المطر خير وبركة ونعمة من الله، ولا حياة من دونه، قال تعالى الله في كتابه الحكيم، "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ"، وهذا المطر حين يهطل نسمع لصوته إيقاعاً يفوق كل المقطوعات الموسيقية، وهنا يحضرني أبيات لشاعرتنا الكبيرة سعاد الصباح عن المطر:

"فاهتماماتي صغيرة ... وهواياتي صغيرة

Ad

وطموحي هو أن أمشي ساعات وساعات معك

تحت موسيقى المطر".

وقد يكون المطر نافعاً أو ضاراً، لذلك من السنّة أن نقول عند نزوله: "اللهم صيباً نافعاً". (رواه البخاري)، والصيّب: المطر. وفي هذا الدعاء دلالة على أن المطر قد يكون نزوله رحمة ونعمة، وهو النافع، وقد يكون نزوله عقوبة ونقمة وهو الضار.

ولا بد أن كلا منا لديه ذكريات جميلة وربما حزينة مع المطر، ومن ذلك ما يقوله الروائي والأديب السعودي عبدالرحمن منيف: "إذا سقط المطر يتملكني حنين لا يوصَف لأن أبكي".

ومن الذكريات الحزينة لأهل الكويت قديما مع المطر الضار ما حدث سنة "الطبعة" التي غرقت فيها السفن الكويتية بسبب إعصار بحري حدث بين الهند ومسقط في المحيط الهندي قبل دخولهم مضيق هرمز المؤدي إلى الخليج العربي، وذلك في سبتمبر من عام 1871م ولم ينجُ منها إلا النادر من السفن، وكذلك حوادث سنة الهدامة الأولى والثانية وغيرهما.

وقبل أيام قليلة نزل مطر غزير في الكويت أدى إلى إغلاق بعض الطرق، وحدثت أضرار مادية قُدرت بملايين الدنانير بسبب تجمع المياه فيها لسوء الصرف الصحي، الذي لم يتحمل كمية المطر المنهمرة، والتي وصلت في بعض المناطق إلى 57 ملم، ومما يؤسف له أن نتضرر من الماء الذي ندعو الله أن يغيثنا به لأنه نعمة عظيمة.

لكن الجانب المشرق في هذه الكارثة أن الحكومة كانت على أهبة الاستعداد بجميع الوزارات المعنية، لا سيما أن سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح، أعطى تعليمات صارمة حينما وصلته الأنباء عبر الأرصاد الجوية التي توقعت هطول كميات كبيرة من المطر ليلة الثلاثاء، وذلك خلال انعقاد مجلس الوزراء مساء الاثنين، بضرورة اتخاذ كل ما من شأنه المحافظة على سلامة المواطنين والمقيمين.

فأصدر منذ ساعات الصباح الباكر قرارا بتعطيل الوزارات والمؤسسات الحكومية لتلافي أي أضرار قد تصيب المواطنين، وكانت جميع الوزارات المعنية بدءا بالوزراء ثم الوكلاء ثم الفرق الفنية من شباب الكويت على رأس عملها، سواء من الهيئة العامة للطرق أو الدفاع المدني أو الإطفاء أو وزارة الداخلية أو الصحة، كلهم يتابعون، كل في مجاله، عملهم للتخفيف من الأضرار والإصابات التي قد تحدث.

ومما يحسب لسموه أيضا أن هذه الأضرار التي وقعت لم تمر دون محاسبة للمقصرين في عملهم، وذلك حين أعطى تعليمات للوزراء المعنيين باتخاذ الإجراءات العقابية اللازمة على كل مقصّر في عمله.

ونتمنى على سمو الرئيس الاستمرار في هذا النهج في المحاسبة لكل من يتهاون في عمله، حتى لا يتمادى الآخرون في الخطأ وتصبح المصيبة أعظم، وتحية إجلال وإكبار لكل من بذل وسعى من شباب الكويت في سبيل تجاوز هذه الأزمة، وحفظ الله الكويت وأهلها من كل مكروه.