تعيد الممارسة الفنية لحاتم إمام النظر في أسلوب العرض، بهدف غرس الشعور بالانتماء إلى مساحات مادية واجتماعية أو الشعور بتملّكها، من خلال استقصاءات بصريّة، تمتدّ عبر وسائل عدة، وحديثاً عبر تقنيات الطباعة التقليدية.

يقترح معرض «عتبة» تمديد النقاش الدائر حول الإطار، وآليات التأطير المتجذّرة في مفهوم التمثيل في الفن، وهو الموضوع الذي غذّى حججاً أساسيّة حول نظريتيّ الفن والفلسفة. تعمل مساحة صالة العرض، وهي إطار افتراضيّ وعنصر قوّة داخل هيكل الفن، على تحديد أساليبنا الخاصّة برؤية الفنّ وفهمه، كذلك تسعى إلى تحويلها وتغييرها.

Ad

تركيبة مجرّدة

يحتضن المعرض لوحات معدنية ومطبوعات، باستخدام تقنيات نقش ونمط أحادي، في مسعى إلى اقتراح انعكاس حول مساحة المعرض، باعتبارها آلية تأطير مادية واجتماعية، ضمن مشهد عالم الفن، وبشكل أكثر تحديداً ضمن مجال الفنّ نفسه.

يبدو المعرض، من الخارج، كأنّه تركيبة مجرّدة مصنوعة من مساحات وملامس مختلفة، ومواد متنوعة، بعضها على هيئة إطارات متدلّية من السقف وبعضها الآخر مركّز على الأرض. أما الزائر، فيجد نفسه مدعوّاً لدخول المعرض واجتياز حدود مادية، مجسَّدة بتدخّل بارع وخفيّ داخل هذه المساحة، لتعلن عتبات اجتماعية واقتصادية أخرى، التي تمثّلها صالة العرض.

يشكل المعرض  تجهيزاً غامراً للآراء المؤطّرة، تدور في فلك العرض، بالاستناد إلى الممارسة الفنية لإمام التي تسعى إلى حشد موقفه تجاه العالم، المدينة، المناظر، الأحلام، الخيال المتوقَّع أو المتخيَّل.

تعتمد الأعمال المعروضة على الحدود التي تفصل الداخل عن الخارج، والتجريد عن التشكيل، والتفاصيل المكبَّرة عن المناظر الطبيعية العريضة، من خلال أسطح مخدوشة أو مغطاة بطبقات، ومن مقاسات وأشكال ومواد مختلفة: معدن وحجر وورق وبلاستيك.

أحلام متقلّبة

في سلسلة أعمال سابقة ومنقوشة عنوانها «أحلام متقلّبة»، تعود إلى عام 2010 وتستند إلى صور فوتوغرافية التُقطَت في مواقع حفر في بيروت، استكشف الفنان فكرة العتبة الماديّة والاجتماعية، على نحو أبعد من مجرد الانشطار بين الحدّين الأسفل/ والأدنى، الذي نراه مجدّداً في هذا المعرض، كتذكير بالعتبات غير المادية التي تقولب رؤيتنا للعالم، كالأفق.

تعليقاً على المعرض، قال حاتم إمام: «على نحو مماثل لفتحة عدسة الكاميرا، أو نافذة تشرف على منظرٍ ما، مساحة صالة العرض ليست إلا إطارًا من صُنع إنسان، نرى من خلاله العالم أو ذاك الجزء من العالم الذي نعتبره جديراً بأن يُرى».

حاتم إمام

حاتم إمام فنان بصري من مواليد عام 1978 صيدا، لبنان. حاصل على بكالوريوس في التصميم الغرافيكي في الجامعة الأميركية في بيروت، وماجستير في الفنون الجميلة في جامعة الفنون الإبداعية في كانتربري، المملكة المتحدة. وهو عضو «أطفال أحداث» عمل جماعي لفنانين، ومؤسس- شريك في مجلة «سمندل» للشرائط المصورة (الكوميكس)، وأستاذ مدرّس في «قسم العمارة والتصميم الغرافيكي»، في الجامعة الأميركية في بيروت منذ العام 2007.

عام 2017، شارك إمام في مشروع متخصّص في العمل الطباعي في منطقة كاسترلي، ببلجيكا. كلّفته Temporary Art Platform بمَهمّة القيام بعمل فنّي يُعرض للعموم، وينتمي إلى فئة الأعمال المرتبطة بالموقع، كي يُعرض في المبنى المشيّد حديثاً لـ«المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت».

نُشِرَت أعماله في مطبوعات مستقلّة، وعُرِضت على المستويين المحلّي والعالمي في: بروكسيل، البرازيل، سياتل، بيروت، طوكيو، بينالي الشارقة العاشر...

أماندا أبي خليل

منسّقة مستقلة من مواليد عام 1985، بيروت، لبنان. صوّبت مشاريعها الخاصة في تنظيم المعارض على الممارسات الفنية المرتبطة بالأوضاع الاجتماعية. أسست Temporary Art Platform، وهي منصّة تنظيمية، هدفها تحويل الخطاب الفنّي وتنظيم المعارض، باتجاه الانخراط في المسائل الاجتماعية ذات الصلّة بلبنان، من خلال مشاريع بحثية وأعمال تكليف.