مع تزايد أعداد الطعون المتراكمة في محكمة التمييز، والتي كشفت عنها إحصائية وزارة العدل الأخيرة عن سنة 2017 إلى 35 ألف طعن متراكم، وقد يكون العدد انخفض في عام 2018 إلى 27 ألفاً، إذا ما صحَّت توقعات فصل دوائر الطعون المشكَّلة من "التمييز"، فإن الحل لمواجهة تراكم الطعون يكمن في زيادة عدد الدوائر أمام "التمييز"، للفصل في هذا الكم من الطعون، وإذا نجحت الدوائر في تخفيض هذا العدد، فإنه يتم تخفيضها وفق ما تقرره الجمعية العمومية لمستشاري محكمة التمييز.

إنشاء دوائر لفحص الطعون، بواقع 4 دوائر العام الماضي، وتخفيضها هذا العام إلى دائرتين، بدلاً من زيادتها إلى عدد يتطابق مع كل الدوائر الحالية في محكمة التمييز، يبقى ضمن الحلول المؤقتة، التي تبدأ بعام وتنتهي بعام آخر، وهي حلول لا تعني الاستقرار لفكرة إنجاز ملفات القضايا أمام "التمييز"، والتي تستلزم حلاً جذرياً لها يكمن في زيادة عدد الدوائر القضائية في "التمييز"، لعدم قدرة الدوائر الحالية على استيعاب عدد القضايا التي ترد إليها من دوائر محكمة الاستئناف الكثيرة، والتي تعمل وفق خطط وإحصائيات وبشكل سريع لإصدار الأحكام فيها.

Ad

ومن ثم لا يتصور أن تستوعب قرابة 17 دائرة في محكمة التمييز، بمختلف تخصصاتها، الأحكام التي تصدرها جميع دوائر محكمة الاستئناف المتعددة بكل المحافظات، والتي يزيد عددها على 70 دائرة قضائية، بعد إزالة دوائر الأحوال وأسواق المال، لكونها لا تصل إلى محكمة التمييز، لاسيما أن عدد الدوائر الإدارية فقط أمام محكمة الاستئناف سبع دوائر نظرت قبل عام 13 ألف طعن، فيما تنظرها دائرتان فقط أمام "التمييز"، والحال كذلك في الجنايات، تنظر أمام محكمة الاستئناف بسبع دوائر، وفي التمييز بثلاث دوائر.

لذلك، إذا ما أردنا عملياً تصفية الطعون المتراكمة أمام محكمة التمييز، فالأمر يتطلب زيادة عدد الدوائر القضائية فيها، من خلال نقل عدد من مستشاري محكمة الاستئناف ممن عُرف عنهم الكفاءة والخبرة إلى محكمة التمييز، ليتولوا العمل في دوائر "التمييز" العادية، أو دوائر لفحص الطعون، إلى جانب رؤساء سابقين في "التمييز"، تمهيداً لرئاستهم فيها مستقبلاً، وحتى يتحصَّلوا على فهم فلسفة العمل في محكمة التمييز، ونمط إدارتها، خصوصاً أن عدد المستشارين الموجودين في محكمة الاستئناف كبير، ومن السهل نقل 10 إلى 15 مستشاراً منهم إلى "التمييز"، لإنشاء 4 أو 5 دوائر قضائية في المجالات الإدارية والعمالية والتجارية والمدنية والجزائية، لكونها الأكثر عرضاً على أمام محكمة التمييز.

ويتعيَّن في الختام الإشادة بالجهود المبذولة من رئيس محكمة التمييز المستشار يوسف المطاعة، ونائبه المستشار خالد سالم، بالاهتمام بهذا الملف، الذي لا أشك بحرصهما وسعيهما لإنجازه، تحقيقاً لمبدأ سرعة التقاضي، الذي بات الواقع العملي يهدد تحقيقه، ولا يتطلب الأمر إلا تجاوز تلك العقبات الإدارية التي تستلزم دعماً وتذليلاً من وزير العدل د. فهد العفاسي، والنظر بجدية تامة إلى خطورة هذا التراكم، الذي نسعى جميعاً بأي حلول إلى إنهائه.