على أعتاب عام 2019، تتحدث بعض الآراء المتخصصة في الشؤون النفطية عن توقعات ببقاء نمو الطلب خلاله عند 1.4 مليون برميل يومياً حتى مع تراجع أسعار النفط كثيراً منذ ذروة أوائل أكتوبر الماضي، وأن بعض الدعم الناتج عن انخفاض الأسعار سيبطله ضعف النمو الاقتصادي عالمياً، لاسيما في بعض الاقتصادات الناشئة".

Ad

تنامي المخزونات

وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" اتفقت أخيراً مع روسيا ومنتجين آخرين على خفض إنتاج النفط الخام 1.2 مليون برميل يومياً من يناير المقبل لكبح تنامي مخزونات الوقود غير المستخدمة.

وعلى الرغم من قرار خفض الإنتاج، فإن هناك توقعات أخرى تفيد بأن يظل هناك فائض في المعروض في سوق النفط العالمية على مدى عام 2019، وترى تلك التوقعات أن الوقت سيبين مدى فعالية اتفاق الإنتاج الجديد في إعادة التوازن لسوق النفط.

ولعل جزءاً من ضعف أسعار النفط خلال النصف الثاني من العام الحالي جاء نتيجة مباشرة للمخاوف بشأن مدى تأثير التباطؤ الاقتصادي في نمو الطلب.

وتيرة بطيئة

ويتوقع صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن ينمو الاقتصاد العالمي بوتيرة أبطأ في العام المقبل عن المتوقع قبل ستة أشهر.

وفي حين جاءت توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في شهر نوفمبر الماضي لتؤكد إمكانية تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي إلى 3.5 في المئة في 2019 مقارنة بـ 3.8 في المئة في العام الحالي، أظهرت بعض التقارير أن الضبابية بشأن التوترات التجارية والسياسات النقدية الأكثر تشدداً تواصلان التأثير في الثقة والاستثمار، مما قد يؤدي إلى خفض نمو الطلب على النفط بنحو 100 ألف برميل يومياً.

توازن السوق

من ناحية أخرى، وبناء على ضعف محتمل للنمو العالمي، أكدت آراء بأن تحالف "أوبك" بحاجة إلى خفض 700 ألف برميل إضافية من أجل تحقيق التوازن في السوق وإعادة سعر خام برنت إلى مستوى 70 دولاراً للبرميل.

ويشير بعض المحللين في الأسواق النفطية إلى أن الخفض المتفق عليه بين دول "أوبك" وخارجها، وهو 1.2 مليون برميل يوميا لن يكون كافياً لضمان الانتعاش المستدام والفوري في أسعار النفط، معتبرين أن ردّ فعل السوق حتى الآن لا يعد مفاجأة للمعنيين بسوق النفط الخام.

وفيما أكدت تقارير أن اتفاق الخفض الذي تم أخيراً في فيينا قد يكون عمل على توفير أرضية ناعمة لدعم أسعار النفط حالياً، لكن لا يزال بإمكان مجموعة المنتجين أن تنجح أكثر إذا قامت بتمديده حتى نهاية 2019.

إعادة تقييم

بيد أن من المقرر أن يقوم تحالف المنتجين بمراجعة وإعادة تقييم اتفاق خفض الإنتاج في أبريل المقبل إذ سيتم تقييم أوضاع السوق حينها لبيان ما إذا كان سيتم الاتفاق على تمديد الخفض بعد يونيو المقبل، في حال شعور المنتجين بأن السوق يحتاج إلى مزيد من الوقت لسحب المخزونات الفائضة.

ولعل من الأرجح أن تضطر منظمة "أوبك" إلى إدارة مستويات الإنتاج بقرارات قصيرة المدى وبشكل متقطع على مدى السنوات القليلة المقبلة، خصوصاً إذا زاد العرض من الولايات المتحدة من النفط الصخري بوتيرة أسرع مما هو عليه حالياً، وبناءً على ذلك، فمن الضروري أن تتبع "أوبك" وحلفاؤها سياسة جديدة لاستيعاب أي متغيرات قد تلحق بالسوق خلال الفترات المقبلة.

