عندما ينقل مبعوثان عمانيان، أحدهما وزير الخارجية يوسف بن علوي، رسالتين من السلطان قابوس بن سعيد إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) في غضون نحو أسبوع واحد، فإن هذا يعني أن هناك أكثر من مجرد "تبادل أفكار"، وأن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى مسقط المثيرة للجدل ليست مجرد نزهة سياسية، وأنها جاءت في سياق إطلاق عملية سلام جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين يتردد أنها تستند إلى الخطة الأميركية التي كان أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحت عنوان "صفقة القرن".

وبالطبع فإنه لا يمكن توقع قفزة نوعية في هذا المجال وعلى هذا الصعيد خلال فترة قصيرة، فالأمور أكثر تعقيداً مما يرى الأميركيون، وهناك هوة فعلية بين ما يطرحه الإسرائيليون وما يتمسك به الفلسطينيون ويصرُّون عليه فرئيس الوزراء الإسرائيلي عرض حلاً على أساس "أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة " و"أبومازن" يصر على دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية... وليس أقل من هذا وعلى الإطلاق.

Ad

والواضح أن عُمان، حتى يتدخل السلطان قابوس وعلى هذا النحو، قد حصلت من الأميركيين، من الرئيس ترامب تحديداً، على ما هو أكثر كثيراً مما عرضه نتنياهو في معادلة "أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة"، فالعمانيون لا يمكن أن يخطوا حتى خطوة واحدة في هذا الاتجاه ما لم يحصلوا على ضمانات مسبقة بأن الأمور جدية، وأنها ليست مجرد قفزة في الهواء وعلى غرار محاولات كثيرة قام بها غيرهم.

وهنا فإن ما يبعث على طرح ألف سؤال وسؤال هو هذه الحملة الإعلامية الـ "تشكيكية" التي بادرت إليها جهات عربية وغير عربية ضد سلطنة عُمان بحجة أن زيارة نتنياهو إليها زيارة "تطبيعية" وكل هذا والمعروف أن مسؤولين عرباً ومن معظم، إنْ ليس كل الدول العربية، قد "تحلقوا" حول مائدة المفاوضات التي كان يجلس في منتصفها قبالة الوفد الفلسطيني، الذي كان حضوره ضمن الوفد الأردني، وفد إسرائيليٌّ عرمرمي بقيادة إسحق شامير نفسه.

إنه كان بإمكان سلطنة عُمان أن تنطوي على نفسها وألا تثير ضدها كل عاصفة الشتائم والاتهامات هذه لو أنها لم تحصل من الأميركيين ومن الإسرائيليين على ما يمكن تطويره بالمحادثات الصعبة والقاسية، وبحيث تكون النتائج ملبية لإصرار الفلسطينيين على دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية... وربما... ربما مع بعض التنازلات الشكلية التي لا تتناقض مع هذه التطلعات الفلسطينية!