ديوانك الجديد «صباح شهي للبكاء»، هل يعكس العنوان ذاتك ومعاناتك؟

ما من كلمة انتزعها منّي ورضيت بها في حقول أوراقي، إلا وكانت صورة صادقة عن ذلك الوجع الذي يتكاثر بي يوماً بعد يوم وبشكل جنوني، وعنوان كتابي الثالث «صباح شهي للبكاء» هو وجهي الناصع الواضح الذي أحب، ويصلح لأن يكون عنواناً لمشوار حياة كاملة وأكثر...

Ad

يضمّ الديوان قصائد نثرية منمنمة زاخرة بالصور، هل تسير من خلالها على نهج قصيدة النثر أم تأتي الصور عفوية؟

لا أكتب إلا بعد صراع طويل مع الفكرة، فإن هزمتها ابتهجت واكتفيت بدفنها، وإن انتصرتْ عليّ كتبتها قصيدة مسكونة بالفخر والاعتزاز والألم. أردت من خلال هذا الكلام تأكيد عفوية ولادة الصورة الشعرية عندي التي تأتي بكامل إرادتها بعيداً عن أي ضغط وتدخل خارجي.

لغز وتمرّد

تبدو المعاني في قصائدك مستترة، فهل تقصد من خلال ذلك تغليفها بما يشبه اللغز لإقامة نوع من جدال مع القارئ؟

وكيف أنفي ما هو حقيقة وثابت عندي، نعم إنها طريقتي الخاصة في الكتابة. أكتب وأتعمد التعميق وأغرس اللغز كالسر في القصيدة، لأحررها من وباء الملل والتكرار القاتل، ولأمنحها الدهشة التي تجعلها أكثر سحراً.

إلى أي مدى تعتمد في شعرك على إشكالية الحداثة المرتكزة على الإنسان المقهور؟

بطبيعة الحال نحن حين نكتب لا نبتعد عنّا، وإن فعلنا نعيش الفكرة ونرتديها كقميص، ومع هذا الالتصاق ننجح في سماع تنهدات الألم العميقة، والقهر مادة واسعة فيها كثير من اللمعات الرقراقة.

الرفض والخيبة والحزن والتحدي في مواجهة السائد حالات تعكسها في قصائدك، فهل هي وليدة تجارب شخصية أم تمرّد على الأوضاع من حولنا؟

لنكون أكثر دقة، لم لا نقول وليدة تمرّد على الأوضاع نتيجة تجربة شخصية، وأسأل أنا هنا وهل نحن إلا أسرى التجارب..!؟

الشاعر لا يختلف عن مطلق شخص يملك رؤية وأحاسيس وقدرة على تعرية الأشياء من الوهم، وأنا لا أكتب إلا لأضيف شيئاً، والقصيدة التي لا يؤثر غيابها، وجودها لا فائدة منه.

تدعو في قصائدك إلى التحرر في سبيل التغيير، فهل تعتبر أن ذلك يمكن تحقيقه في الواقع أم يبقى بين السطور؟

أكثر ما يؤثر في الإنسان هو الكلمة، لهذا أنا أكتبها واثقاً بأن أحداً ما سوف يقف مفكراً متسائلاً وهذا يكفي... التفكر والتأمل هما البداية للانطلاق منا إلينا أولاً، ثم إلى الآخرين...

في قصائدك رؤية شاملة للحياة ولله، فهل تقصد من خلالها الغوص في البعد الكياني للإنسان؟

صحيح، فأنا أكتب كل ما نراه ونعيشه ونصطدم به في يومياتنا. أكتب لأنجو بنفسي من صراخ هذا الفراغ الذي ينتشر كوباء... أكتب كي أخفف عني بعضاَ من هذا الموت القابع بي... وحين أنظر إلى الله فأراه.. أبتسم وأضحك، وأكتب لأقول بصدق وجرأة ما يهابه كثيرون.

الذات والمرأة

كتابك الأول «سقوط من الهاوية» والثاني «زرعوا رجلاً في الأرض» يحفلان برحلة بحث عن ذاتك وعن الآخر، فهل لقيتها في ديوانك الجديد؟

نحن نمشي لا لنصل، كذلك نفكر.. كذلك نتأمل.. كذلك نكتب.. لا شيء يكتمل.. فقط نحن نضيء على الأسئلة كي لا ينال منها اليأس.. لا بأس إن أتلفنا الأجوبة الباهتة التي لا تضيف شيئاً، وأستطيع القول إنني في كتابي الثالث «صباح شهي للبكاء» استطعت انتشال الكثير من الأفكار الصعبة التي كانت غارقة في بئر التردد والخوف والقلق ...

إلى أي قارئ تتوجه في شعرك؟

الكلمة نفسها للجميع، الجملة نفسها للجميع، كذلك القصيدة نفسها للجميع.. هكذا أنا في كل ما كتبت.. المتلقي واحد عندي، وأستطيع مخاطبة الجميع بنفس اللحظة وكل بما يملك من قدرات.

كيف ترسم المرأة في شعرك؟

بكل بساطة أرسمها كما يجب أن تكون، وأمنحها جناحي فراشة، وصوت كنار، وجنون غيمة. وأفلتها وأحررها مني كي تكون كما يشتهي جنوني.

ما الجديد الذي تحضّر له راهناً؟

لا أعرف.. ولا أريد أن أعرف.. أحب هذا الضياع الذي يحيط بي، هذا اللااستقرار، وكل ما أفكر به هو القفز بكتابي المقبل إلى مكان أنا أجهله، سأقرأ الفلسفة من جديد، أريد أن أعيش ذلك التخبط الذي يخشاه الجميع..

قصيدة النثر

اختار الشاعر علي سلمان قصيدة النثر وسيلة تعبير له، حول أسباب هذا الاختيار يوضح: «لا أسباب مباشرة ، لكن بكل بساطة أقول اخترتها لأنني أجد نفسي بها، تلك الحرية أحتاج إليها. لا أحب الأقفاص والنظام والقوانين... في النثر أنساب وأسترسل كما أشاء، أرتفع كغيم جريء متى شئت، وأسترسل كشلال مجنون مع الفكرة والمعنى واللغة.. وماذا أريد غير ذلك لأقول ما يغلي بي من أفكار...

حول كتابته شعراً باللغة المحكية أحياناً، وهل يقصد ذلك أم أن الفكرة تفرض طريقة التعبير، يقول: «لا..لا أتعمد ذلك.. الفكرة والمناخ الخاص هما ما يحدد شكل القصيدة، وما أنا سوى المتلقي الأول لكن بصلاحيات واسعة...».