توفرت للتو نتائج مبيعات التجزئة لموسم أعياد عام 2018، وكانت حصيلة متفاوتة بالتأكيد، حيث أبلغت بائعتا التجزئة تارغت وكوستكو Target and Costco عن مبيعات قوية، في حين استمرت ميسز Macy’s وباعة تجزئة آخرون في مراكز التسوق في خسارة الحصة السوقية، وليس في هذا كله ما ينبغي أن يثير دهشة مراقبي سوق التجزئة، ولدى تارغت وكوستكو سياسة مربحة تستمران في تعديلها وتحسينها.

وفي غضون ذلك كله، ورغم كل الضجة حول تعديلات ميسز التكتيكية فإنها تظل عالقة في شكل يبعد بصورة كلية عن الاتجاه الحالي.

Ad

وأنا أثني على «ميسز» بسبب بعض مبادراتها العالية الدعاية مثل السوق @ ميسز (The Market @ Macy’s) التي يتم من خلالها عرض ماركات جديدة مرتقبة وأخرى قائمة. ولكنني أعتقد أنها كلها هامشية في وقت تكون فيه اعادة التصور الكاملة ضرورية، وبعد زيارتي لتارغت وميسز خلال موسم الأعياد شهدت تضارباً صارخاً في التجربتين.

وفي حقيقة الأمر، كانتا على عكس ما يمكن للمرء أن يتوقعه عندما يقارن بين مركز خصم ومتجر. واعتاد المتسوقون أن يتوقعوا مستوى أرقى من ناحية توفير المنتجات وعرض البضائع وخدمة العملاء في المتجر.

وفي حين كان متجر ميسز في حقيقة الأمر مكتظاً بالسلع وتسوده الفوضى وتصعب الحركة فيه وغير مريح بصورة عامة، كان متجر تارغت يتميز بسهولة الاستدلال عليه، فضلا عن جودة عرض السلع بما يمثل تجربة ممتعة للتسوق.

ولسوء الحظ فإن هذا يمثل النتيجة السلبية لسباق ميسز مع فيديراتد دبارتمنت ستور Federated Department Store على شراء كل متجر اقليمي في مطلع الألفية. ولم يخسرا فقط الملصقات المحلية الرائعة الخاصة وخدمات القيمة المضافة بل الولاء الذي عمل الكثير من مؤسسي المتاجر الاقليمية طوال حياتهم على بنائه.

وأعقب ذلك خفض التكلفة والخصم الدائم وهو ما تسبب في ابتعاد الكثير من الماركات القيمة عن المشهد. وعلى أي حال أنا أجادل في أن صيغة الارث التاريخي لمتجر التجزئة ليست شيئاً من الماضي. ولكن السؤال الكبير هو ما اذا كانت ميسز قادرة على الرجوع الى تلك الصيغة أو ما اذا كان بإمكانها تلمس طريقها للعودة.

ويمثل أحد المتاجر القليلة المستقلة المتبقية وهو فون مور Von Maur حالة تستحق الدراسة من قبل من لا يزال يعمل ضمن هذه الفئة من المتاجر. هذه المجموعة التي تعمل منذ 145 سنة والتي تتخذ من ديفنبورت بولاية ايوا مقراً لها، حافظت على صيغة متساوقة جداً وخدمة عملاء طوال تاريخها.

وتعتبر فون مور بمتاجرها الـ 33 في 15 ولاية «نوردستروم الغرب الأوسط Nordstrom of the Midwest»، وهي تجمع بين مجموعة رفيعة مختارة من الماركات الشهيرة وبضائع رائعة تجذب الأنظار وخدمة عملاء فائقة.

كما تعرض عملية شحن مجانية وتغليف مجاني للهدايا، وتدفع لموظفيها أجورا تفوق السوق، وتقدم لزملائها فوائد كبيرة وطريقاً نحو التقدم. ويخلق ذلك نوعاً من الحوافز التي تبني الولاء الحقيقي من جانب العملاء.

ومن المفارقات أن ما تعرضه فون مور اليوم كان شائعاً في العديد من المتاجر الاقليمية. وكان في مسقط رأسي في مينيابوليس سانت بول في دايتون (وهي الشركة الأم لتارغت انك) مثل هذه المؤسسة الاقليمية.

وأجبر نمو تارغت الفلكي الشركة على التخلي عن أعمال المتاجر وبيعت الى شركة ماي May Company في سنة 2004. وتمت اعادة تسمية المتاجر باسم مارشال فيلدز Marshall Fields، ثم استحوذت عليها فيديراتد دبارتمنت ستورز بعد وقت قصير وعدلت تسميتها الى اسم «ميسز».

والسؤال هو هل من طريق لعودة ميسز؟ أنا شخصياً أظن ذلك، ولكنه سيكون مؤلماً ومكلفاً، وهو يبدأ بالفهم أن السوق المتوسط الرائع لم يعد رقعة قابلة للحياة، فقد سيطر عليه الإنترنت وأمازون وتارغت وولمارت وجي سي بيني وكول، وهكذا فإن المنطقي بالنسبة الى ميسز هو التوجه نحو السوق الأعلى، ووضع نفسها على مقربة من شريحة سوق نوردستروم- فون مور.

وسيشكل هذا تحدياً لأنه يتطلب طريقة استراتيجية وتكتيكية، كما يتعين عليها خلق تجربة تسوق فريدة وعرض مجموعة مختارة من الماركات الوطنية والخاصة. وهو يعني أيضاً عرض خليط واسع من المناسبات والخدمات والمفاجآت غير المتوقعة. ويعني كذلك الالتزام بموديلات تدريب مختلفة تماماً للموظفين وللتعويضات.

وسيتطلب الأمر اغلاق الكثير من المتاجر وتسييل الأصول، وربما يعطي هذا في نهاية المطاف «ميسز» الوقت والمساحة لإعادة طرح نفسها على شكل موديل مستدام من «بائعة التجزئة الجديدة».

● سانفورد ستين

* (مجلة فوربس)