أول العمود:

Ad

حملة بلدية الكويت رفع القوارب البحرية من ساحات أملاك الدولة فعل صائب، ويجب الاستمرار فيه بسبب تفاقم الظاهرة التي وصلت إلى مواقف سيارات المساجد والمرافق العامة.

***

لا أعرف توقيت الأحداث الفاصلة التي جعلت من مسألة الضيق بالرأي سمة من سمات حالة الحوار في الكويت، لكنني بدأت أقتنع بأن هناك مسألة تمضي بعيداً وبمنأى عن دراسة حالة التغيير الاجتماعية والنفسية التي يمر بها المجتمع الكويتي- وكأي مجتمع- يخضع لمؤثرات خارجية ولا يستطيع مجاراتها بسبب عدم قدرته على استيعاب ما يحدث من تطورات على جميع الصعد.

في ظنى أن السلطتين تسرعتا في تشريع قوانين الجرائم الإلكترونية والصحافة الإلكترونية ومكافحة جرائم تقنية المعلومات، ووجه السرعة هذا أدى إلى أمور ثلاثة هي:

الأول: سجن عدد لا بأس به من المواطنين بسبب آرائهم.

الثاني: تخويف الناس من الكلام والنقد بشكل اعتيادي.

الثالث: انخفاض هامش النقد في وسائل الإعلام الأهلية.

وأظن أن (الهدف) قد تحقق في ذهن المشرع!

نحن أمام إشكالية حقيقية تتمثل بحالة من التسرع غير المبرر من أجل إصدار "تشريعات السيطرة على الوضع" دون النظر إلى تبعات هذه العجلة، في مقابل تجاهل مسألتين مهمتين هما التغيير الذي يطول المجتمعات بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، أو ما يمكن تسميته بـ"شعبية الإعلام" من جانب، وعدم قدرة الإدارة المحلية على السيطرة على العبث الحاصل في الإدارة من جانب آخر، والذي أكدته وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السابقة السيدة الفاضلة هند الصبيح مؤخراً بالقول إن الفساد الإداري موضوع كبير، ويمكن الكتابه حوله بشكل لا ينتهي!

وهنا مربط الفرس المتمثل بالذهاب فوراً للسيطرة على امتعاض الناس من الوضع العام من خلال قوانين زاجرة أدت إلى تراجع مؤشرات الدولة عالمياً وإقليمياً في مقابل ضمان تهدئة مصطنعة بل مضرة.

في ظني أن على مؤسسات بعينها دوراً يجب القيام به، وهو إنشاء منصات للحوار حول القضايا التي يتحدث حولها الناس في الكويت، سياسية واقتصادية واجتماعية، إذ لا يمكن الاستمرار في سياسة التجاهل، ومن أفضل الأماكن التي يمكن أن نخلق منها منصات الحوار المدارس وجامعة الكويت التي أصبحت مكانا لهدم الهوية الوطنية كما يحدث في الانتخابات العرقية والعائلية في جامعة الكويت، لأن تلك القوانين بدأت تُستخدم من قبل مواطنين ضد مواطنين، وبدأنا لعبة "سجن بعضنا"، هذه المنصات يجب أن تكون على صلة مع المشرعين، بل يجب على هؤلاء أن يكونوا جزءاً من عملية الحوار ليتلمسوا المشاكل الحقيقية التي تقف وراء مسألة الامتعاض الشعبي.

يجب أن نتعود على تداول الأفكار التي لا تعجبنا ومناقشتها للوصول إلى وجهات نظر ومقاربات مقنعة، وبدون ذلك سيستمر مسلسل السجناء والذين يفكرون بالهجرة هروباً من تكميم الأفواه.