قتل أربعة أشخاص هم شرطيان ومدنيان، أمس، في هجوم شنه مسلحون بحوزتهم قنابل يدوية، ويرتدي أحدهم سترة ناسفة، لاقتحام قنصلية الصين في كراتشي كبرى مدن باكستان، وتبنته مجموعة بلوشية انفصالية تتهم باكستان جارتها الهند بتمويلها.

وبعد هذا الهجوم الجديد الذي يستهدف مصالح صينية في باكستان، حيث تستثمر بكين عشرات المليارات من الدولارات، أعلن وزيران باكستانيان أن قوات الأمن قامت بإحلال الأمن في المنطقة وقتلت المهاجمين.

Ad

ودانت الصين بحزم الهجوم، وطالبت باكستان باتخاذ إجراءات ملموسة لضمان أمن المواطنين والمؤسسات الصينية على أراضيها.

وقال قائد شرطة كراتشي أمير شيخ إن ثلاثة مسلحين حاولوا دخول القنصلية في المدينة الساحلية الواقعة في جنوب باكستان، لكن اعترض طريقهم حراس عند نقطة تفتيش.

وصرح علاء بخش الحارس في منزل مجاور، وكان شاهدا على الهجوم: "كانوا يحملون رشاشات. ألقوا أولا قنابل يدوية ثم بدأوا إطلاق النار".

وتابع قائد شرطة كراتشي أن اثنين من أفراد الشرطة قتلا. وصرح مسؤول آخر في الشرطة أن أحد المهاجمين كان يرتدي سترة ناسفة، لكنها لم تنفجر.

وأكد كليم إمام قائد شرطة ولاية السند وعاصمتها كراتشي أن مدنيين "هم أب وابنه جاءا إلى كراتشي من كويتا (عاصمة بولشستان المجاورة) للحصول على تأشيرة دخول إلى الصين" قتلا أيضا في إطلاق النار.

وتبنت مجموعة انفصالية ناشطة في إقليم بلوشستان الباكستاني الهجوم. وقال الناطق باسم "جيش تحرير بلوشستان" جياند بلوش: "قمنا بهذا الهجوم وتحركنا مستمر".

ويظهر في صورة نشرتها المجموعة على تويتر ثلاثة رجال قالت إنهم منفذو الهجوم، أمام علم بلوشي.

وقال الناطق باسم "جيش تحرير بلوشستان" في اتصال هاتفي مع فرانس برس: "نعتبر الصينيين ظالمين مثل القوات الباكستانية"، لأن هاتين المجموعتين "تدمران مستقبل بلوشستان" على حد قوله.

ودعت المجموعة الصين إلى الرحيل أو "الاستعداد لاستمرار الهجمات".

و"جيش تحرير بلوشستان" من المجموعات الناشطة في بلوشستان أكبر وأفقر أقاليم باكستان، ويشهد حركات تمرد إثنية وانفصالية يطالب بعضها بحكم ذاتي للمنطقة، بينما تريد أخرى الاستقلال.

ويشكو سكان هذه المنطقة الغنية بالثروات وتقع على حدود إيران وأفغانستان، منذ فترة طويلة من أنهم لا يتلقون حصة عادلة من أرباح المناجم.

وأكد رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان أن الهجوم لن يؤثر على العلاقات بين اسلام أباد وبكين التي وصفها في بيان بأنها "أعلى من الهيمالايا، وأعمق من بحر العرب".

وأمس أيضاً، أدى انفجار قنبلة في سوق في المنطقة الشمالية الغربية القبلية في باكستان إلى سقوط 31 قتيلا وأكثر من خمسين جريحا.

وقدمت الصين التي تعد من أقرب حلفاء باكستان، مليارات لهذه الدولة الواقعة في جنوب آسيا في السنوات الأخيرة في إطار مشروع هائل للبنية التحتية يصل بين إقليم شيجيانغ الصيني ومرفأ غوادار على بحر العرب.

و"الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان" واحد من أكبر مشاريع المبادرة الصينية (حزام واحد طريق واحد)، الذي يشمل شبكة طرق برية وبحرية تشمل 65 دولة.

وشهدت كراتشي، التي تعد مركزا ماليا وأكبر مدينة في باكستان يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة، سنوات من العنف السياسي والطائفي والاتني ارتكبته مجموعات مسلحة أو اجرامية.

وقال مسؤول كبير في إدارة إقليم اوراكزاي خليل إقبال إن الاعتداء وقع في سوق أمس في كالايا، وهي منطقة غالبية سكانها من الشيعة، في منطقة أوراكزاي القبلية. وتابع إقبال أن النتائج الأولية تشير إلى أن الانفجار نجم عن «عبوة يدوية الصنع وضعت في صندوق خضراوات». وقال المسؤول أمين الله إن 31 شخصا قتلوا من بينهم 22 شيعيا.

وتابع أن أكثر من 50 شخصا جرحوا من بينهم 17 في حالة حرجة. وأوراكزاي هو واحد من سبعة أقاليم بالمنطقة القبلية شبه المستقلة على الحدود الأفغانية، ووصفه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في الماضي بأنه «أخطر مكان في العالم».

وتؤكد واشنطن أن المنطقة القبلية تشكل ملاذا لناشطين بعدد من التنظيمات، بما فيها حركة طالبان وتنظيم القاعدة، وهي اتهامات تنفيها باكستان.

وتقول باكستان التي انضمت إلى الحرب على الإرهاب في عام 2001، إنّها دفعت الثمن غاليا لهذا التحالف.

ومنذ منتصف 2014، بدأ الجيش الباكستاني عملية عسكرية على المجموعات المتطرفة المتمركزة في هذه المنطقة، إثر اعتداء تبنته «طالبان الباكستانية» على مدرسة في بيشاور خلّف أكثر من 150 قتيلا معظمهم من التلاميذ.

وبعد عامين، أكد الجيش أنه تمكن من تطهير المنطقة. لكن المحللين حذّروا منذ فترة طويلة من أن باكستان لا تعالج الأسباب الجذرية للتطرف، وأن المتشددين يحتفظون بالقدرة على شن هجمات كبيرة.

ويشكو سكان المنطقة باستمرار من مضايقات الجيش الباكستاني، ويتحدثون عن اختفاء أشخاص وعمليات قتل خارج إطار القضاء.

وتبنت باكستان مطلع العام الحالي قانونا يمهد لدمج المنطقة القبلية بولاية خيبر بختونخوا المجاورة، لإدخالها الى الساحة السياسية في البلاد.

وهذا الإجراء سيسمح بفرض النظام القضائي الباكستاني في منطقة ما زالت تحكمها قوانين تعود إلى عهد الاستعمار البريطاني والنظام القبلي، وكانت دائما على هامش الدولة.