويلسون المنتمي لـ "الديمقراطي الوحدوي"، رئيسة الوزراء، أمس، بإدخال تغييرات على "بريكست" لتقديم تأكيدات ملزمة قانوناً بشأن ترتيبات الحدود الأيرلندية.

وقال ويلسون، الذي يدعم حزبه حكومة الأقلية التي ترأسها ماي "يتعين وجود تغيير في اتفاق الانسحاب... لا فائدة من وجود تأكيدات ليس لها نفس مكانة ووضع شروط اتفاق الانسحاب".

وكرر القادة الأوروبيون بدورهم، رفضهم لإعادة التفاوض حول الاتفاق.

وحده وزير الخارجية البولندي جاسيك شابوتوفيتز خرج عملياً أمس الأول، عن الموقف المشترك للدول الـ27 عندما دعا في تصريح لاذاعة BBC، إلى تحديد فترة العمل بشبكة الأمان هذه بخمس سنوات.

وردت ماي مباشرة على مقترح الوزير البولندي بالقول، إنها تنتظر بفارغ الصبر "أن تناقش تفاصيله".

وفي برلين، قالت وزيرة العدل الألمانية كاترينا بارلي، أمس، إنها تشعر بخيبة أمل إزاء خطة ماي لكسر الجمود الذي يعتري خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأضافت بارلي التي تحمل الجنسيتين الألمانية والبريطانية، أنه يمكن إيجاد سبل للتحايل على الوقت إذا أجري استفتاء آخر.