لا حديث في أوساط المثقفين وخبراء الآثار في مصر خلال الفترة الأخيرة إلا عن التمثال الأثري الذي ظهر مُثبتاً بمسامير داخل متحف سوهاج القومي الموجود في محافظة سوهاج بصعيد مصر، ويشهد إقبالاً جماهيرياً كبيراً. وتحت وسم «تمثال المسامير» انقسمت الآراء بشأن الطريقة التي يُعرض بها التمثال، ففي وقت قال متخصصون إنها «طريقة متبعة وعلمية»، وصف آخرون الواقعة بأنها «استهانة بالتاريخ والحضارة المصرية».

اللافت أن المسؤول الرسمي الأول عن هذه المدينة وهو محافظ سوهاج أحمد الأنصاري، وفور علمه بالواقعة نفى علمه بأثرية القطعة المعلقة بمسامير حديدية في حائط داخل المتحف، وقال: «لا أستطيع أن أفتي بشأن أثرية القطعة، وعلمي أن هذه القطع مستنسخة».

Ad

وتابع الأنصاري، في مداخلة هاتفية مع إحدى القنوات الفضائية، أن بعض القطع الموجودة في متحف سوهاج، مجرد نسخ من القطع الأصلية، مؤكداً أنه سيفتح تحقيقاً في الواقعة، وأنه تواصل مع وزارة الآثار وأرسل الصور المتداولة لها للتحقق منها، وينتظر رداً رسمياً منها».

من جانبها، أكدت مصادر في وزارة الآثار أن التمثال أثري، وأن طريقة تثبيته صحيحة، ولا يشوبها خطأ، وهي متبعة وليست وليدة اللحظة، فضلاً عن أنها لم تضر الآثار.

ولم تصمت وزارة الآثار طويلاً، إذ أصدرت بياناً على لسان رئيسة قطاع المتاحف، إلهام صلاح، قالت فيه: «استخدمنا دعامات معدنية كإجراء مؤقت إلى حين تثبيت هذه القطع على قواعد العرض المتحفي الخشبية والمعدنية المعدة خصيصاً لها»، مؤكدة أن «هذه طريقة تستخدمها متاحف العالم والمتاحف المصرية لتثبيت القطع الأثرية ثقيلة الوزن وضخمة الحجم».

وأضافت صلاح: «يصل وزن الواحدة من القطع الأثرية في المتحف إلى أكثر من ربع طن، ما كان يستوجب استخدام هذه الدعامات المعدنية من أعلى لضمان استقرار القطع على قواعد العرض الدائمة لها من أسفل»، مشيرة إلى إزالة الدعامات بعد التأكد من عملية التثبيت على القواعد».

النيابة

ورغم أنه بدا أن الأزمة انتهت بإزالة الدعامات، فإن النيابة الإدارية دخلت على الخط لتعيد فتح ملف الواقعة بعد ساعات من بيان الوزارة، إذ أمرت رئيسة هيئة النيابة الإدارية، المستشارة أماني الرافعي، بإحالة الواقعة إلى التحقيق العاجل إزاء «النيابة الإدارية في سوهاج، القسم الثالث»، ووجهت إدارة الإعلام برئاسة الهيئة بإعلان نتائج التحقيقات فور الانتهاء منها.

وقال المتحدث الرسمي للهيئة، المستشار محمد سمير، في بيان له، إن النيابة تحقق فيما جرى تداوله على مواقع الأخبار الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، بشأن صور لقطع أثرية مثبتة بمسامير معروضة في متحف سوهاج القومي، الأمر الذي يشكل، متى ثبتت صحته، مخالفة لكل القواعد والآليات الدولية المعترف بها للتعامل مع القطع الأثرية المختلفة، ويمثل تهديداً لسلامة تلك القطع التي تشكل إرث مصر الحضاري عبر التاريخ.

يذكر أن وزير الآثار خالد العناني تفقد متحف سوهاج في 10 أغسطس الفائت لمعاينة آخر المستجدات ووضع اللمسات الأخيرة لسيناريو العرض المتحفي قبيل افتتاح المتحف بأيام، ورافقه خلال الزيارة كل من الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مصطفى وزيري، ومدير المتحف إبراهيم الشريف.

945 قطعة أثرية تروي تاريخ المدينة

يقع متحف سوهاج على كورنيش النيل في مدينة سوهاج ويعرض 945 قطعة أثرية من حفائر المواقع الأثرية في المحافظة، من بينها قطع أختيرت بعناية لتتفق والعرض المتحفي لمتحف سوهاج، بينها قطع من متحف الفن الإسلامي والمتحف المصري ومتحف النسيج في القاهرة.

في الطابق السفلي من المتحف قطع أثرية تستعرض الفكر الديني لدى قدماء المصريين وفكرة البعث والخلود، كذلك عبادة الحج في العصور الفرعونية والقبطية والإسلامية.

أما الطابق الأرضي فيضم تماثيل وقطعاً أثرية لملوك الأسرتين الفرعونيتين الأولى والثانية، وقطعاً أثرية معظمها من نتاج الحفائر الأثرية في المحافظة، وبعضها نُقل من المتحف المصري في ميدان التحرير، والمتحف القبطي ومتحف الفن الإسلامي في القاهرة، لتحكي تاريخ المحافظة منذ أقدم العصور.

وبدأت فكرة إنشاء المتحف عام 1993 ثم توقفت لأمور هندسية وفنية، واستأنف العمل مُجدداً عام 2006، لكنه توقف مجدداً بعد قيام ثورة يناير 2011، بسبب قلة الموارد المالية، قبل أن يبدأ العمل فعلياً عام 2016، ويفتتح أواخر 2018.