قدّمت أخيراً شخصيتي «كمال» في مسلسل «حنين الدم» و«آدم» في مسلسل «حبيبي اللدود»، وهما شريرتان، وصوليتان قادرتان على الأذية في سبيل تحقيق المصلحة الشخصية، فكيف مايزت بينهما أداءً؟

صحيح أن للخبرة دورها على صعيد الأداء، إنما فور استلامي نصاً أضع جانباً ما قدّمت سابقاً، لأبدأ التحضير للشخصية الجديدة، منطلقاً من أسلوب كتابتها على الورق. أسعى ألا تكون الشخصية الجديدة مشابهة في أي تفصيل لما سبقها، وأحرص على التجديد في الأداء والإحساس والشكل. تزامن عرض «حبيبي اللدود» و«حنين الدم» وأيضاً «لأنك حبيبي»، إنما تباعدت فترة التصوير، ما ساعدني في الفصل ما بين الشخصيات الثلاث.

Ad

ألم تخش المقارنة بينها؟

كلا، لأنني أعرف ضمناً أنني أديّت ثلاث شخصيات مختلفة تماماً، ولا علاقة بينها لا شكلا ولا مضموناً، بل لكل منها خصوصية معيّنة، على رغم أنها قد تلتقي في الأمور الحياتية اليومية العادية لشخصيات مماثلة، كلعب الميسر، وتعاطي المخدرات وإقامة العلاقات الجنسية غير الشرعية.

معاناة «آدم» و«كمال» من حبّ طرف واحد أجّج لديهما الحسد والغضب والإجرام، فهل يمكن تبرير ما فعلاه باسم الحب؟

قصة حبّ «آدم» أقوى من قصّة حب «كمال» لـ«ندى» الذي تأثّر منذ طفولته برعاية أهله المفرطة لشقيقه البكر الأكثر تهذيباً، ما ولّد لديه حسداً وكراهية تجاه عائلته. وما أجّج أكثر هذه المشاعر وأطلق العنان لأمراضه النفسية المتراكمة منذ الطفولة، زواج شقيقه بها، وهو لا يحبّها فعلا بمقدار ما هو ناقم على شقيقه وحاسد لما يملك. أما حب «آدم» لريما فحقيقي لأسباب عدّة، من بينها أنه يعرفها منذ نعومة أظفارها ومُعجب بها منذ سنوات وقُتل بسببها، إنما على رغم ذلك لم يكن الحبّ المحرّك الأساس له بل تمحور دوره على التلاعب بالناس وبحياة المقاتلين، وبأمن البلاد انطلاقاً من موقعه كرئيس مخابرات حزبٍ لبناني.

تصوّرون «حنين الدم» تزامناً مع عرضه على الشاشة، كيف تتلقفون ردود فعل الجمهور؟

شعور رائع لأن ردود فعل الجمهور تزيدنا حماسة في أثناء التصوير. ثمة حماسة ومحبة وعلاقة جميلة وممتعة تجمع طاقم عمل المسلسل، بدءاً من المنتج إيلي معلوف مروراً بالمخرج شربل خوري والتقنيين والممثلين. نعمل من كل قلبنا لنجاح هذا المسلسل، ما أكسبنا تعاطف الجمهور وتقديره لتعبنا.

استمتاع بأداء الشر

بماذا تشعر تجاه هكذا شخصيات: الاشمئزاز أم التعاطف أم الشفقة؟

بات واضحاً لديّ أن الجمهور يكرهني في تلك الشخصيات الشريرة التي قدّمت أخيراً، إنما ذلك دليل نجاحها، ودلالة إلى أنني بتّ أمثّل أفضل من السابق. أحبّ الأدوار المماثلة، لذا أختارها من دون أن أتوّقف عند نظرة الجمهور تجاهها، وإلا لاخترت الشخصيات الطيّبة مثل شخصيتي في مسلسل «عندي قلب». أفكّر أولاً بما تقدّمه لي تلك الشخصيات على الصعيد الفردي من إضافة مهنيّة إلى مسيرتي الدرامية، من ثم أرى ما يقول الجمهور الذي يستمتع سواء قدّمت شخصية شريرة أو طيّبة.

هل تستمتع بأداء شخصيات شريّرة؟

طبعاً، لأنها متناقضة مع شخصيتي الحقيقية، فلا يمكن أن أتصرّف مثلها في الحقيقة وفي حياتي اليومية. بُنيت القصص الدرامية على الشخصية الشريرة التي تشكّل القائد المحوري لسياق الأحداث.

