انطلقت "منصة الدفاع عن بدون الكويت" تويترياً يوم 26 ديسمبر الجاري بتعاون عدد من النشطاء الكويتيين في مجال حقوق الإنسان، وذلك بعد أن وصل الوضع البدوني في الكويت إلى درجة من التعقيد ووصلت سبل التعامل معهم ومع القضية إلى درجة من التعسف ما كانت لتتحقق لولا الصمت شبه المطبق من الشارع العام تجاه هذه القضية الشائكة. كلنا، الحكومة والشعب والنظام والمؤسسات المدنية والجهات الحكومية وغير الحكومية، كلنا مسؤولون عن الوضع الذي وصل إليه الإنسان البدون في الكويت، وهو وضع صنعناه نحن إما بتأييد الشارع للكثير من الإجراءات الحكومية أو بالسكوت عن هذه الإجراءات أو تجاهلها أو بأضعف الإيمان، بالامتعاض منها سراً لا جهراً. يخلق الصمت والتجاهل فراغاً فكرياً في المجتمع، لم يسده عندنا سوى تعسف حكومي إجرائي وجد فرصته وسط القبول العنصري أو التجاهل الإهمالي للقضية.

لذا جاءت المنصة استجابة لتحديات عدة لعل أهمها هو انفراد الخطاب الحكومي ممثلاً بالجهاز المركزي في توجيه الرأي العام حول قضية البدون، الأمر الذي يتطلب أن يكون هناك صوت مقابل يوجه الرأي العام للحقائق المقابلة وللصوت "الآخر" الذي لا يجد منفذاً بسبب السدود الحكومية المرتفعة أمامه، والتي ليس أخطرها التعهدات التي فرضها الجهاز المركزي بعدم تناول الجهاز بأي نقد وبعدم الخروج في أي مظاهرات أو اعتصامات بل وبالموافقة على كل ما يأتيه الجهاز من إجراءات وذلك لحصول البدون على أي من أوراقه أو لتسيير أموره من خلال هذا الجهاز. هذا ويشكل تغاضي مؤسسات المجتمع المدني عن تعسف الجهاز المركزي مع البدون بعداً آخر للمشكلة من حيث خلقه لمساحة مدنية فارغة هي من حق الشعب وأفراده، مما أعطى للحكومة ممثلة بالجهاز المركزي مساحة إضافية وحريات مطلقة غير مراقبة في التعامل مع القضية. إن هذه المساحة المدنية هي حق لأفراد المجتمع لإبداء آرائهم ولتوجيه العمل الحكومي بل والضغط عليه في حال تقاعسه أو خروجه عن المنهجية المدنية أو الإنسانية، إلا أن هذه الساحة أخليت تماماً مما أطلق يد الإجراءات الحكومية التعسفية في التعامل مع القضية، هذه القضية التي تعدت بزمن سنتها الخمسين، وبعد لم تتغير لا طريقة التفكير فيها ولا أسلوب التعامل معها.

Ad

ترسل "منصة الدفاع عن بدون الكويت" الرسالتين التاليتين: الأولى تضامنية مع بدون الكويت مفادها أنهم ليسوا وحدهم، وأن دورنا جميعاً الوطني والمدني والإنساني أن نعلي الصوت تجاه القضية وأن نرفع الكثير من الضبابية بشأن تفاصيلها وطرق التعامل الحكومي معها وأن نشير إلى التقاعس والتمييز والعنصرية التي تغلف أساليب التفكير والتعامل مع القضية برمتها. والثانية احتجاجية ضد الإجراءات الحكومية مفادها ضرورة مراجعة أسلوبها غير المشروع في التعامل مع هذه القضية الإنسانية وحتمية تغيير القاعدة العامة الكاملة التي تعمل من خلالها الحكومة لحل هذه المعضلة الإنسانية الشائكة. إن أساليب الضغط والحرمان الحقوقي والتهديد والوعيد واستهداف أمن واستقرار وكرامات الناس ليست ولم تكن في يوم، أساليب ناجحة لحل أي قضية مدنية كانت أو سياسية أو إنسانية، وعليه ستأتي هذه المنصة لتعلن احتجاجها وتضامنها ولتشكل مع كل من يهتم بالقضية، مهما اختلفت الآراء حول تفاصيل حلولها، عامل ضغط مدني شعبي على الحكومة لتغير المسار والأسلوب، ولتسرع زمنياً بحل هذه القضية الشائكة التي تدفع الدولة بشعبها وبدونها ثمنها كل يوم.