اعتاد القراء كل عام إعداد قائمة للكتب التي تتم قراءتها طوال السنة المنصرمة، ومشاركتها مع زملائهم ومتابعيهم على شبكة التواصل الاجتماعي. تلك خصلة طيبة لها أن تقرِّب بين القراء، وتشجع الجميع على تبادل الكتب، وهي كذلك تأتي في مصلحة الكتاب الذي يُظلم أحيانا ولا يأخذ نصيبه أو مكانته التي يستحقها مقارنة بغيره.

لا يستطيع أي متابع، مهما كان جهده الشخصي، أن يلم إلماما كاملا بكل الإصدارات العربية والمترجمة والكتب المتنوعة على اختلاف مشاربها. متابعة هذه القوائم التي يقوم القراء بتسجيلها طيلة العام، ثم نشرها في نهايته، تقدم لنا خدمة مجانية للاطلاع على عناوين لم ننتبه لها خلال هذا العام، لسبب أو لآخر. شخصيا، اعتمد كثيرا على القارئ الذي بنيت ثقة معرفية بيني وبينه لمعرفة الجيد من الإصدارات التي تصدر في بلده، وبذل الجهد للحصول عليها.

Ad

قبل أيام أعلن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قائمة الكتب التي قرأها خلال السنة الماضية. تلك كانت عادته منذ كان رئيسا للولايات المتحدة، وتضم قائمة الرئيس السابق كتبا وألبومات غنائية وأفلاما يعتبرها أعمالا تستحق المتابعة من وجهة نظره.

في قائمة هذا العام التي أعلنها أوباما، وجاء على رأسها بطبيعة الحال كتاب زوجته ميشيل أوباما (Becoming)، قدَّم لنا كاتبين من كندا، أحدهما صاحب الرواية الرائعة (المريض الإنكليزي) مايكل أونداتجي، وهو مهاجر من أصول سيلانية أصدر هذا العام رواية Warlight، وهو غني عن التعريف. أما الأخرى، فهي كاتبة في الأربعين من عمرها لم أسمع بها من قبل اسمها إيسي ايدجيان لها ثلاث روايات، لكن أشهر رواياتها تلك التي صدرت عام ٢٠١٨ بعنوان "Washington Black"، بعد صعوبات في نشر رواياتها الأولى. رشحت الرواية للقائمة القصيرة لجائزة المان بوكر في نوفمبر الماضي، وربما كان ذلك سبب اهتمام باراك أوباما بها. وبالمناسبة هي أيضا مهاجرة من غانا.

ما يعنيني هنا أننا نستفيد كثيرا من هذه القوائم التي تقدم لنا كتبا وكُتابا، وتذكرنا أحيانا بكتب نود قراءتها وتجاهلناها، لضيق وقت أو كسل ما. قائمة الرئيس السابق ليست أكثر أهمية من قوائم الإخوة القراء على صفحات التواصل الاجتماعي، الذين تابعتهم طيلة السنة، بعيدا عن المهاترات والاستخدام السيئ لهذه الصفحات. فكثير من هؤلاء الشباب يعملون بجد وإخلاص لنشر المعرفة وتبادلها مع غيرهم من الكُتاب والقراء. هناك العديد من الأعمال العربية التي لم تحظَ باهتمام تستحقه، وجاء الإعلان عنها خافتا، لعدم اهتمام دور النشر، أو لكسل الكاتب، وإيمانه بأن توصيل الكتاب للقارئ ليس مهمته، بل مهمة إعلام وصحافة وجدت نفسها في الظل بعد اكتساح الإعلام الجديد.

في الأسبوع الماضي تعرَّفت على مجموعة من الروايات من البلاد العربية عن طريق هذه القوائم سأقوم بقراءتها ونشر قراءات لها. ما يميز هذه الأعمال أنها ليست ضمن دائرة الضوء الإعلامي الذي يحتاج ترشيحا لجائزة أو شبكة علاقات عامة يجيدها البعض ويخفق فيها الآخر.

ختاما، هذا التواصل بين القراء والكتاب ونشر هذه القوائم بينهم يمثل خدمة إعلامية وتبادلا معرفيا وثقافيا لوجه الثقافة الخالص نستفيد منه جميعا؛ كتابا وقراء، على أن نبدأ العام الجديد بما فاتنا من أعمال.