عبء كبير

وعما إذا كان الإنتاج الأميركي سجل بالفعل مستويات قياسية، ومن المتوقع أن يظل على هذه الوتيرة المرتفعة ربما على مدى العام المقبل 2019 فإن العبء سيصبح كبيراً على المنتجين التقليديين لتعديل مستويات الإمدادات بصفة مستمرة وعلى فترات

أقصر للحفاظ على توازن السوق.

وعلى العكس من ذلك، فإن البعض يرى أن التراجع في المعروض العالمي سيتجاوز ما أعلنه تحالف المنتجين و"أوبك" بسبب تراجع غير متوقع في إنتاج كل من ليبيا ونيجيريا وإيران وفنزويلا، وعليه قد يكون من الممكن علاج فائض المخزونات وتخمة المعروض بشكل سريع، خصوصاً الناتجة عن عوامل غير مخطط لها بشكل سابق.

وتشير تقديرات إلى أن مخزونات الخام في مركز التسليم في أوكلاهوما الأميركية ارتفعت بمقدار 1.1 مليون برميل، وأظهرت البيانات أن معدل استهلاك المصافي هبط بمقدار 51 ألف برميل يوميا، وانخفض معدل تشغيل المصافي بمقدار 0.4 نقطة مئوية.

وارتفعت مخزونات البنزين بمقدار 2.1 مليون برميل، مقارنة بتوقعات محللين في استطلاع للرأي بزيادة قدرها 2.5 مليون برميل، كما أظهرت بيانات أن مخزونات نواتج التقطير التي تشمل الديزل وزيت التدفئة هبطت بمقدار 1.5 مليون برميل مقارنة بتوقعات بزيادة قدرها 1.8 مليون برميل.

ونشرت "أوبك" قليلاً من التفاصيل حول كيفية إجراء الخفض، مقارنة بما فعلته في 2017، حينما أعلنت في البداية عن اتفاق مع حلفائها لخفض الإنتاج.

وأشار أحد المراقبين إلى أن الاتفاق الحالي لـ"أوبك" وحلفائها يعد مبهماً لأنه لم يحدد بشكل نهائي حصص كل دولة من الخفض على حدة وهو ما يعزز التعهدات بتقليص الإمدادات.

الأسعار تشجع على إنتاج «الصخري الأميركي»

توقع تقرير متخصص ألا يحدث تباطؤ في إنتاج النفط الصخري الأميركي بسبب الانكماش الأخير في الأسعار وذلك على أي نحو دراماتيكي.

وفي الوقت نفسه، ووسط اتفاق خفض الإنتاج الذي ينفذه تحالف "أوبك لن يتم ترك الأسعار في السوق تهبط إلى أدنى المستويات.

ولفت مصدر نفطي إلى أن هناك بعض الإشكاليات التي قد تواجه التنفيذ، إذ لم يتم تحديد حصة كل دولة وتم الاكتفاء بالاتفاق على منح إعفاءات للدول المتعثرة مثل ليبيا ونيجيريا وإيران وفنزويلا.

وتوقعت آراء تباطؤاً في تنفيذ حصة خارج "أوبك" وقدرها 400 ألف برميل من أصل 1.2 مليون برميل يومياً، خصوصاً أن الجانب الروسي كان قد أكد أن الخفض سيكون تدريجياً على مدار عدة أشهر، لافتة إلى أن استعادة الاستقرار في السوق يحتاج إلى بعض الوقت.

مستويات العرض

وحسب تقديرات وكالة الطاقة الأميركية، فإن مستويات العرض في السوق آخذة في الارتفاع رغم التخفيضات المعلنة بسبب الزيادات القياسية في الإنتاج الأميركي مقابل مخاوف تحيط بمعدلات نمو الاقتصاد العالمي وتوقعات تباطؤ الطلب إذ سيرى الإنتاج الأميركي طفرات واسعة في العام المقبل، وسيتخطى مستوى 12 مليون برميل يومياً بسبب زيادة أنشطة الحفر في حقول النفط الصخري، على الرغم من توقعات تراجع الأسعار.

ولفتت إلى توقعات خسارة أسعار الخام الأميركي نحو عشرة دولارات، لكن ستبقى الإمدادات مرتفعة بسبب رفع مستوى الكفاءة والتطور الهائل في تكنولوجيا الحفر.