مع التزامه بحماية حلفائه الأكراد، كرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه سحب قواته من سورية، لكنه فتح موعده إلى أجل غير مسمى، معتبراً أن هذا البلد عبارة عن «رمل وموت» وضاع منذ زمن بعيد عندما تخلى سلفه باراك أوباما عن تنفيذ وعيده لدمشق إذا انتهكت الخط الأحمر وشنت هجوماً بالأسلحة الكيماوية.

ونفى ترامب، خلال اجتماع لأعضاء حكومته في البيت الأبيض أمس الأول، تحديد جدول زمني لوزارة الدفاع (البنتاغون) لإنجاز سحب 2000 جندي أميركي متمركزين في سورية خلال 4 أشهر، مؤكداً أن العملية «ستكون ذكية وعلى مدى فترة من الوقت وليست بين ليلة وضحاها».

Ad

وغداة طلب الرئيس الفرنسي من نظيره الروسي حماية القوات الحليفة للتحالف الدولي وخاصة أكراد سورية من الهجوم التركي المحتمل شرق نهر الفرات، تعهد ترامب بالوقوف إلى جانب حلفائه في قوات سورية الديمقراطية (قسد) و«وحدات حماية الشعب»، قائلاً: «نريد حماية الأكراد رغم أنهم يبيعون كمية النفط الضئيلة لديهم لإيران وطلبنا منهم وقف هذا الأمر»، في خطوة من المرجح أن تثير غضب تركيا قبل محادثات مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون مع مسؤوليها هذا الأسبوع.

في سياق سلسلة انسحابات كردية وتركية متبادلة من منبج ومحيطها، غادرت دفعة ثانية من القوات الأميركية أمس مناطق ريف دير الزُّور الشمالي الشرقي إلى محافظة الحسكة في طريقها إلى كردستان العراق عبر معبر سيمالكا.

وأوضح مصدر في مجلس دير الزُّور المدني أن القافلة تضم نحو 100 شاحنة كبيرة، وتحمل لوحات عراقية نقلت سيارات من نوع همر وهامفي، وسيارات مصفحة، وعربات وأسلحة وآليات هندسية.

انسحابات منبج

وغداة انسحاب الفصائل السورية المدعمة من تركيا من محيط منبج إلى حدود لواء إسكندرون الفاصلة بين تركيا وسورية، وبعد أيام من نشر قواتها على خطوط التماس الفاصلة مع الفصائل الموالية لأنقرة، أعلنت وزارة الدفاع السورية أمس الأول انسحاب نحو 400 عنصر من «الوحدات القتالية الكردية» من منطقة منبج، ونشرت شريط فيديو أظهرت سيارات تقل مقاتلين وترفع رايات «قسد» و«وحدات الحماية».

وقالت وزارة الدفاع السورية، في بيان، «تنفيذاً لما تم الاتفاق عليه لعودة الحياة الطبيعية إلى المناطق في شمال الجمهورية، بدءاً من الأول من يناير 2019 قامت قافلة من الوحدات القتالية الكردية تضم أكثر من 30 سيارة بالانسحاب من منطقة منبج متجهة إلى قرية قره قوزاق على الشاطئ الشرقي لنهر الفرات».

الجيش الوطني

وأوضح المرصد السوري لحقوق الانسان أن المسلحين الموالين لتركيا نقلوا إلى ثكنات بمحيط ريف منبج، في القطاع الشمالي الشرقي من ريف حلب، وجرى تأمينهم في ثكنات هي عبارة عن مدارس تم تحويلها لمقرات عسكرية تابعة لما يسمى بـ«الجيش الوطني» التابع لأنقرة.

وأشار المرصد إلى أن الأوضاع على خطوط التماس بين القوات التركية والفصائل المدعومة من أنقرة، وقوات «مجلس منبج العسكري» و»جيش الثوار»، عادت لما كانت عليه قبيل إعلان الاستنفار في تركيا لعملية عسكرية في منبج.

ونفى الناطق باسم «الجيش الوطني» الانسحاب من محيط منبج، مؤكداً أنه لايزال بكامل مكوناته في مواقعه وكامل جاهزيته. وحسب «شبكة شام» دفعت القوات التركية بمزيد من التعزيزات قرب منبج غرباً حتى الحسكة شرقاً.

اقتتال الفصائل

في هذه الأثناء، اشتدت حدة المعارك الدائرة بين هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وحركة نور الدين زنكي، أبرز مكونات الجبهة الوطنية للتحرير المدعومة من تركيا، وامتدت من حلب إلى محافظتي إدلب وحماة المجاورتين، موقعة نحو 50 قتيلا خلال يومين.

وأوضح المرصد أن «رقعة الاشتباكات ارتفعت وتوسعت لتصل إلى ريف إدلب الشمالي والجنوبي الشرقي»، مشيراً إلى انضمام فصائل جديدة من الجبهة الوطنية للتحرير للقتال ضد «النصرة». ومع استمرار تقدم «النصرة» وسيطرتها على سبع قرى وبلدات أكبرها دار عزة الاستراتيجية، أصدرت الجبهة الوطنية بيانا أعلنت فيه «النفير العام لكافة مكوناتها للتصدي للاعتداءات».

العمليات الروسية

إلى ذلك، كشفت وزارة الدفاع الروسية أمس عن اختبارها 300 نوع من الأسلحة في سورية شملت مقاتلات الجيل الخامس «سو 57»، ومنظومات الدفاع الجوي «بانتسير إس 2»، ومدرعات «ترميناتور 2» والروبوت القتالي «أوران 9» المدرع. وأشارت الوزارة إلى أن قادة الدوائر العسكرية كافة، وقادة جيوش القوات البرية وجيوش القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي وقادة الفرق العسكرية في العملية العسكرية خاضوا العملية العسكرية، إضافة إلى مشاركة 96 في المئة من قادة الألوية والأفواج، مؤكدة أن أكثر من 68 ألف عسكري روسي اكتسبوا خبرات قتالية عملية في سورية وعلى رأسهم 460 جنرالاً.

وأكدت الوزارة أنه تم خلال 2018 القضاء على أكثر من 23 ألف مقاتل من الجماعات والتشكيلات المسلحة في سورية وتكبيدهم 159 دبابة و57 عربة مدرعة وأكثر من 900 مدفع وحوالي 3 آلاف سيارة مزودة بمدافع رشاشة من العيار الثقيل.