حان موعد تطبيق العقوبات الأميركية على إيران، وتعيد إدارة ترامب التفكير في مدى حدة تأثيراتها، ولنكون أكثر دقة يجب الاعتراف بوجود خلافات داخل ادارة ترامب في هذا الصدد.

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن وزير الخزانة الأميركي ستيف مونشن يميل نحو أسلوب أكثر حذراً، وهو ما يعني الاحجام عن معاقبة الاتحاد الأوروبي بسبب حفاظه على علاقاته التجارية مع طهران.

Ad

وتتمثل احدى القضايا الرئيسية في استخدام نظام سويفت المصرفي الذي يتسم بأهمية في التعاملات المالية العالمية. ويساعد هذا النظام في معالجة الدفعات المالية الدولية، وكان التعاون في "سويفت" خلال الدورة السابقة من العقوبات على ايران بين 2012 و2016 مؤثراً في عزل ايران.

وفي هذه المرة أيضاً تقاوم أوروبا "الضغط الأقسى" من جانب الولايات المتحدة. ويطلب الاتحاد الأوروبي من الشركات الأوروبية عدم التقيد بالعقوبات الأميركية، على الرغم من عدم وجود استجابة للطلب الى حد كبير، رغم ذلك، يوجد خلاف بين كبار المسؤولين في ادارة ترامب حول المدى الذي يتعين المضي اليه.

وأبلغ وزير الخزانة الأميركي صحيفة وول ستريت جورنال في الأسبوع الماضي أن "هدفنا هو التأكد من أن المؤسسات المالية لا تعالج إلى عمليات خاضعة للعقوبات".

وبينما تجري وزارة الخزانة الأميركية "مناقشات محددة جداً مع سويفت" – قال مونشن قبل أن يضيف "سأستخدم كل الأدوات المتاحة لي من أجل التأكد من عدم حدوث عمليات خاضعة للعقوبات".

وعلى أي حال، يحرص مونشن على عدم الضغط بشدة خشية أن يفضي ذلك الى درجة أقل من المساعدة من جانب أوروبا فيما يتعلق بايران.

ويخشى آخرون أن يحفز التشدد أوروبا وغيرها على السعي الى مصادر مالية بديلة يمكن أن تقوض هيمنة الولايات المتحدة على التمويلات الدولية في الأجل الطويل. ويبدو في الأساس أن الإفراط في استخدام العقوبات قد أضاف زخماً الى الجهود الرامية الى استخدام عملات بديلة للدولار الأميركي.

أداة غرض خاص

ويمثل جهد أوروبا الهادف الى اقامة "أداة غرض خاص" لمساعدة الشركات الأوروبية على تفادي العقوبات الأميركية دليلاً على هذا الخطر.

وألمحت تعليقات حديثة من جانب وزير الخارجية الفرنسي الى حملة أوسع نحو "أداة الغرض الخاص" بحيث تخفض النفوذ الأميركي. وكانت هذه الأداة وضعت من أجل الالتفاف على العقوبات الإيرانية، ولكن يمكن أن تكون لها استخدامات أوسع – وهي تهدف الى خلق أداة سياسية اقتصادية بالنسبة الى الاتحاد الأوروبي أبعد من هذه الحالة، ولذلك فهي خطة طويلة الأجل تحمي الشركات الأوروبية في المستقبل من تأثيرات العقوبات الخارجية غير القانونية، بحسب متحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية.

وفي غضون ذلك، لم يكن مفاجئاً أن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، الذي كان يدفع منذ زمن بعيد الى تغيير النظام في إيران يحبذ الأسلوب المتشدد، وهو يريد حظر "سويفت"، ومعاقبة البنوك التي تقوم بعمليات تجارية مع طهران.

وأفضت المعركة الداخلية الى تشويش والرسائل المختلطة تقلق العواصم الأوروبية، وأبلغ دبلوماسي أوروبي رفيع صحيفة وول ستريت جورنال في الأسبوع الماضي "نحن لا نزال في انتظار رد من الولايات المتحدة حول كل هذه القضايا".

ويدنو موعد الرابع من نوفمبر بسرعة، وعلى الرغم من التشويش المتعلق بكيفية عمل الولايات المتحدة فإن حملة الضغط قد أثرت على صادرات النفط الايرانية.

ويقال ان الحكومة الصينية أبلغت شركاتها المملوكة للدولة بعدم حجز مشتريات من ايران، وهي خطوة مفاجئة بعد أن تعهدت مراراً بعدم الاذعان للمطالب الأميركية. ويشكل قرار بكين ضربة كبيرة لطهران، ويمكن أن تترجم الى مزيد من خسائر التصدير لها.

وتقول الصحيفة إن "سي ان بي سي" و"سينوبك" لم تطلبا أي شحنة نفط من ايران لشهر نوفمبر، كما أن الصين استوردت في شهر سبتمبر 600 ألف برميل يومياً من النفط الإيراني.

وقد يوفر الهبوط الأخير في أسعار النفط فسحة اخرى لالتقاط الأنفاس بالنسبة الى الدول للانقطاع عن ايران والمزيد من الضغط لواشنطن، وهي تسعى الى انهاء صادرات النفط الإيرانية. وأبلغ مسؤول أميركي صحيفة وول ستريت جورنال "قد لا تكون هناك حاجة الى اعفاء، لأن مشتري النفط الإيراني أوقفوا التعامل التجاري مع طهران قبل بدء العقوبات".

وعلى أي حال فإن الصادرات لن تهبط الى الصفر. وقد طلبت الهند البعض من الشحنات في شهر نوفمبر، وهي تنشط للحصول على اعفاء من الولايات المتحدة. وستتمكن ايران أيضاً من تهريب شحنات وعمليات خصم من أجل ابقاء تدفق نفطها الى درجة ما.

والأكثر من ذلك، فإن التوقف التام عن تصدير النفط الإيراني بنسبة 1.6 – 1.7 مليون برميل يومياً (اعتباراً من سبتمبر) سيفضي على الأرجح الى تشدد في سوق النفط بقدر يفوق ما يرضي الولايات المتحدة – ونتيجة لذلك فإن صادرات النفط الإيرانية لن تهبط الى الصفر.