يقولون ديرة فسد ولا ديرة حسد، ونحن اجتمع لدينا الفساد وكثر الحساد، حتى أن الفاسد الذي لم يشبع من المناقصات والعطايا والسرقات يحسد الفقير على سيارته المقسطة ومنزله المدين وراتبه الذي لا يصمد أكثر من عشرة أيام.

الغريب أن الحسد في نفوس البعض لا يظهر إلا حين يطرح أمراً فيه منفعة للمواطن، فيخرج الحساد بلباس الوطنية وقناع المصلحة العليا وعباءة الحفاظ على المال العام، فلو قيل لنزد رواتب الكويتيين لقامت الدنيا ولم تقعد معتبرين ذلك عبثاً بالمال العام وهدراً لموارد الدولة، في حين رواتب المقيمين من مستشارين وغيرهم أضعاف رواتب المواطنين، ولو قيل لنسقط القروض أو فوائدها على المواطنين لثار الحساد متبجحين بالعدالة والمساواة التي لم يتحدثوا عنها في منح القسائم الصناعية والمزارع والجواخير والشاليهات والمديونيات الصعبة ومشتقات البنوك وغيرها من العطايا والهبات.

Ad

ومن الحسد الذي فاق كل التصورات أن معظمهم يرى الهدر المالي الذي تجاوز حدود الوطن ليصل أصقاع الأرض دون أن نسمع أن حسادنا الأشاوس يعترضون عليه بحجة المصلحة العليا للوطن، في حين يتصدرون المشهد لمجرد أنهم سمعوا أن ثم زيادة للرواتب أو ثم فكرة لإسقاط القروض والفوائد فتقوم قائمتهم، وأن أبناء البلد من إخوتهم المواطنين سيسحقون الأخضر واليابس وستفلس الدولة لو تم ذلك.

يعني بالعربي المشرمح:

"الرازق بالسما والحاسد بالأرض"، وفي هذا الزمن أصبح للحساد مؤسسة مختصة بحسد إخوانهم المواطنين دون غيرهم، وهي ميزة لا يتميز بها أي حاسد في أي بلد سوى الكويت، وكأن إسقاط القروض أو زيادة رواتب المواطنين ستقضي على أموال الدولة التي نراها تعمر في كل مكان، وتصل إلى كل مكان إلا أبناء الوطن، فاتقوا الله بإخوتكم المواطنين فهم أولى بالمعروف.