تجددت مؤخراً قضية معالجة مشكلة القروض وتخفيف التزامات المواطنين، عبر اقتراح قدمه عدد من النواب، وتجددت السجالات بين المؤيدين والمعارضين للمقترح، فالمؤيدون يرجعون طلب إسقاط القروض إلى أسباب تتعلق بالغلاء وارتفاع كلفة الخدمات والسكن وخلافه، بينما يرى الجانب المعارض، الذي تدعمه الحكومة، أن الإسراف ونمط الاستهلاك المبالغ فيه للسلع الكمالية هما سبب زيادة التزامات المواطنين المالية، ووقوعهم في شباك القروض والتسهيلات الائتمانية.

أنا سأقتنع وأصدق الطرف المُؤيَّد من الحكومة أن المواطنين مندفعون إلى "الكماليات"... ومنذ أكثر من عشر سنوات يكرر نفس الكلام، إذاً ما هي مسؤولية الدولة عندما تجد سلوكاً أو آفة تؤثر سلباً على المجتمع، وهو من صميم مسؤولياتها؟ غالباً الحكومات المسؤولة في كل دول العالم مرت بمثل هذه التجارب، فكان العلاج بوضع ضرائب على السلع الكمالية، فمن يُردْ أن يلبس ساعة بـ 10 آلاف دينار فعليه أن يسدد ضريبة لهذه السلعة الكمالية، ومن تُردْ كذلك أن تحمل حقيبة بآلاف الدنانير، ومن يركب سيارة فارهة فعليه أن يدفع ضريبة لذلك؛ لمحاصرة هذه المشكلة، أما أن تردد نفس الأسطوانة المشروخة دون تصرف أو علاج حكومي لها منذ أكثر من عقد من الزمن، فهذا غير مقبول... وجريمة في حق الكويت.

Ad

***

مرة أخرى يقدم البنك المركزي الكويتي معلومات صادمة ومفزعة مفادها أن قيمة ما تم تحويله من أموال خارج البلد من الوافدين بلغ 3.2 مليارات دينار، أي نحو 11 مليار دولار في تسعة أشهر فقط، بزيادة 4 في المئة عن العام الماضي! تخرج هذه الأموال بـ "صفر رسوم" للدولة، ولا ضريبة دخل ولا أي شيء، ولا يوجد في العالم أحد يفعل ذلك.

قُدم قبل عامين اقتراح بقانون نيابي لفرض رسوم على التحويلات الخارجية بشكل تصاعدي، يستثني أصحاب التحويلات البسيطة، ودُرس في اللجنة المالية في مجلس الأمة وأُعد تقرير بشأنه، ولكن فجأة ظهرت منظومة حكومية إعلامية ومصرفية فتحت جبهة ضد هذا القانون فاختفى التقرير وسكت النواب ولم يسأل عنه أحد! شبكة المصالح ضربت بكل قوتها فأخرست الجميع... وهي جريمة أخرى في حق الكويت.