المشادة غير المسبوقة التي جرت، أمس الأول، أمام وسائل الإعلام بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ شوك شومر، وزعيمة الأغلبية الديمقراطية رئيسة مجلس النواب المقبلة نانسي بيلوسي، بحضور نائبه مايك بنس، أظهرت بشكل لافت أن ترامب يخوض صراعا مريرا قد يكلفه خسارة حظوظه في إعادة انتخابه عام 2020.

تهديد ترامب بأنه على استعداد لوقف تمويل الحكومة نهاية العام إذا لم تلب شروطه بتمويل بناء الجدار مع المكسيك، يضيف المزيد من التعقيدات والمشكلات التي يواجهها للحفاظ على وعوده الانتخابية أمام قاعدته الشعبية الأكثر تطرفا.

Ad

وإذا أضفنا الرسالة المفتوحة التي وقعها أعضاء سابقون في مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يحذرون فيها من الأزمة الدستورية التي قد تواجهها الولايات المتحدة، إذا استمرت في تطبيق سياسات ترامب، يصبح السؤال الأبرز هو عن مدى قدرة الطبقة السياسية على تحمّل تبعات تلك السياسات، التي بحسب العديدين وضعت أميركا في موقف صعب على كل المستويات اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وخارجيا.

ولعل تطور ملف التحقيقات، التي يتابعها المحقق الخاص روبرت مولر في قضية التدخل الروسي المفترض في انتخابات عام 2016، شكل الهاجس الأكبر الذي يقض مضاجع ترامب، خصوصا أن المحققين يستعدون على الأقل لتوجيه اتهامات جرمية له بمخالفة قوانين الانتخابات في قضية دفع الأموال لإسكات امرأتين اقامتا علاقة عاطفية معه.

لكن التطور الأخطر هو اعترافات محاميه الخاص مايكل كوهين، وكذلك اتهام مدير حملته السابق بول مانفورت، فضلا عن دائرة واسعة من مساعديه، بفتح واقامة قنوات اتصال مع عملاء روس منذ عام 2015.

وجاء تراشق الاتهامات بين ترامب ووزير خارجيته السابق ريكس تيلرسون، وإعلانه مغادرة كبير موظفي البيت الأبيض الأبيض الجنرال المتقاعد جون كيلي، على خلفية الصراعات الدائرة في "الجناح الغربي"، وصعوبة العثور على شخصية قادرة على تولي تلك المسؤولية، ليضع علامات استفهام كبرى أمام مستقبل ادارة ترامب، بعدما لم يتبقّ من البارزين فيها سوى وزير الدفاع جيم ماتيس، الذي يستعد هو الآخر للمغادرة في ظل انتقادات ترامب ووصفه له بأنه ديمقراطي.

البعض يعتبر ان مرحلة استعانة ترامب برموز من الطبقة السياسية الجمهورية ومن المؤسسة العسكرية، قد شارفت على النهاية، في ظل تخوف من استبدالهم بشخصيات متطرفة واكثر انحيازا لشعاراته وسياساته، ما قد يعمق الإشكاليات والانقسامات، سواء داخل المجتمع الأميركي او مع حلفاء واشنطن ومناوئيها.

غير أن المشادة التلفزيونية بين ترامب وشومر وبيلوسي فتحت مجددا باب التأويل على احتمال ان يعمد الديمقراطيون بداية العام الجديد على طرح عزل الرئيس بسبب المخالفات "والجرائم" التي ارتكبها، ما قد يضعف حملته الانتخابية ويوهنها، حتى لو لم يؤد ذلك إلى عزله فعليا.

وما يقلق ترامب أيضا هو تهديد مدير الـ"اف بي اي" السابق جيمس كومي بالإدلاء بالكثير من التفاصيل عن علاقته بالرئيس في جلسة استماع يستعد مجلس النواب الجديد بقيادة الديمقراطيين لعقدها مطلع العام.

ومع كشف العديد من المسؤولين الأمنيين عن خيبتهم ومخاوفهم من علاقة ترامب بالأجهزة الأمنية الأميركية وخلافه معها حول قضايا رئيسية، كملف كوريا الشمالية، وملف إيران، والعلاقة مع السعودية وملف المناخ، عكست الصحافة الأميركية، وكذلك تعليقات عدد كبير من المسؤولين الحاليين والسابقين، حالة عدم اليقين من المستقبل السياسي للبلاد، فيما تولى انهيار اسواق المال وجمود قطاع العقارات قرع جرس الإنذار من الاخطار المحدقة بالنمو والاستقرار الاقتصادي، مع تصاعد المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة ومعظم الدول الصناعية الكبرى.

الرئيس لا يخشى من العزل

في مقابلة أجرتها معه وكالة "رويترز" في البيت الأبيض، ونشرت مقتطفات منها أمس، أجاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على سؤال عما إذا كان يشعر بالقلق من امكانية عزله: "من الصعب مساءلة شخص لم يفعل أي شيء خطأ وأوجد أعظم اقتصاد في تاريخ بلدنا، لست قلقاً وأعتقد أن الناس سيثورون إذا حدث ذلك".

وفيما يتعلّق بحملة إعادة انتخابه، قال ترامب: "أعتقد أنني سأحقق نتيجة طيبة في إعادة انتخابي. أنظر إلى نتائج استطلاعات الرأي. كانت 50 بالأمس أليس كذلك؟ هذا أعلى بكثير مما حصل عليه (الرئيس السابق باراك) أوباما".