حتى لو أن مجلس الأمن الدولي قد بارك اتفاق السويد بين شطري اليمن السياسيين فإنه لا يمكن الركون إلى أن هذا الاتفاق سيأخذ طريقه إلى التنفيذ، مادامت إيران لا تزال تشكل رقماً رئيسياً في المعادلة اليمنية، ومادام الجيش الشرعي لم تصبح له السيطرة الكاملة على اليمن كله بشماله وجنوبه وبغربه وشرقه، ومادامت الحكومة الشرعية لم تنتقل من أمكنتها المؤقتة، وتعود عودة ميمونة إلى صنعاء... و«لابد من صنعا وإن طال السفر!».

لا شك في أن ما أعطى اتفاق "استوكهولم" بعض الأمل في النجاح أن إيران باتت تغوص في الأوحال، ليس حتى ركبتيها فقط بل حتى "شوشة" رأسها، فأوضاعها الاقتصادية أصبحت تعاني أوجاعاً كثيرة، والعقوبات المفروضة عليها تجاوزت كل ما يمكن احتماله، وكل هذا بينما تآكلها الداخلي بين مراكز القوى المتصارعة وصل إلى حدٍّ يمكن عنده توقع اشتعال نيران حرب أهلية إن هي اشتعلت فلن تبقي ولن تذر!

Ad

كانت إيران عندما توسعت في هذه المنطقة، كل هذا التوسع الاحتلالي، تعتقد أن الموقف الأميركي تجاهها سيبقى كما كان عليه في عهد باراك أوباما، وكانت تعتقد أن بإمكانها الاتكاء على الروس إلى الأبد، وأن تمددها في العراق وسورية ولبنان، وأيضاً في اليمن، سيبقي على قواها الداخلية المتناحرة تحت "سقف" علي خامنئي وحراس الثورة وفيلق القدس، لكن مادام أنه ثبت أن كل هذه التقديرات والحسابات الإيرانية كانت خاطئة فإنه يمكن التكهن بأن اتفاق "استوكهولم" ربما تكون أمامه فرص جدية للنجاح.

وهنا فإن ما يجب أن يقال، وبصوت مرتفع، هو أن الدور السعودي بالنسبة لما جرى في السويد كان أساسياً ورئيسياً، فالمملكة العربية السعودية من المعروف أنها صاحبة تجارب مرة في هذا، فحرب اليمن الأهلية الأولى، التي انتهت بزوال الحكم الإمامي، تواصلت ولسنوات طويلة، وإلى أن تعب الطرفان المتقاتلان ووصلا إلى الإعياء، وغدت المصالحة ممكنة، ولكن بتغلب طرف على الطرف الآخر، وهذا إن لم يحصل هذه المرة أيضاً فإنه يجب توقع أن كل حرب من هذه الحروب اليمنية ستلد أخرى، إلى أن يصيب التعب والإنهاك أحد الطرفين فينسحب من المواجهة بدون أي التفافة إلى الخلف.

وهكذا فإنه يجب الإشادة بالجهود الخيرة التي بذلت في لحظة واعدة، فكان هذا الاتفاق الذي لا يمكن الوثوق بأنه سيحقق النجاح المرجو الذي تنتظره أطراف كثيرة ما لم يتم إبعاد الإيرانيين عنه، وما لم يتواصل إشغال إيران بقضاياها الداخلية... وما لم يقدر الطرفان المتآخيان الجهود الخيرة والجبارة التي بذلها بعض العرب، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، وإلا فإن الأمور قد تعود إلى نقطة الصفر، لا سمح الله.