مع استمرار موجة الرفض النيابي لما انتهت إليه اللجنة المالية البرلمانية بشأن قانون التقاعد المبكر، أحالت اللجنة إلى مجلس الأمة، أمس، تقريرها الذي نسف الاقتراح النيابي الأول، وجاء بالشكل الذي تشتهيه الحكومة، وتم إدراجه على جلسة المجلس العادية المقررة اليوم، بما فيه من عوار كبير شاب صياغته وتناقضات وأخطاء تتضرر منها بالدرجة الأولى المرأة المتزوجة، وسيتسبب ذلك، إن لم يعالجه المجلس، في تطبيق القانون بشكل خاطئ.

وقال النائب صالح عاشور لـ«الجريدة»: «أدعو النواب إلى التصويت بعدم الموافقة على ما انتهت إليه اللجنة المالية، إذ يختلف هذا المقترح كلياً عن السابق الذي قدم إلى المجلس عندما كنت مقرراً لها، ووافق عليه ٤٣ نائباً».

Ad

وأكد عاشور أن المقترح الجديد «ليس في مصلحة المواطن، وكنت أتمنى أن أكون في الجلسة لأبيّن الفرق بين المقترحين ولكنني خارج البلاد»، لافتاً إلى أن «القانون الجديد نسف السابق، بإعادته شرط العمر، وفرضه نسبة خصم كبيرة على من يريد الاستفادة منه، كما ألغى المادة الرابعة التي تضمن عدم الإحالة إلى التقاعد إلا بناء على رغبة الموظف».

وتعليقاً على القانون، قالت النائبة صفاء الهاشم، لـ «الجريدة»، إن «هناك 6400 شخص يريدون الخروج للتقاعد، ولم يصلوا إلى السن المطلوبة»، مشيرة إلى أنهم «السبب في الضغط الحاصل لرغبتهم في التقاعد، ولذلك تم منحهم مدة سنة يخرجون بها بدون تحمل أي شيء».

وأضافت الهاشم أن «بقية الذين يريدون الخروج عليهم تحمل التكلفة؛ نظراً لأن التقاعد المبكر ميزة، ولذلك هو اختياري»، مشيرة إلى أن «الوضعية الاستثنائية للمخاطبين بالنص الجديد للمادة 17 مكرراً تبرر تمكينهم من الاستفادة من التقاعد دون أن يسري عليهم حد السن، وهي الوضعية نفسها التي تجعل حكم هذه المادة مؤقتاً في الزمن، تماماً كما كان الشأن بالنسبة لنفس المادة في صيغتها الأصلية التي نصت على عدم سريان حد السن متى كانت مدة الاشتراك 15 سنة في تطبيق البند 5 من المادة 17، أو 20 سنة قبل بلوغ الخمسين في تطبيق البند 6 منها».

وبالعودة إلى تقرير «المالية» الثاني التكميلي، لاحظت «الجريدة» أن الاقتراح الذي انتهت إليه اللجنة في عجالة مليء بالأخطاء والتناقضات بين مواده، فصيغته بموجب المادة الثانية (التي تناقض الأولى)، وبعكس ما أرادته اللجنة بالتأكيد، تجيز لجميع الكويتيات الموظفات طلب التقاعد بعد خدمة 15 سنة، إذا بلغن السن المحددة، دون خضوع معاشهن التقاعدي لأي تخفيض، أما المادة الأولى فبموجبها قد تفقد المرأة حتى 50% من معاشها إذا تقاعدت بعد 20 سنة خدمة وعمرها 40 عاماً.

غير أن هذا لم يكن العوار الوحيد بالقانون، فبموجب نفس المادة الأولى وبعكس ما أرادته اللجنة (لاسيما في ملاحظاتها)، فإن نسبة الـ2% التي يتم خصمها من المؤمن عليه إذا تقاعد بعد 30 سنة خدمة مع عدم وصول سنه إلى 55، تتحملها الخزانة العامة للدولة، بينما أكدت اللجنة، في مقدمة تقريرها وفي حديث رئيسها، أن هذه النسبة ستصبح على المؤمن عليه عن كل سنة حتى يكمل السن القانونية.

وتراجعت اللجنة عن إلغاء شرط العمر للتقاعد، إذ أعادته إلى القانون الجديد كما كان، (55 سنة للرجل و50 سنة للمرأة) بغض النظر عن سنوات الخدمة، لكن نسبة الخصم التي تمتد مدى الحياة تختلف، فإذا كانت سنوات الخدمة 30 للرجل و25 للمرأة تخصم نسبة 2% عن كل سنة، وإذا كانت أقل من 30 سنة، تخصم 5% وصولاً إلى السن القانونية للتقاعد.

وضربت اللجنة مثالاً على ذلك بـ «رجل يبلغ 51 عاماً وأكمل خدمة 28 سنة ويرغب في التقاعد المبكر بعد 1 يناير 2020 فإنه يخصم من معاشه 20%، بسبب فرق السنوات الأربع بين عمره والسن المقررة للتقاعد وهي 55 سنة».

وبالنسبة إلى المرأة، فبموجب القانون الذي انتهت إليه اللجنة، فإنه إذا رغبت امرأة في التقاعد وتبلغ من العمر 48 عاماً ولديها 30 سنة خدمة، فإنه يخصم من معاشها 4% بسبب فرق السنتين بين عمرها والسن المقررة لتقاعدها وهي 50 سنة.

ولم تقف التعديلات عند ذلك الحد، فقد ألغى القانون الجديد «الضمانة التي كانت موجودة في المادة الثانية منه»، والتي وضعتها اللجنة المالية في تقريرها الأول لتكون عوضاً عن المادة الرابعة، حتى لا تكون هناك إحالات جبرية للتقاعد المبكر، إذ كانت تنص في التقرير الأول على أن تكون الإحالة بناء على رغبة المؤمَّن عليه.

وصرح النائب علي الدقباسي، أمس، بأن «‏ما وافقت عليه اللجنة هو المشروع الحكومي لا الاقتراح بقانون الذي قدمته، والذي مر بمراحل بحث ودراسة من شركة متخصصة، وسبق أن تمت الموافقة عليه وردته الحكومة بسبب المادة 4»، مستدركاً: «لن أتعجل في إعلان رأيي في المنشور إعلامياً حتى أطّلع على التفاصيل».

من جهته، قال النائب رياض العدساني، لـ «الجريدة»: «يجب أن يحفظ قانون التقاعد المبكر حقوق المتقاعدين، ولا يلتهم جزءاً كبيراً من رواتبهم».

ويواجه القانون الجديد اختباراً حقيقياً اليوم، إذ إن الحكومة متمسكة بما انتهت إليه اللجنة المالية البرلمانية، أمس، وأي تعديلات جوهرية عليه ستجعلها تلوح باستخدام حق «الفيتو» في رده، أما أغلبية النواب فيرون أن التعديلات التي أدخلتها اللجنة نسفت القانون من محتواه، وبالتالي سيضر بالمواطن، فهو بمنزلة «عسل مر»، ويحتاج في جميع الأحوال إلى ضبط صياغته ومعالجة تناقضاته.