هل جاءنا نموذج المدارس الحالية من غير الإمبراطورية البريطانية؟ كان مفهوم المدرسة في العالم مثل مفهوم الأكل عند الشعوب. لكل شعب طريقته ومكوناته المناسبة، المدرسة عند المسلمين كانت حفظاً للقرآن الكريم ثم العلم النافع بعد الفجر وباقي اليوم، فالإنسان حر في أن يقصد أي شيء في حياته. عند الآسيويين والأفارقة كانت فلاحة الأرض والتربية الدينية هما التنمية الطبيعية، إلى أن جاءت الإمبراطورية البريطانية وهيمنت على المسلمين وآسيا وإفريقيا مع قارتين جديدتين أميركا الشمالية واستراليا، فهل يبدو أنني سأصل إلى فكرة معينة؟ المدرسة الحالية هي ذات المعسكر الإلزامي القديم، طابور وتحية، وسكوت وقيام وجلوس، فمنذ الثورة الصناعية في إنكلترا، صارت الشعوب تكافئ الإنسان الأكثر تقمصاً لدور الماكينة، الأكثر إزهاقاً لحرية إرادته وعفويته، سيمنحه الأعلون كل الامتيازات التي هي أساساً من حقه، من أموال بلده وتقدير مجتمعه، فهل نتحول إلى إرهابيين ونفجر المدارس؟

المشاكل الاجتماعية لا يواجهها بشجاعة الإرهابيون الجبناء؛ الذين يهربون من الواقع بانتحار متأسلم؛ الحل الجاد هو بالتفكير! فلا يزول فكر إلا بفكر، وهو بالضبط ما فعلته أنظمة التعليم الخمسة الأكثر نجاحا في العالم متفوقة على نظام إمبراطورية بريطانيا المتخلف.

Ad

الأنظمة التعلمية الأعلى نجاحاً حسب الإحصائيات على مستوى العالم أجمع، هي: كوريا الجنوبية، اليابان، سنغافورة، هونغ كونغ، فنلندا. كل هذه الأنظمة تعترف بشيء جديد جدا، وهو أن العقول تختلف، لا تقاس العقول عموديا بل أفقيا، ففي اليابان يتخلصون تماما من وشوشة اللغويات والتربية ويركزون على العلوم فحسب، ولكن كيف؟ يشبه أسلوبهم النظام الإسلامي، حيث يعلم أول خمس إلى أربع سنين من حياة الطفل اللغة والأخلاقيات، بعد ذلك يركز على شيء نفقده، وهو العلم النافع للحياة الواقعية، بدون سجن التجنيد هذا الدائم مدة ١٢ سنة.

وفي الختام أحب أن أطمأن الكل بأن قطر سبقتنا باتباع النموذج الفنلدي، فحالياً هناك في المرحلة الابتدائية يمكث التلاميذ فقط أربع ساعات، اعترافاً بطفولتهم.