تترقب بريطانيا تصويتا في مجلس العموم على خطة رئيسة الوزراء المحافظة تيريزا ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي، التي تواجه رفضا من قسم كبير من حزب ماي ذاته، ومن المعارضة العمالية، وسط ترجيحات واسعة بأن يتم رفض الاتفاق.

وأجمع نواب محافظون على أن مجلس العموم يتجه إلى رفض مسودة الاتفاق، الأمر الذي سيضفي شكوكا على مستقبل ماي.

Ad

ويبدو شبه مؤكد أن تؤدي هزيمة ماي في مجلس العموم إلى تصويت لحجب الثقة عنها من جانب المعارضة، أو قد تفضي حتى إلى تحد لقيادتها من داخل حزبها المحافظ. وأصر وزير شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في الحكومة البريطانية أمس ستيفن باركلي على أن التصويت الحاسم في البرلمان سيتم في موعده المقرر الثلاثاء، بعد أن ذكرت صحيفة «صنداي تايمز» أن رئيسة الوزراء ستعلن تأجيل التصويت البرلماني على صفقة الخروج للسفر إلى بروكسل، في محاولة أخيرة لإقناع زعماء الاتحاد الأوروبي بتخفيف شروط الاتفاق.

وشدد باركلي على أن ماي يمكنها أن تبقى في منصبها إذا خسرت التصويت.

وفي حال رفض البرلمان الاتفاق بإمكان رئيسة الوزراء أن تواجه مطالبات بالتوجه إلى بروكسل، ومحاولة الحصول على تنازلات من الاتحاد الأوروبي قبل طرح الاتفاق في جلسة تصويت ثانية بالبرلمان.

ورفض قادة الاتحاد الأوروبي احتمال إعادة التفاوض، لكن مصادر أوروبية أشارت إلى إمكان إدخال تعديلات على الإعلان المرافق بشأن العلاقات ما بعد بريكست.

وقال مصدر أوروبي مطلع، طلب عدم كشف هويته لوكالة فرانس برس، إن «تيريزا ماي ستحضر القمة الأوروبية في 13 و14 ديسمبر، وستطلب إعادة التفاوض، وهو ما سيرفضه القادة الـ27، بعدما تم الاتفاق على النصوص»، مضيفا: «سيلجأون إلى بروتوكول أو توضيح لنقطة تعد مهمة ليعودوا بعد ذلك إلى البرلمان».

ومع امتلاك النواب صلاحيات واسعة لبت المسألة، بإمكانهم الضغط من أجل خطة بديلة تتبنى بريطانيا بموجبها بريكست «ناعما»، يبقيها ضمن التكتل التجاري التابع للاتحاد الأوروبي (المنطقة الاقتصادية الأوروبية)، في ظل ما يعرف بـ«خيار النروج».

ورغم أن البقاء ضمن السوق الموحدة سيتطلب الحفاظ على حرية حركة مواطني الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا، وهي نقطة خلافية بالنسبة لماي وكثير من الناخبين الذين صوتوا لمصلحة بريكست، إلا أن خيارا كهذا يمكن أن يحصل على موافقة الغالبية بالبرلمان ليتم تمريره في جلسة تصويت ثانية.

لكن هناك عقبة محتملة هي أنه سيكون على بريطانيا مواصلة دفع مبالغ كبيرة للمساهمة في ميزانية الاتحاد الأوروبي، وهو أمر يرفضه كثيرون.

وهناك تسريبات بأن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي «يناورون» لإيجاد طريقة تمكن التكتل من توسيع «المادة 50» للسماح باتفاق معدل أو سيناريوهات أخرى كاستفتاء ثان.

ومن المقرر أن تنسحب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس 2019، بعدما فعلت لندن «المادة 50» (الآلية المستخدمة للخروج من التكتل) قبل عامين من ذلك التاريخ.

وحذرت ماي في وقت سابق من أنه في حال صوت النواب ضد خطتها، فإن البلاد معرضة لخطر الخروج من الاتحاد في الموعد المذكور بدون اتفاق.

ويعني ذلك قطع العلاقات فجأة مع أقرب شركاء بريطانيا التجاريين، وسط مخاوف من تعطل الرحلات الجوية ونقص الأدوية وتعطل الموانئ والطرق السريعة.

بدوره، حذر مصرف إنكلترا من أزمة مالية تتسبب في هبوط أسعار العقارات وقيمة الجنيه الإسترليني.

ويعتقد عشرات من أشد مؤيدي بريكست، يقودهم المتشدد جاكوب ريس-موغ، أن عدم التوصل إلى اتفاق هو أفضل من الاتفاق الحالي الذي يبقي البلاد على علاقة وثيقة بالاتحاد الأوروبي، لكن هذا الرأي يفتقر إلى دعم الغالبية في البرلمان.

وتلقى حاليا الدعوات لإجراء استفتاء ثان دعما كبيرا من عشرات النواب. واستبعدت ماي مرارا إجراء تصويت ثان، لكنها قد تواجه ضغوطا من أجل الدعوة إلى استفتاء جديد في حال تعرضت بريطانيا لشلل سياسي.

وحصل أنصار استفتاء ثان على دعم من رأي قانوني صدر عن محكمة العدل الأوروبية الأسبوع الماضي، يشير إلى أن لدى بريطانيا حقا أحادي الجانب في التراجع عن قرارها بشأن بريكست. ويتوقع أن تصدر المحكمة قرارها النهائي اليوم.

وبإمكان رئيسة الوزراء أن تحاول الخروج من الطريق المسدود في البرلمان عبر الدعوة إلى انتخابات عامة، لكنها ستحتاج إلى دعم ثلثي النواب للقيام بذلك. وبإمكان غالبية بسيطة من النواب أن تطيح بحكومتها عبر تصويت لحجب الثقة.

وقد يؤدي ذلك إلى تشكيل حكومة جديدة مكونة على الأرجح من ائتلاف للأحزاب، في حال وافق النواب على ذلك في غضون أسبوعين، وإلا ستتم الدعوة لإجراء انتخابات عامة.

وأعلن الحزب الديمقراطي الوحدوي في أيرلندا الشمالية المؤيد لبريكست، والذي يدعم حكومة ماي، أنه سيصوت ضد مسودة الاتفاق، لكنه لن يسعى إلى الإطاحة برئيسة الوزراء.