ردود الفعل الشعبية على إحالة استجواب رئيس مجلس الوزراء إلى اللجنة التشريعية في مجلس الأمة، كانت أكثر غرابة من قرار المجلس نفسه في هذا الشأن! والسؤال الذي يوجه إلى الكويتيين بشكل واضح ومباشر هل فعلاً كنتم تتوقعون غير هذه النتيجة؟ إذا كانت الإجابة بنعم فهذا بلا شك يعكس حالة مرضية في الوعي السياسي الشعبي، ويحمل نذير شؤم لأن الكويتيين، وعبر تاريخهم السياسي، كانوا أكثر فطنة ودراية في الشأن العام، وحتى لو قبلنا بأن حالة الوعي السياسي قد تراجعت فإن أحداث المجلس الحالي فقط كفيلة بأن تشخّص لنا حجم ومستوى وأداء مجلس 2016، فقبل أقل من سنة كنا أمام المشهد السياسي نفسه، وعلى موعد مع استجواب سابق لرئيس الحكومة مآله كان في خبر كان، فلماذا فوجئ الكثير من المواطنين من المسرحية الجديدة أو أحد فصولها الأخيرة؟

وحتى لا تتفاجأ عزيزي المواطن أو تغضب مجدداً، فهناك مشاهد أخرى ستراها قريباً، وهي عبارة عن عملية "قص ولصق" لما جرى بعد استجواب رئيس الوزراء في العام الماضي، فقد يكون هناك استجواب قادم لوزير النفط، وأبطال الاستجواب هذه المرة سيكونون ممن شاركوا في قتل استجواب رئيس هذا الوزير كنوع من استعراض القوة أو محاولة لإيهام ناخبيهم بأنهم ليسوا "حكوميين"! وكأن الوزراء نزلوا بالبراشوت أو لا يمثلون تضامناً وزارياً أو من يوفر لهم الحماية السياسية، الأمر الذي يجب أن يفهمه أي نائب في مرحلة الروضة السياسية! ولكن كالمرة السابقة تبقى الآلية التي نفذ منها السيد الوزير من استجوابه السابق ستتكرر مرة أخرى فقط، ولأن الأدوار فقط ستتبدل، ولكن سفينة المجلس تسير في المسار المخطط لها.

Ad

أكثر ما يثير الضحك والشفقة في قرار دفن استجواب رئيس الوزراء أمران، الأمر الأول يتعلق بمواقف بعض النواب الحاليين ممن هاجوا وأزبدوا واعترضوا على إحالة استجوابات سابقة إلى اللجنة التشريعية، في حين اعتبروا إحالة الاستجواب الأخير إلى اللجنة ذاتها قمة الأمانة والعدالة والمصداقية، فكم كانت هذه المواقف رخيصة!

أما الأمر الثاني فيخص بعض النواب السابقين والشخصيات السياسية ممن كانوا "فداوية" للحكومة ورئيسها في مجالس سابقة، وتعودوا على "رز وجوههم" بمناسبة وغير مناسبة في الدفاع المستميت عن المعزّب السياسي، واليوم قلبوا الدنيا عويلاً على وأد الاستجواب وصاروا يشيدون بمواقف الذين يبيضون الوجه، وكأن لسان حالهم يقول يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً، فكم هذه الشعارات باتت أكثر رخصاً!

لله در من قال: "لا خير في أمة يكون السيف في يد جبنائها والمال في يد لصوصها والقلم في يد منافقيها"، وكأنه يعيش بيننا ويشرح حالنا في ظل توزيع مصادر القوة والثروة والإعلام، مما يوصلنا إلى الحقيقة المُرة بأنه فعلاً لا خير فينا!