ألا تشعر بتعب نفسي أيضاً؟

تأثرّت بشخصية «كمال» أكثر من «آدم»، فالأخير واضح في سلوكه كمسؤول حزبي مخابراتي عسكري. من ثم، كان من السهل استخراج مكوّناته الدرامية من أناس عاصرنا وجودهم إبّان الحرب الأهلية، بينما يؤذي «كمال» أهله وشقيقه وعائلته وأقاربه، لذا تأثّرت كثيراً في أثناء التصوير، خصوصاً عندما حاول قتل شقيقه وأبنائه. إنما بفضل الخبرة وبعد إجراء أبحاث عدّة حول كيفية تحضير الشخصيات تزامناً مع مواكبة طبية من علماء نفس تعلّمت كيفية الفصل ما بين التمثيل والحقيقة.

ألم يحن الوقت بعد لكسر سلسلة الشخصيات الشريرة التي تقدّمها؟

إذا فكّرت بالتغيير فسيكون ذلك من أجل الجمهور، لا من أجلي شخصياً، لأنني أحب هذه الأدوار. أقرأ راهناً مسلسلاً رمضانياً أؤدي فيه شخصية شريرة أيضاً. إذا سعيت إلى التغيير فلن يكون ذلك باتجاه شخصية طيّبة رومانسية إرضاء للجمهور، بل باتجاه نص كوميدي جميل يرضيني شخصياً.

يطغى حضور الشخصية الشريرة دائماً على حضور بقية شخصيات المسلسل.

عندما يدرس الممثل الشخصية بطريقة جديدة من دون الاتكال على منطق الشرّ المتعارف عليه عالمياً، عندها يكرهها من يشعر بأنها تشبه الشرّ في داخله، أي أن من يكره الشخصية الشريرة يكون في لاوعيه يشبهها بشكل أو بآخر، فيما من يثني على أدائي لها هو من يعي أنني أؤدي دوراً تمثيلياً لا يشبهني في الواقع. من جهة أخرى، لطالما قادت الشخصية الشريرة سياق الأحداث في القصص، كحكايات آغاتا كريستي. إنما إرضاءً للجمهور الذي يحبّ النهايات السعيدة، يمنحون البطل الطيّب صفة قيادة الأحداث، فيما يغلب الشر الخير في أرض الواقع.

أي نص هو الأقرب إلى الواقع في مسلسلاتك: «عندي قلب، أو لأنك حبيبي، أو حبيبي اللدود، أو حنين الدم؟

«حنين الدم» طبعاً، لأنه حقق أكبر نسبة مشاهدة نتيجة تعلّق الناس بالقصة الواقعية التي ترجمها أداء الممثلين بطريقة صحيحة. فالروابط العائلية، وخصوصاً تلك التي تربط علاقة شقيقين متنازعين على الإرث مسّت بشريحة واسعة من الجمهور. من جهة أخرى، لا شكّ في أن نص «حبيبي اللدود» أصاب واقع العلاقة بين الأحزاب إبّان الحرب، وحقيقة أن الزعماء كانوا يلتقون ويسهرون معاً في حين كان شبابهم يتقاتلون في الشارع. أمّا قصص الفانتازيا التي حيكت في «عندي قلب» أو «لأنك حبيبي» أو «حبيبي اللدود» فجاءت لخدمة الدراما والحبكة الدرامية.

تسويق

ألا تتأثر نسبة المشاهدة بهوية المحطة؟

أولاً، لا تمايز عندي بين المحطات اللبنانية التي أتشرّف بالظهور عبر شاشاتها كلها من دون استثناء. إنما في رأيي أثبتنّا من خلال «حنين الدم» أن الدراما الجيّدة ستحقق نسبة مشاهدة مرتفعة حتى لو عُرضت على شاشة تلفزيون لبنان.

لم إذاً لم يحقق مسلسل «لأنك حبيبي» المعروض عبر شاشة» OTV نسبة مشاهدة جيّدة رغم أن القصة جميلة والممثلين نجوم؟

ربما بسبب سوء التسويق واختلاف تواقيت عرضه على الشاشة، ما أضاع المشاهد، إضافة إلى طول المدّة بين التصوير والعرض ووجود بعض النواقص فيه. كذلك لا تزال التجارب الدرامية لهذه المحطة متواضعة. إنما لا شكّ في أن القصّة جميلة والممثلين أجادوا أدوارهم.

نهضة درامية

نشهد عصر نهضة درامية أم عصر انحطاط؟

نعيش عصر نهضة درامية إذا استمر اهتمام المحطات بنا وبالمنتجين، واذا اهتم هؤلاء بنا. يساعد بعض الممثلين المنتج بالأمور اللوجستية المادية، إذا كان الدور جميلاً والعمل مميّزاً. نحن نحاول، ممثلون ومنتجون وكتّاب ومخرجون وأيضاً محطات، تحقيق عصر النهضة الذي نلمح معالمه بعد سبع سنوات خلت من العصر الجاهلي.

ما ملامح عصر النهضة؟

لدينا القدرة على المنافسة العربية، ولم تعد الدراما الجيّدة محصورة في شهر رمضان. يجب أن نتساعد لزيادة ثقة المشاهدين بنا، فلا نكون في المرتبة الثانية محلياً بعد الدراما السورية أو نظيرتها المصرية، مع الإشارة إلى أن المنتجين اللبنانيين غير ميسورين أسوة بالمنتجين العرب.

في رأيك أين تكمن المشكلة؟

تتكاتف عناصر القطاع من منتجين ومخرجين وكتّاب وممثلين وتتضافر جهودها الفردية مع المحطات لتطوّر الدراما وازدهارها، في مقابل غياب تام للدعم الرسمي. نقدّم نتيجة جيّدة على الشاشة ونحن قادرون على المنافسة، خصوصاً أن للممثل اللبناني قدرات عظيمة فلو تأمّنت له الأمور الإنتاجية المتوافرة لدى الممثلين العرب والأجانب لأبدع أكثر بكثير. قطاعنا مربح مادياً ومعنوياً ووطنياً، فحبّذا لو يرّكز الحكّام الذين يمصّون دم الشعب على هذا القطاع، لكنهم لا يكترثون.

ما رأيك في الإنتاجات السينمائية وقد شاركت أخيراً ضيفاً في فيلم «مطلوبين»؟

شاركت وبعض الزملاء كضيوف في مشهد أو اثنين بهدف دعم السينما اللبنانية. لا أرى مشكلة في توافر أفلام متفاوتة المستوى ما دام أن الجيدة منها سرعان ما ستتميّز، ما يؤسس لصناعة سينمائية نوعية حقيقية.

هل لديك أي مشاريع درامية جديدة؟

فور الانتهاء من «حنين الدم» نبدأ بتصوير المسلسل الرمضاني «موجة غضب» (كتابة زينة عبد الرازق، وإخراج منير معاصري، وإنتاج شركة phoenix pictures international.

إصابة وتعاون

تعرّض علي منيمنة لإصابة خطرة في أثناء تصوير «حبيبي اللدود». يوضح في هذا الشأن: «أُصبت خلال تصوير مشهد الكمين الذي يُقتل فيه «آدم». حصل احتكاك كهربائي مفاجئ قبل خروجي من السيارة، ولو لم أشح وجهي لاحترق، لكنّ أصبعي بُترت. ورغم النزف والوجع وحضور سيارة الإسعاف، استكملت تصوير المشهد، حتى أن المخرج لم يعرف أنني أُصبت إلا بعدما أعطى إشارة الانتهاء، عندها علم بما حصل حين رأى وجهي دامياً وأصبعي مبتورة. كان في المكان مواطنون عاديون فشهدوا الواقعة، وصفقّوا لي بحرارة بحضور أبطال المسلسل، لأن إصابتي كانت فعلاً خطرة ورغم ذلك لم أتوقف عن تمثيل المشهد».

أخيراً، يؤكد علي منيمنة أنه لا ينافس أحداً، بل ينافس نفسه لتقديم الأفضل، لمصلحة الدراما أولاً. ويقول: «يجب أن نتعاون معاً لنحقق عصر نهضة درامية لبنانية. ما دام يتوافر كل من النصوص الجميلة والممثلين الجيّدين والإنتاج والإخراج المحترفين، بدعم من المحطات اللبنانية التي نفتخر بها، أتمنى أن نرتقي حتى يعود لبنان قبلة العالم لتصوير الدراما والسينما وتحقيق مشاركات فنيّة أسوة بسبعينيات القرن الماضي».